“كورونا” في 100 يوم.. كيف غير وجه العالم؟

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

مضت 100 يوم تقريبًا، منذ أن ظهر القاتل الغامض “كورونا” في الصين، وبدأ ينتشر منها إلى العالم أجمع، ليغير نمط الحياة ويُحدث استنفارًا صحيًا من أقصى شمال الكرة الأرضية إلى جنوبها، كاشفًا عن قصور حاد في إمكانيات القطاع الصحي في الدول المتقدمة، وانعدامها شبه التام في الدول الفقيرة وإن كان الكثير منها لم يسجل بعد إصابات ترتقي لمستوى القلق، كما هو الحال في الولايات المتحدة التي تجاوزت الإصابات فيها سقف الـ.432 ألف حالة.

حصيلة المصابين بكورونا عالميًا تخطت حاجز الـ 1.5 مليون مصاب فيما بلغت الوفيات نحو 89.873 وفاة، وسط  توقعات بأن هذا الرقم لا يمثل سوء جزء من الحصيلة الفعلية للمرض.

توقف الحياة
كورونا عطل تقريبًا كل أوجه الحياة والنشاط الاقتصادي في جميع البلدان، خلال الـ 100 يوم الماضية، حيث أقدمت الدول على فرض قيود على حركة التنقل داخلها وإغلاقات تنوعت بين جزئية وشاملة للأنشطة الاقتصادية وسط توقف شبه تام لحركة الطيران والسفر عالميًا.

ودعت غالبية الدول مواطنيها للبقاء في المنازل وعدم الخروج إلا للضرورة، وبحسب التقديرات هناك نحو 3 مليارات حول العالم يخضعون لإجراءات الحجر المنزلي.

نشر “كورونا” الهلع بين الجميع، فهو لا يفرق بين غني وفقير، شهدنا كيف أصاب رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، وأمير موناكو ألبير الثاني، وزوجة رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، كما أصاب مشاهير أمثال الممثل توم هانكس وزوجته ريتا ويلسون، والفنان البريطاني إدريس ألبا، وبطل المنتخب الفرنسي لكرة القدم بليز ماتويدي، ومدرب فريق أرسنال ميكيل أرتيتا.

صدمة اقتصادية
بسبب عمليات الإغلاق التي فرضتها الدول حول العالم، عانت أسواق العالم من موجات بيعية غير مسبوقة تسببت في نزيف للأسهم، فيما تراجعت أسعار النفط إلى ما دون الـ25 دولارا للبرميل خلال مارس وفقدت نحو 50 % من قيمتها، بفعل تراجع الطلب بنحو 70 %.

وقدرت الأمم المتحدة أن ينتج عن الجائحة فقدان ما يصل إلى 25 مليون وظيفة حول العالم، أي أكثر مما حدث خلال الانهيار المالي عام 2008، في أمريكا وحدها  بلغ عدد من تقدموا بطلبات للحصول على إعانات البطالة خلال الأسبوع قبل الأخير من مارس نحو 3.3 مليون شخص، وفي أوروبا قامت الشركات بتسريح العمال بأسرع وتيرة منذ عام 2009.

مؤسسة “كوفاس” الفرنسية – التي تُعنى بائتمان التبادلات التجارية العالمية – رجحت أن يتسبب “كورونا” في ركود اقتصادي في 70 دولة، على رأسها الولايات المتحدة، التي ستسجل تراجعا بنسبة 3 % في إجمالي ناتجها المحلي، بينما رأت المؤسسة أن فرنسا قد تشهد انخفاضًا أكبر في الناتج المحلي يتجاوز الـ 5%، وقد يصل إلى 18% في حال استمرت الأزمة لثلاثة أشهر مقبلة.

فيما رجح مصرف “وول ستريت” الأمريكي، أن تكلف جائحة كورونا الاقصاد العالمي نحو 5 تريليونات دولار على مدى العامين المقبلين، موضحا أن العالم سيغرق في أعمق ركود منذ ثلاثينيات القرن العشرين بسبب هذا الفيروس، وفقا لما ذكرته “بلومبرغ” اليوم.

 الأمر يتعلق بالركود الذي سيضرب العالم في 2020 بسبب إغلاقات “كورونا”، فالاقتصاد العالمي بعد انحصار الفيروس وبدء عودة الحياة إلى دول العالم “المحجورة صحيًا” حاليًا سيحتاج إلى وقت طويل نسبيا للعودة إلى مؤشرات ما قبل الأزمة، بحسب “بلومبرغ” وعلى الرغم من خطط التحفيز الضخمة التي أعلنت عنها معظم البلدان، إلا أنه من غير المرجح أن يعود الناتج المحلي الإجمالي إلى الاتجاه السابق للأزمة حتى عام 2022 على الأقل.

للحد من تداعيات “كورونا” الاقتصادية، اتخذت دول العالم إجراءات مالية عاجلة لدعم الاقتصاد، وضخت نحو 8 تريليونات دولار، إلا أن هذا الرقم يبدو غير كاف مقارنة بالخسائر المضطردة، في أمريكا وحدها أقر الكونجرس نهاية الشهر الماضي حزمة تحفيز بتريليوني دولار، وحاليا يدرس إقرار حزمة آخرى عاجلة.

تراجع الدخل وزيادة الفقر

اليوم توقع صندوق النقد الدولي، أن تتسبب الجائحة في انخفاض بدخل الأفراد في 170 دولة هذا العام، وقالت رئيسة الصندوق كريستالينا جورجييفا: قبل ثلاثة أشهر فقط، توقعنا نموًا إيجابيًا في دخل الفرد في أكثر من 160 دولة من دولنا الأعضاء في 2020، واليوم، انقلب هذا الرقم رأساً على عقب: نتوقع الآن أن أكثر من 170 دولة ستشهد نموًا سلبيًا في دخل الفرد.

وأضافت أن التوقعات قاتمة بالنسبة للبلدان المتقدمة والنامية على حد سواء، محذرة من أن الأسواق الناشئة والدول ذات الدخل المنخفض، في جميع أنحاء أفريقيا وأمريكا اللاتينية ومعظم آسيا، معرضة لمخاطر عالية.

من جانبها تتوقع منظمة أوكسفام، أن تتسبب أزمة كورونا في دخول نحو 500 مليون شخص حول العالم إلى دائرة الفقر، وقالت في تقرير صدر اليوم: إن تداعيات انتشار كورونا أفضت إلى أزمة اقتصادية تتطور على نحو سريع أعمق من الأزمة المالية في 2008، تظهر تقديراتنا أن الفقر العالمي قد يتفاقم لأول مرة منذ 1990، وهذا قد يعيد بعض البلدان إلى مستويات فقر لم تشهدها منذ نحو ثلاثة عقود.

وطرحت المنظمة عددًا من السيناريوهات، تأخذ في الاعتبار خطوط الفقر المتنوعة التي حددها البنك الدولي من الفقر المدقع، أي العيش بمبلغ 1.90 دولار يومياً، أو أقل إلى خطوط  فقر أعلى للعيش بأقل من 5.50 دولار يوميًا، وفي ظل أسوأ السيناريوهات توقعت أن تؤدي الجائحة إلى زيادة عدد من يعيشون في فقر مدقع بنحو 434 مليوناً إلى 922 مليون شخص في أنحاء العالم، وسيسفر السيناريو نفسه عن زيادة عدد من يعيشون بأقل من 5.50 دولار يومياً بمقدار 548 مليوناً إلى نحو أربعة مليارات شخص.
 

 
 

ربما يعجبك أيضا