المساعدات الأمريكية إلى أوكرانيا.. ماذا ينقصها؟

علاء بريك

خوفًا من ضياع أموال دافعي الضرائب الأمريكيين، يتحدث الباحث والمسؤول الأمريكي السابق مارك كانسيان عن ضرورة وجود رقابة فاعلة على المساعدات الأمريكية إلى أوكرانيا.


قال كبير مستشاريي برنامج الأمن الدولي في مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية، مارك ف. كانسيان، إنه يجب على واشنطن زيادة الرقابة على مساعداتها إلى أوكرانيا، والتعلم من تجاربها بأفغانستان.

تحصل أوكرانيا اليوم على أكبر حصة من المساعدات الأمريكية الخارجية، ومع حقيقة تفشي الفساد في أوكرانيا ووجود عدة أطراف متطرفة، من الممكن أن تذهب هذه المساعدات إلى الأيدي الخطأ، فماذا ينقصها؟

مساعدات متزايدة

بحسب المنسق الإعلامي للبيت الأبيض للقضايا الاستراتيجية، جون كيربي، دعمت واشنطن أوكرانيا بأكثر من 6 مليارات دولار من المساعدات العسكرية منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية، في أواخر فبراير 2022، فضلًا عن أوجه الدعم الأخرى.

وخصصت واشنطن حزمة مساعدات تبلغ 53 مليار دولار لدعم الحكومة الأوكرانية وقواتها في الحرب الدائرة، ستنفقه على مدار الـ3 أشهر القادمة، وتشمل الحزمة مساعدات عسكرية وإغاثية واقتصادية. وبرأي كانسيان، فإن تدفق هذه الأموال إلى أوكرانيا لا بد من إخضاعه إلى رقابة فاعلة.

أهمية المساعدات

تشكل المساعدات شريانًا حيويًّا لاستمرار عمل الحكومة الأوكرانية ومواصلة قواتها العسكرية القتال، وسبق أن أوضح مسؤول استخباراتي أوكراني، أن بلاده باتت تعتمد في ذخيرتها على الإمدادات الغربية بعد قرب نفاد مخزوناتها، وبالتالي يتوقف مصيرها على استمرار هذه الإمدادات.

ويشير كانسيان إلى أن المساعدات تضخ في البلد مليارات الدولارات وتساعد الحكومة الأوكرانية على تسيير أعمالها، وتعوض جزءًا مما أضاعته الحرب من ناتجها المحلي، البالغ بحسب تقديرات البنك الدولي 45%، وفي هذا الصدد توجه واشنطن 8.8 مليار دولار في صورة مساعدات اقتصادية تمثل 6% من ناتج كييف المحلي و30% من إنفاقها الحكومي.

مهدِّدات خطيرة

مع تدفق عشرات المليارات إلى أوكرانيا، سواء في هيئة أموال أو مساعدات عينية مدنية وعسكرية، فإنه يجب ضمان وصول المساعدات إلى الأيدي الصحيحة وتحقيقها لهدفها، ومما يهدد هذه العملية، وفقًا لكانسيان، تفشي الفساد وسط السلطات الأوكرانية، فاحتلت سابقًا المركز 122 من أصل 180 على مؤشر مدركات الفساد، فضلًا عن أن الرئيس الأوكراني، فلاديمير زِلينسكي، “غر سياسيًّا” على حد وصف كانسيان.

يتابع كانسيان، لا تقتصر المهدِّدات على الفساد المالي، بل تشمل توزيع الأسلحة على الوحدات القتالية العاملة على الأرض، وينصب الاهتمام هنا على منع وصول الأسلحة إلى الأيدي الخطأ، وهذه تمثلها التنظيمات النازية الجديدة، وأبرزها كتيبة آزوف، فإذا حصلت الكتيبة، ومثيلاتها على الأسلحة المتطورة، فلا يوجد ما يضمن عدم استخدامها لارتكاب مجازر ضد المواطنين الناطقين بالروسية أو المدنيين.

الاستفادة من دروس الماضي

عدم تحقيق المساعدات لأهدافها بسبب شبهات الفساد سيعني ذهاب أموال دافعي الضرائب سدى، وستقوِّض التوافق الحزبي الحالي في الكونجرس ومجلس الشيوخ بشأن أوكرانيا، لكن الحل الأمثل لاستئصال مثل هذه الشبهات وجود جهة رقابية مستقلة تزود أصحاب القرار بتقارير مستقلة عن أداء المساعدات، وحاول السيناتور الجمهوري، راند بول، إنشاء جهة رقابية لكنه فشل في ظل الرغبة بتسريع إتمام المساعدات.

أنشأ الكونجرس، في 2008، جهة مستقلة، تعرف باسم المفتش العام الخاص بإعادة إعمار أفغانستان مهمتها تعزيز كفاءة وفعالية برنامج إعادة الإعمار ومنع الاحتيال وإساءة الاستخدام، وكانت تزود الكونجرس بتقارير دورية عن عملها وساعدت في الكشف عن كثير من الحقائق والمبالغات. ويرى كانسيان أنه بعد انتهاء مهمة هذه الجهة يمكن توظيف خبراتها وخبرائها في أوكرانيا لضمان كفاءة وفعالية المساعدات.

الرقابة ضرورة

مع استمرار الحرب على الأراضي الأوكرانية وعدم تراجع أمريكا أو حلفائها عن إرسال المساعدات، يتوقع كانسيان استمرار تدفق المساعدات إلى أوكرانيا، ما يخلق ضغطًا ملحًّا لوجود جهة رقابية مستقلة، تضمن استبعاد الاحتيال والهدر وسلامة وصول المساعدات، وفي الآن ذاته تهدِّئ من المخاوف في الأوساط السياسية الأمريكية.

يضيف كانسيان، مما ستقدمه هذه الجهة بخلاف الرقابة على المساعدات، أنها تملك خبرة تقييم النزاع بطريقة مستقلة، فأغلب تقارير التقييم تأتي من جهات عسكرية وحكومية، وتحمل معها تحيزاتها الضمنية، وبدخول هذه الجهة ميدان التقييم قد تكشف عن معلومات لا تريد الأطراف الحكومية والعسكرية في أوكرانيا الكشف عنها.

ربما يعجبك أيضا