لبنان.. استعدادات للانتخابات النيابية وحراك سياسي عابر للطوائف

محمود سعيد

الدولة اللبنانية تعاني أزمة اقتصادية ومالية غير مسبوقة، ويستمر انهيار الليرة اللبنانية أمام الدولار، الأمر الذي فاقم شح السلع الأساسية.


يمر لبنان بمرحلة مفصلية جديدة ستشكل المشهد السياسي اللبناني لـ4 أعوام قادمة، فمن المقرر أن تُجرى الانتخابات النيابية منتصف مايو 2022.
رئيس “تيار المستقبل” سعد الحريري أعلن تعليق العمل السياسي وعدم خوض الانتخابات، وكذلك أبرز الشخصيات السنية في البلاد، كرئيسي الحكومة الحالي نجيب ميقاتي، والأسبق فؤاد السنيورة وعدد من الساسة اللبنانيين قرروا عدم الترشح في الانتخابات لكنهم دعوا الجماهير للمشاركة فيها بشكل مكثف.

إغلاق باب الترشح للانتخابات

أُغلق باب الترشح في لبنان مساء الثلاثاء 15/ 3، وبلغ إجمالي عدد المرشحين 1043 في جميع الدوائر الانتخابية، بينهم 155 امرأة بنسبة ترشيح نسائي بلغت نحو 15 %.

وتجري الانتخابات البرلمانية في لبنان كل 4 سنوات، وفق التوزيع المعتمد منذ اتفاق الطائف في 1989، بواقع 128 مقعدًا بالمناصفة بين المسلمين والمسيحيين في عموم البلاد.

وتعد انتخابات 2022 هي الأكبر في عدد المرشحين في آخر 15 عامًا، إذ ترشح 976 بينهم 111 امرأة في انتخابات 2018، وترشح 702 بينهم 12 امرأة عام 2009، و484 مرشحًا بينهم 16 امرأة في 2005.

خلافات الساسة في لبنان

رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق فؤاد السنيورة قال إن الدولة أصبحت مخطوفة ومرتهنة، ولم تعد صاحبة السلطة والنفوذ والقرار في البلاد، داعيًا اللبنانيين للمشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة ترشيحًا واقتراعًا وعدم المقاطعة.

وأعلن ميقاتي عزوفه عن الترشح لإفساح المجال أمام الجيل الجديد، داعيًا البنانيين لـ”الإقبال على الاقتراع، لأن التغيير الحقيقي المنشود يبدأ في صناديق الاقتراع، وليس فقط في التعبير عن الرأي عبر الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي وفي الساحات”، ومؤكدًا أن “كل ورقة انتخابية توضع في الصندوق قادرة على إحداث التغيير المنشود”.

مراقبة الانتخابات

وزير الداخلية بسام مولوي، قال إن “كل محاولات تأجيل الانتخابات أو عدم إجرائها باءت بالفشل”، موضحًا أهمية “الالتزام بالقانون والدستور”، داعيًا “اللبنانيين في الخارج والداخل إلى التصويت بكثافة في الانتخابات المقبلة (..) والمجتمع المحلي والدولي للمشاركة في مراقبة الانتخابات للتأكد من شفافيتها”.

رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري رأى أن الانتخابات النيابية ستجرى في موعدها 15 مايو المقبل، “بعد سقوط كل أبواب التعديل والتأجيل”، متحدثًا عن اهتمام دولي وإقليمي “غير مسبوق” بهذا الاستحقاق.

المشهد السياسي اللبناني

الأكاديمي والسياسي اللبناني البارز الدكتور طارق شندب قال في تصريحات خاصة لشبكة “رؤية” الإخبارية: “في كل الأحوال، التحالفات في الانتخابات تختلف عن التحالفات السياسية في لبنان، فنحن رأينا خلافات كبيرة بين نبيه بري (رئيس البرلمان اللبناني) والتيار العوني وجبران باسيل، رغم أنهم يتحالفون اليوم في الانتخابات وكذلك مع وليد جنيلاط”.

عن مشاركة السنة في لبنان، قال المحامي الدولي وأستاذ القانون الدولي الجنائي طارق شندب، “الانتخابات النيابية في لبنان إن جرت سوف تُجرى وسط مقاطعة سنية سياسية من الدرجة الأولى، لكن هذا لا يعني أن جماهير السنة سيقاطعونها”.

