لماذا يخشي محمود عباس من إتفاق المصالحة الفلسطيني؟

أميرة رضا

ترجمة بواسطة – آية سيد

تبدو حماس الآن وكأنها تلتمس السلام مع السلطة الفلسطينية. لكن في حين أن هذا يبدو انتصارًا لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس, إلا أن الأمور ليست بسيطة كما تبدو.

لقد أدارت حركة حماس الإسلامية غزة منذ أن استولت على القطاع في 2007 من السلطة الفلسطينية، التي يقع مقرها في رام الله في الضفة الغربية وتهيمن عليها حركة فتح. لأسباب خاصة بهم, كانت السلطة الفلسطينية, وإسرائيل ومصر يسعون على مدار السنوات الماضية لإخضاع إدارة حماس في غزة وكانوا يمارسون عليها أنواعا مختلفة من الضغوط. هذا جعل إدارة القطاع مستحيلة, وتسبب كذلك في معاناة كبيرة لأهل غزة.

في منتصف سبتمبر, عرضت قيادة حماس التصالح مع السلطة الفلسطينية بالشروط التي حددها عباس مسبقًا. قالت حماس إنها ستحل حكومتها في غزة (اللجنة الإدارية) وتوافق على إجراء انتخابات في كل من الضفة الغربية وغزة.

نظرًا لأن التصالح أولوية قصوى للفلسطينيين العاديين, ولأن حماس قالت إنها ستوافق على شروطه, لم يكن في وسع عباس أن يرفض العرض. ومنذ أن قدمت عرضها المبدئي, أصدرت حماس بيانات عامة قوية عن التزامها بالمصالحة (قال يحيى السينوار, رئيس حماس في غزة, إنه سوف "يكسر عنق" أي شخص يرفضها) وعن استعدادها لتقديم تنازلات من أجل تحقيقها.

مع هذا, ليس من المرجح أن عباس سوف يحتفل الآن. أحد الأسباب هو أن هذه ليست المحاولة الأولى للمصالحة بين حماس وفتح, جميع المصالحات الأخرى انهارت عاجلًا أو آجلًا، وعادة تنهار عاجلًا. والسبب الآخر هو أنه على الأرجح متشكك للغاية في نوايا حماس. في حين أنها لم تفرض أية شروط من جانبها, إلا أنها بالتأكيد تريد شيئًا في مقابل التنازلات التي تقول إنها ستقدمها.

إن إحدى القضايا الرئيسية التي سيتحتم على السلطة الفلسطينية وحماس التفاوض عليها هي ما تسميه الأخيرة "مقاومة مسلحة"، والتي تسميها إسرائيل وغيرها من الدول إرهاب. من جانبه, عباس ملتزم بإيجاد حل سلمي للصراع الفلسطيني مع إسرائيل. ومثلما أوضحت كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي, فإن لديه شكوكا حول استعداد الحكومة الإسرائيلية الحالية للتفاوض معه بجدية. لكن في الوقت الحالي, ومع عدم وجود بديل أفضل متاح, فإنه يضع آماله على وعد إدارة ترامب بعمل مبادرة سلام. من جانبها واصلت حماس الإصرار على أن المقاومة لتحرير فلسطين ستبقى "حق مشروع, وواجب وشرف"، بحسب ما ورد في وثيقة المبادئ والسياسات الصادرة في شهر مايو.

إن إنكار حماس لخيار المقاومة سريعًا بعد إعادة تأكيده (في أهم وثيقة سياسية أصدرتها منذ ميثاق 1988) سيكون بمثابة استسلام تام. مع هذا, إذا وافقت السلطة الفلسطينية على منح حماس دورا في إدارة غزة أو على احتفاظ حماس بقدرتها لضرب إسرائيل, فليتأكد عباس من أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيتهمه بأنه متواطئ مع تنظيم إرهابي. هذا سيمنح نتنياهو ذريعة أخرى لرفض التفاوض، وهي ذريعة ستلقى قبول إدارة ترامب. بالطبع هذا شيء يرغب عباس في تجنبه, لكونه راغبا بشدة في إبقاء الولايات المتحدة في صفه.

أحد الأسباب الأخرى للقلق من جانب عباس هو دور محمد دحلان, المدعوم من مصر. استخدم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الترهيب والترغيب لتعديل سلوك حماس, بشكل رئيسي لحثها على إنهاء دعمها للتمرد في شبه جزيرة سيناء. وكوسيلة لتحقيق هذه الغاية, مارست مصر ضغطًا على حماس لقبول المصالحة مع السلطة الفلسطينية بطريقة تمنح الأخيرة الرأي المسيطر في إدارة غزة.

حتى الآن, الأمور جيدة بالنسبة لعباس. لكن اختيار مصر لدحلان لكي يعمل كوسيط مع حماس لن يعتبره عباس أمرًا مرحبًا به: عباس, الذي يعتقد أن دحلان كان يتآمر للاستيلاء على قيادة فتح, طُرد دحلان ومؤيدوه من الحركة في 2011. إن أي إصرار من جانب مصر أو حماس على منح دحلان دورًا كبيرًا في حكم غزة سيكون على الأرجح خطًا أحمر بالنسبة إلى عباس.

عباس لا يجري المفاوضات بنفسه مع حماس. بدلًا من ذلك, فإنه يخول رئيس وزراءئ, رامي الحمد الله, لتولي زمام الأمور باسم السلطة الفلسطينية. هذا معقول: إذا توصل الحمد الله إلى اتفاق أولي مع حماس والذي قد يبدو مرجحًا لإثارة المشاكل مع إدارة ترامب, سيتمكن عباس من التنصل منه (والحمد الله أيضًا, إذا احتاج لذلك).

في هذا الوضع المعقد, سيكون عباس مدركًا لأن العثرة قد تكلفه كثيرًا. يمكن التوقع بأنه سيتأنى، وسيلوم حماس إذا فشل اتفاق المصالحة في التحقق.

المصدر – تشاتام هاوس

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا