كوردسمان: الحاجة ملحة لقاعدة تصنيع عسكري مشتركة للناتو

رنا أسامة

الحرب الروسية الأوكرانية أظهرت أن ثمة متطلبات جديدة أمام الناتو، تكتيكيًا وتكنولوجيًا.


تحفل الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة منذ 5 أشهر بدروس عديدة لحلف شمال الأطلنطي، لعل من أبرزها الحاجة إلى إعادة التفكير في الصلة بين قوة الناتو وقاعدته الصناعية الدفاعية.

ووفق المحلل بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أنتوني كوردسمان، تذهب بعض هذه الدروس إلى ضرورة اتباع نهج جديد لتشكيل قاعدة صناعية لدول الناتو وشركائها الاستراتيجيين، ويوصي البعض الآخر بالنظر إلى ما وراء الدفاع والتركيز على الاتجاهات الوطنية والجماعية من حيث الاستراتيجية الكبرى.

دروس سابقة

قال كوردسمان، في تحليل نشره في 19 يوليو 2022، إن الحرب الروسية الأوكرانية أظهرت بوضوح تام أن أي محاولة لإعادة تشكيل الناتو وتحديثه يجب أن تأخذ التحذيرات والدروس السابقة في الاعتبار.

ومن بين الدروس والتحذيرات التي فندها التحليل، أن القاعدة الصناعية الدفاعية للناتو منقسمة بشدة حسب الدولة، ولديها عدد كبير من الأسلحة المختلفة والذخائر وأنظمة إدارة المعركة واحتياجات الإمداد والصيانة والقتال، وتحرم هذه الانقسامات الناتو من اقتصاديات الحجم المحتملة، كما أنها تخلق مشاكل في قابلية التشغيل البيني وجهود التحديث الفعالة على مستوى الحلف.

تطوير الأسلحة وإنتاجها

علاوة على ذلك، فإن أجزاءً كثيرة من أنظمة الناتو قدرتها محدودة للغاية على تطوير الأسلحة وإنتاجها، وقد يستغرق الأمر سنوات حتى تعيد دول معينة بناء مخزونات أسلحة  حديثة، حتى بعد الإنفاق المحدود نسبيًا على المعدات والذخيرة في حروب كتلك الدائرة في أوكرانيا، بحسب التحليل.

ولم يحرز الناتو سوى تقدم ضئيل أو معدوم في مواجهة الدروس والتحذيرات، لا سيما في البلدان ذات الصناعات الدفاعية الرئيسة، في ظل التنوع المتزايد بين حيازات الأسلحة الوطنية، وقدرات الإنتاج التي كانت مدفوعة بتغييرات على الصعيد الوطني، في وقت جعل فيه استيعاب دول حلف وارسو السابقة، الأمور أسوأ على المستوى الوطني.

متطلبات وأولويات

قال التحليل إن الحرب في أوكرانيا لا تزال محدودة النطاق نسبيًا، ولم تشمل حتى الآن سوى استخدام محدود لأسلحة وتكنولوجيا وتكتيكات جديدة، حتى يمكن أن توصف بأنها حرب استنزاف بطيئة نسبيًا، ومع ذلك، أظهرت أن ثمة متطلبات جديدة أمام الناتو، تكتيكيًا وتكنولوجيًا.

وأشار إلى أن “الحرب لا تزال تُظهر أن تقنيات ناشئة ومدمرة مثل الطائرات المُسيرة، وأنظمة المدفعية الدقيقة، والصواريخ المضادة للطائرات والمضادة للسفن، وأنظمة الاستخبارات الجديدة، بإمكانها إحداث تغيير جذري في أنماط الصراع لكلا الجانبين”، موصيًا الناتو ودوله الأعضاء بالتركيز على تحسين القاعدة الصناعية الدفاعية للحلف لتشكيل المستقبل بدلًا من محاولة إصلاح الماضي.

روسيا والصين والإرهاب.. تهديدات أمام الناتو

أظهرت الحرب في أوكرانيا بوضوح تام أن الناتو يواجه الآن تهديدًا متوسط إلى طويل المدى بقتال كبير مع روسيا، إلى جانب تهديدات ناشئة من الصين والإرهاب. سيتعين على القاعدة الصناعية للناتو معالجة جميع الأولويات الرئيسية المنصوص عليها في المفهوم الاستراتيجي للحلف لعام 2022.

وتحقيقًا لذلك، ينبغي إحراز تقدم في الدفاعات الجوية والصاروخية والفضائية والإلكترونية للناتو وتحديث قوتها البحرية، لمواجهة التهديدات الرئيسية وإنشاء دفاعات رادعة قوية، وفق التحليل.

قدرات جديدة

تسعى دول عديدة بالناتو، لإنشاء قدرات جديدة من خلال ما تسميه واشنطن العمليات المشتركة لجميع المجالات، ويشمل ذلك أجهزة استشعار واتصالات وأنظمة كمبيوترية باستخدام تقنيات ذكاء اصطناعي، يمكن أن تربط مجموعة أنظمة مختلفة معًا تقريبًا، وتتقاطع مع خدمات عسكرية، وتدمج وظائف دفاع، مع إتاحة خيارات جديدة والتحذير من مشكلات ناشئة حديثًا، بما يمكن أن يحد جذريًا من مشكلات التشغيل البيني بين الدول وداخل قواتها.

وحتى الآن، يركز الناتو والاتحاد الأوروبي على قضايا القاعدة الصناعية دون إجراء تقييمات مفصلة للدول الأعضاء في حلف شمال الأطلنطي والتكنولوجيا العسكرية الروسية، وأولويات إنتاج الأسلحة لكلٍ منهما، استنادًا إلى معايير من بينها تكنولوجيا الأسلحة والإنتاج العسكري والقدرات الصناعية لكليهما.

ربما يعجبك أيضا