هل يقاطع السنة؟

يقول طارق شندب “المشكلة أن سعد الحريري قرر مقاطعة الانتخابات ويريد أن من السنة الانسحاب بعد أن أعطى الفريق الثاني قانون الانتخابات النسبي في دورة الانتخابات السابقة، وذلك لمصلحة التيار العوني وحزب الله والأحزاب الأخرى، وخسر السنة الأكثرية النيابية مقابل مصالح سياسية لسعد الحريري وفريقه السياسي مع التيار العوني”.

وأردف “لبنان في خطر بسبب سيطرة حزب ميليشيا الله التي لم تأت من قوة الحزب العسكرية وقيامة بالاغتيالات فقط، وإنما جاءت من ضعف الفريق المواجهة، وانبطاح رؤساء الحكومات السنة خدمة لمصالحهم الشخصية وخدمة لمصالح اقتصادية ومالية وغير ذلك”.

وقال شندب إن “سرطان الحزب استشرى داخل الدولة اللبنانية، وكذلك ضعف التعاطي القضائي الذي يقوده مجموعة من القضاة الخاضعين لحزب الله أو للفساد، والمشكلة في لبنان تحالف الفساد مع الإرهاب”.

زلزال قانون النسبية

منذ اتفاق الطائف كانت تتوزع المقاعد الـ128 على النحو الآتي: 28 للسنة، و28 للشيعة، و8 للدروز، و34 للموارنة، و14 للأرثوذكس، و8 للكاثوليك، و5 للأرمن، ومقعدان للعلويين، ومقعد واحد للأقليات داخل الطائفة المسيحية.

لكن مجلس النواب اللبناني أقرّ قبيل الانتخابات الماضية في عام 2017، قانونًا انتخابيًا جديدًا يعتمد أساس النسبية، وبحسب القانون الجديد تُوزع المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية على القوائم المختلفة حسب نسبة الأصوات التي حصلت عليها كل قائمة في الانتخابات.

الانتخابات اللبنانية جرت في 2018 بعد توقف الانتخابات 9 سنوات، وكان قبلها يُمدد للبرلمان عامًا بعد آخر، بسبب الخلافات بين القوى والأحزاب اللبنانية على سن قانون الانتخاب الجديد.

نتائج الانتخابات اللبنانية الماضية

أما نتائج الانتخابات البرلمانية الماضية التي أجريت على أساس النظام النسبي في 15 دائرة انتخابية، فكرست هيمنة الثنائي الشيعي “حزب الله” وحركة أمل والمتحالفين معه على لبنان، على حساب تيار “المستقبل”، بقيادة رئيس الوزراء سعد الحريري، وفيما يلي نتائج الانتخابات:

  • الثنائي الشيعي بعدما نجحوا بالحصول على 26 مقعدًا 12 لحزب الله و14 لحركة أمل
  • حزب “القوات اللبنانيّة” المسيحي اليميني بقيادة سمير جعجع حصل على 15 مقعدًا
  • حزب الرئيس ميشال عون، “التيّار الوطني الحر”، حصل على 20 مقعدًا
  • تيار “المردة” حصل على 3 مقاعد.
  • تراجعت حصة “تيّار المستقبل” إلى 21 مقعدًا بدلًا من 33 في البرلمان الذي تنتهي ولايته، الممددة ثلاث مرات، في 20 شهر مارس 2022.
  • “تيار العزم”، بزعامة رئيس الوزراء الحالي نجيب ميقاتي، وحلفاؤه حصلوا على 4 مقاعد.
  • حصل الحزب التقدمي الاشتراكي بزعامة النائب وليد جنبلاط على 11 مقعدًا نيابيًا.
  • حصل حزب “السوري القومي الاجتماعي” على 3 مقاعد
  • الحزب “الديمقراطي” حصل على مقعد واحد لزعيمه طلال أرسلان.
  • حزب “الطاشناق” فاز بـ3 نواب

وبالتالي استحوذ التحالف الشيعي المكون من حزب الله وحركة أمل وحلفائهم من طوائف أخرى على أكثر من نصف مقاعد البرلمان، لكن الحزب والمتحالفين معه لم يحصلا على أغلبية الثلثين التي تخولهم إصدار قرارات كبرى مثل تغيير الدستور، واستمرت معاناة لبنان في تشكيل الحكومات طوال الـ 4 أعوام الماضية.

ربما يعجبك أيضا