مودي في كييف.. خطوة دبلوماسية محفوفة بالمخاطر

محمد النحاس
رئيس الوزراء ناريندرا مودي مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي

جملة من الرسائل حملتها زيارة مودي إلى كييف.. ما أبرزها؟


وصل رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي إلى العاصمة الأوكرانية كييف، الجمعة 23 أغسطس 2024، في زيارة تُعتبر خطوة دبلوماسية متوازنة، بعد أن التقى بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو الشهر الماضي.

تُعد هذه الزيارة الأولى من نوعها لرئيس وزراء هندي إلى كييف منذ أكثر من 30 عامًا من تأسيس العلاقات الثنائية بين البلدين، وفق تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.

دلالة التوقيت

زيارة مودي إلى موسكو، التي تزامنت مع هجوم صاروخي روسي مميت على مستشفى للأطفال في كييف، أثارت قلقًا واسع النطاق في دول الغربية الداعمة لأوكرانيا.

وقد صرح مودي بأن وفاة الأطفال الأبرياء “مؤلمة”، معيدًا تأكيد موقف الهند الثابت بأن المشاكل السياسية لا يمكن حلها “في ساحة المعركة”، وفق موقع إذاعة أوروبا الحرة.

توقيت زيارة مودي إلى الهند يشير إلى أن نيودلهي تريد أن تبيّن موقفها المتوازن تجاه الحرب الروسية الأوكرانية، وأنه رغم تعاونها مع موسكو على العديد من الأصعدة، إلا أن شراكتها مع الغرب راسخة كذلك، كما تنأى بنفسها عن المجهود الروسي الحربي في أوكرانيا.

استقلال استراتيجي

يجب النظر إلى زيارة مودي إلى أوكرانيا كجزء من سياسة الهند مُتعددة الأبعاد “الاستقلال الاستراتيجي”.

تسعى الهند من خلال هذه السياسة إلى تحقيق توازن دقيق بين تعزيز شراكتها الأمنية مع الغرب، مثل مجموعة “الكواد” الأمنية مع أستراليا واليابان والولايات المتحدة، كحصن ضد الصين، وبين الحفاظ على علاقات دافئة تاريخيًا مع روسيا، التي تعتمد عليها الهند للحصول على الأسلحة والنفط بأسعار مخفضة.

موقف مركب

تخشى الهند أنه إذا أدانت روسيا وشاركت في العقوبات الغربية ضد موسكو، فإن ذلك قد يؤدي إلى عزلة روسيا، ويدفعها نحو تحالف أقوى مع الصين وباكستان، منافسي الهند الرئيسيين.

في ذات الوقت، تسعى الهند إلى تجنب إبعاد أوكرانيا وتثبيت نفسها كطرف محايد، وقد استبعد مودي دور الهند كوسيط لإنهاء الحرب، لكنه وافق على نقل الرسائل بين بوتين وزيلينسكي.

أبعاد أخرى

من وجهة نظر أوكرانيا، تعتبر الهند حليفًا مهمًا في جذب بعض الدول من “الجنوب العالمي” إلى الحفاظ على موقف حيادي تجاه الحرب أو إظهار الدعم لأوكرانيا.

وركزت الزيارة على توسيع التعاون الاقتصادي بين البلدين، حيث بلغت التجارة الثنائية بين الهند وأوكرانيا 3.3 مليار دولار في السنة المالية 2021-2022، وهي نسبة ضئيلة مقارنةً بتجارة الهند مع روسيا التي تصل إلى 65 مليار دولار سنويًا.

وأعرب زيلينسكي عن رغبة أوكرانيا في تعزيز الروابط الاقتصادية مع الهند، لا سيما في مجالات الزراعة والطيران والصناعات الدوائية والصناعية، ومن جانبها، تحتاج الهند إلى منتجات دفاعية من كييف، وخاصة الطائرات ومحركات البحرية.

تحديات في طريق مودي

قد تؤدي زيارة مودي إلى كييف إلى رد فعل سلبي من روسيا مُشابه لما أحدثته زيارته إلى موسكو من استياء في واشنطن، وتواجه الدبلوماسية الهندية تحديًا كبيرًا في ضبط رسائلها الخاصة لتخفيف المخاوف من كلا البلدين، بينما تسعى أيضًا لتصوير الزيارة كمبادرة جريئة جديدة.

كما أشار شاشي ثارور، الوزير السابق والدبلوماسي، إلى أن نجاح هذه الزيارة سيكون إنجازًا جيوسياسيًا، بينما قد تؤدي إخفاقاتها إلى إلحاق ضرر كبير بمكانة الهند العالمية.

وقبل وصوله إلى أوكرانيا، زار مودي بولندا، حليف كييف القوي، في 22 أغسطس، في أول زيارة لرئيس هندي إلى وارسو منذ أكثر من 40 عامًا.

ربما يعجبك أيضا