الأمومة.. حلم غير مشروع لمقاتلات “فارك”

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

تضطر المقاتلات في صفوف متمردي قوات فارك في كولومبيا إلى التخلي عن أطفالهن، وإيكال مهمة تربيتهن إلى أقارب أو قرويين مجهولين، وجل ما تتمناه كثيرات منهن هو التمكن من عيش أمومتهن بشكل طبيعي، فجوانب حياتهن مثيرة فهن يحملن السلاح، ويمارسن أعمالا شاقة في مخيمات التدريب، ويواجهن مخاطر عدة.

وتتبع القوات المسلحة الثورية الكولومبية “فارك” سياسة صارمة خلال حربها المستمرة ضد الحكومة، فتجبر عشرات النساء المقاتلات المتمردات على الخضوع لعمليات إجهاض رغم أنفهن.

وتقول إحداهن: “منذ حملنا نعرف أننا لن نستطيع الاهتمام بالطفل وعلينا التخلي عنه، وشعرت أنهم سرقوا نصف حياتي عندما تخليت عن طفلتي، نريد ألا ينظر أطفالنا إلينا نظرات خوف أو ريبة لأننا في صفوف المقاتلين”.

بعد 26 عامًا من القتال من أجل  “فارك”، استبدلت المقاتلة بالحركة وتدعى “إسبيرانزا مدينا” زي القتال وأرتدت رداء الأمومة.

في ديسمبر 2017، التقى مصور “ناشيونال جيوجرافيك” خوان أردوندو لأول مرة مع إسبيرانزا، والتي كانت حاملا في شهرها الثامن، وكانت تستعد للأمومة، وهو ما لم يكن يسمح لها بالقيام به في “فارك” حتى قبل عام.

هربت مدينا من منزلها للانضمام إلى “فارك” عندما كانت في الرابعة عشرة من عمرها، وكانت الجماعة المتمردة متواجدة في قريتها الريفية، وجذبتها بوعود براقة وحياة مثالية في حال انضمامها، في عمر الـ16 ربيعا، كانت مدينا حاملا في أول طفل لها، لكن قادتها أبلغوها أنها لا يمكن أن تبقي عليه إذا أرادت أن تستمر كعضوة بالحركة، فإن الحياة كمقاتل في “فارك” تعني الالتزام الكامل بالقضية، لذلك تركته لعائلة من القرويين.

وعلى الرغم من أن فارك قدمت وسائل منع الحمل للجنود، لكن “مدينا” أصبحت حاملا سبع مرات، وفي كل مرة كانت تقوم بعملية الإجهاض، وتختار البقاء كمقاتلة.

وفي المرة الأخيرة، عندما أصبحت حاملا طلبت الإذن بأن تنجب الطفل، ومكنها من ذلك اتفاق سلام تم التوصل إليه مع الحكومة الكولومبية في يونيو 2017، والذي دفع قادة الحركة لتسريح المقاتلات مثل “مدينا” ليبدأن الانتقال إلى الحياة المدنية.

بعد ولادة إسبيرانزا لابنتها ديزيريه، والتي كانت أول طفل يولد في الحركة، قام القادة ببناء منزل صغير لها لتقيم فيه، أما الأعضاء الباقون في الجبهة، فأصبحوا أعماما وعمات غير رسميين.

في حين أن العديد من رفاقها تم جمع شملهم مع أسرهم وانتقلوا إلى الحياة الطبيعة، إلا أن “إسبيرانزا” فضلت البقاء كمقاتلة في معسكرات “فارك”.

تأسست “فارك” عام 1964 كجناح عسكري للحزب الشيوعي الكولومبي وكحركة عسكرية تعتمد حرب العصابات كاستراتيجية لها، ويقدر أعداد المنضمين إليها حسب التقديرات الحكومية الكولمبية ما بين ستة آلاف وثمانية آلاف جندي، ينتشرون في 15 إلى 20% من أراضي كولومبيا في مناطق الغابات والأدغال والمناطق الجبلية.

عام 2005 أدرجت الحركة في لائحة المنظمات الإرهابية في الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وأمريكا اللاتينية وكندا، بينما ترفض كل من فنزويلا وكوبا هذا التصنيف، وفي 2016 قام كل من الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس بتوقيع اتفاقية مع رودريجو لوندونيو زعيم فارك تحت رعاية الرئيس الكوبي راؤول كاسترو، تتضمن اعتراف حركة فارك بالحكومة الكولومبية المنتخبة مقابل سماح الحكومة لها بتشكيل حزب سياسي ودفع تعويضات للمقاتلين بعد تسليم سلاحهم، لينهي الاتفاق حربا استمرت قرابة النصف قرن.

ربما يعجبك أيضا