«اكسبوا قلوبنا».. طالبان ورحلة البحث عن الاعتراف الدولي

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

فرضت أفغانستان نفسها عنوانا رئيسا في اجتماعات قمة منظمة شنغهاي للتعاون التي استضافتها دوشنبه، تقاربت فيها مواقف القادة بشأن شكل السلطة المرجوة ممثلة بكافة أطياف المجتمع الأفغاني وضرورة مكافحة الإرهاب وتجارة المخدرات.

فبعد مضى أسبوع على تشكيل الحكومة في أفغانستان، لم تنل حتى الآن اعتراف أي من دول العالم المنقسمة إزاءها؛ بين متردد متريث ورافض بالمطلق، في حين تراقب حركة طالبان سلوك الخارج وتناشده المرة تلو الأخرى أن يفعل؛ إدراكا منها بأهمية كسب معركة الاعتراف الدولي بحكومتها بما يمنحها من شرعية وقدرة على إدارة البلاد. غير أن خيبة الأمل التي تمثلت بإلغاء حفل تنصيب الحكومة لن تحول دون استمرار مساعي الحركة لتحقيق اختراق في جدار الدبلوماسية الدولية.

اكسبوا قلوبنا

60e7f7874236046eff5de227
طالبان

في رسالة واضحة للغرب وأمريكا، توجّه قائدٌ بارز في حركة طالبان، بضرورة اتخاذ خطوةٍ «جريئة» تجاههم تتمثل باعترافهم بالحركة والمجيء إلى أفغانستان بالأموال وليس بالسلاح . وعبّر حاكم طالبان الجديد في هلمند، طالب مولوي، الذي أمضى السنوات العشرين الماضية كقائدٍ يقاتل البريطانيين في «سانجين»، عن ترحيبه بـ «الزائرين» ببندقيةٍ هجومية ملقاة على مكتبه، وذلك على الرغم من التأكيدات التي أطلقها بأنّ وقت القتال قد ولّى.

وقال مولوي، وهو قياديٌّ ينحدر من ولاية «هلمند» وقاتل مع طالبان في المرة الأولى التي سيطرت فيها الجماعة على أفغانستان: «لقد واجهنا بعضنا بعضاً في المعركة، ولم نتعرّف على بعضنا بعضاً في الأوقات العادية»، مضيفاً: «الآن يمكنكم أن تكسبوا قلوبنا وتجعلونا سعداء إذا اعترفتم بهذه الحكومة».

غير أن هناك من يقول بأن تغير لغة طالبان والتطمينات التي يوزعونها يمينا ويسارا، هي مجرد تعديلات شكلية في محاولة لطرح أنفسهم كمجموعة قادرة على حكم دولة مقبولة من المجتمع الدولي.

مخاوف دول الجوار

الهند وطاجيكستان كانتا الأكثر تشددا في مواقفهما تجاه طالبان، لا سيما بعد استيلاء طالبان على وادي بنجشير ذي الرمزية العرقية للطاجيك والمصلحة الاستراتيجية للهند مع التركيز على أولوية القضايا الأمنية والقضاء على التهديدات الأمنية.

الرئيس الطاجيكي إمام علي رحمن قال إن تشكيل الحكم في أفغانستان دون مراعاة التمثيل الشامل سيؤدي إلى تداعيات سلبية على مستقبل البلاد.

وفي كلمته خلال افتتاح الدورة العشرين لقمة منظمة شَنغهاي للتعاون حذر من أن شكل الحكومة الأفغانية الحالية يشير بوضوح إلى عدم رغبة حركة طالبان في إشراك كافة أطياف الشعب الأفغاني في الحكم.

اعتراف بالإكراه

المجتمع الدولي بكافة أطيافه «مجبر» على الاعتراف بطالبان لحكم أفغانستان وبالحكومة الجديدة التي شكلتها الحركة، ولن تفلح أي عنجهية تزيد الوضع توترا، والتلويح بعقوبات اقتصادية سيكون تأثيرها مباشرة على الشعب الأفغاني، والأخطر من ذلك بكثير أن حالة من عدم الاستقرار ستسود معظم دول العالم. يقول مراقبون

في هذا السياق، يرى المحلل السياسي المصري، بشير عبدالفتاح أن حديث الدول الغربية عن«شروط صارمة» يتعين على طالبان الوفاء بها، مقابل مد جسور التواصل معها، لن يتجاوز حدود المخاتلة، لرفع الحرج عن حكوماتها أمام الرأي العام العالمي.

بإمكان واشنطن البقاء في أفغانستان والاستمرار بالقتال، إلا أن الثمن الذي ستدفعه أكبر من الفائدة التي ستجنيها، فهي لا ترى فائدة كبيرة من بقائها في أفغانستان لذا غير مستعدة للبقاء. الشيء الوحيد الذي لا تساوم عليه أمريكا هو عودة داعش والقاعدة لأفغانستان واستئناف الضربات والهجمات ضدها، لذا هي تضع في الاعتبار ترتيبات لمنع حصول ذلك. ورقة الاعتراف الدولي بطالبان مرهونة بعدة أمور أهمها هذا الالتزام، وفي المقابل هنالك ورقة العقوبات الدولية (العصا والجزرة).

ربما يعجبك أيضا