السعودية والخصخصة.. نقلة تنموية كبرى بآفاق المملكة

كتب – حسام عيد

السعودية تعطي الضوء الأخضر للقطاع الخاص من أجل شغل حيز أكبر في مسار تنمية الاقتصاد بحقبة ما بعد الجائحة الوبائية، وذلك عبر تمرير أكبر عدد ممكن من صفقات الخصخصة والتي قد تناهز الـ160 صفقة على المدى القريب والمتوسط.

ويأتي توجه السعودية نحو خصخصة المزيد من أصولها في إطار برنامج حكومي يسعى لتوفير مليارات الدولارات سنويًا، كإيرادات نوعية بعيدة عن مداخيل النفط والطاقة.

وفي التقرير التالي نستعرض أبرز القطاعات المستهدفة ضمن ملفات الخصخصة في المملكة، وكذلك الأهداف التنموية المأمولة لاستشراف إنجازات أكبر على مسار رؤية 2030.

160 صفقة خصخصة

في يوم الخميس الموافق 25 نوفمبر 2021، كشف وزير المالية السعودي محمد الجدعان أن المملكة تعكف على إعداد 160 صفقة خصخصة، وتنوي الإعلان عن مزيد من هذه العمليات خلال العام المقبل.

وقال الجدعان خلال ندوة بعنوان “الاستقرار المالي”، إنّ خطط خصخصة مؤسسات في قطاعَي التعليم واللوجيستيات ماضية في طريقها، مشيرًا إلى أن الحكومة تستهدف عبر حزمة الإصلاحات المالية التي أطلقتها تغييرًا شاملًا وكلّيًا للاقتصاد لإحداث نقلة تنموية كبرى.

وحدّدت الحكومة السعودية 160 مشروعًا في 16 قطاعًا، بما في ذلك مبيعات الأصول والشراكات بين القطاعين العام والخاص حتى عام 2025، على أن تشمل مبيعات الأصول الفنادق المملوكة للحكومة، وأبراج البث التليفزيوني، ومحطات تبريد وتحلية المياه.

وتتمثل أهداف المملكة من تطوير منظومة وآليات التخصيص، في الآتي:

– دعم مشاركة القطاع الخاص في عمليات التنمية وبناء اقتصاد المستقبل.

– تقليل الضغط على إيرادات الدولة.

وفي تصريحاته نهاية مايو الماضي، قال وزير المالية السعودي إنّ المملكة تسعى لجمع نحو 55 مليار دولار على مدى السنوات الأربع المقبلة من خلال برنامج التخصيص، لتعزيز الإيرادات العامة وتقليص عجز ميزانيتها.

وتوقّع وزير المالية السعودي حينها جمع 38 مليار دولار من خلال مبيعات الأصول، و16.5 مليار دولار من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص.

وفي وقت سابق من العام الجاري، علقت المملكة خصخصة محطة رأس الخير لتحلية المياه وتوليد الكهرباء، وهي واحدة من عدد من الأصول المملوكة للدولة التي استهدفت الحكومة بيعها لتقليل الضغط على إنفاق رأس المال وتنويع الإيرادات دون الاعتماد على النفط.

وحسب الجدعان، تعمل الحكومة من خلال برنامج الاستدامة المالية على تقليل التأثر بالعوامل الخارجية، بما في ذلك تقلبات أسواق النفط، عن طريق تبني قواعد مالية تحقق الاستدامة المالية والتنمية المستدامة.

ويشهد اقتصاد المملكة تعافيًا تدريجيًا منذ منتصف العام الماضي، وبشكل أقوى في العام 2021 الحالي، وهو ما تعكسه معدلات النمو الإيجابية في القطاع غير النفطي الحقيقي الذي سجل 8.4% في الربع الثاني بدعم القطاع الخاص الذي سجل نمواً بنسبة 11.1%.

وذكر الجدعان أن التقديرات الأولية للربع الثالث من العام الحالي أشارت إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بنسبة 6.2%، مؤكداً أن ذلك انعكس على نتائج مبشرة لأداء المالية العامة.

البداية قد تأتي من قطاع مطاحن الدقيق

ويعد قطاع مطاحن إنتاج الدقيق من أول القطاعات التي يجري العمل على تخصيصها بالكامل حيث استكملت المرحلة الأولى من تخصيص قطاع مطاحن إنتاج الدقيق في ديسمبر 2020.

وفي أبريل 2021، أعلن المركز الوطني للتخصيص والمؤسسة العامة للحبوب عن اكتمال المرحلة الثانية والأخيرة من عملية تخصيص قطاع مطاحن إنتاج الدقيق، والتي شملت عملية طرح كامل الحصص في شركتين من شركات المطاحن الأربعة العائدة لمستثمرين استراتيجيين من القطاع الخاص، وقد قام المستثمرون المؤهلون بإجراء الدارسات المهنية اللازمة خلال الفترة السابقة.

وفي قطاع التعليم وقّع وزير التعليم السعودي حمد بن محمد آل الشيخ وشركة تطوير للمباني “TBC” عقد مشروع المجموعة الأولى لتمويل وتصميم وبناء وإدارة مرافق 60 مدرسة حكومية في مكة المكرمة وجدة، لاستيعاب أكثر من 50 ألف طالب وطالبة، وذلك ضمن برنامج الشراكة مع القطاع الخاص.

تحفيز وتنويع الاقتصاد

انطلق برنامج التخصيص في عام 2018، وسعى لتحديد الأصول والخدمات الحكومية القابلة للتخصيص في عدد من القطاعات، وتطوير منظومة وآليات التخصيص، وتحديد أطر الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتعزيز جودة وكفاءة الخدمات العامة، ودعم المساهمة في التنمية الاقتصادية.

وبحسب رؤية 2030 فقد نجح البرنامج في المرحلة السابقة في وضع الأطر العامة لمنظومة التخصيص من خلال إصدار نظام التخصيص وإنشاء المركز الوطني للتخصيص الذي يهدف إلى تنظيم الإجراءات المُتعلقة بمشاريع هذه المنظومة وتعزيز مشاركة القطاع الخاص.

وسيركّز البرنامج جهوده في المرحلة القادمة على تعزيز دور القطاع الخاص في تقديم الخدمات وتعظيم القيمة المستفادة من الأصول الحكومية ورفع كفاءة الإنفاق.

ويهدف برنامج التخصيص تحفيز التنوع الاقتصادي وتعزيز التنمية الاقتصادية وزيادة القدرة التنافسية لمواجهة التحديات والمنافسة الإقليمية والدولية علاوة على ذلك يسعى البرنامج إلى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتحسين ميزان المدفوعات.

ربما يعجبك أيضا