شركات غربية قلقة بشأن معدلات النمو في الصين.. لماذا؟

محمد النحاس
الصين

هل تعتبر معدلات النمو في الصين سيئة بالفعل؟ تحذير عدد من الشركات المرتبطة بالقطاع السياحي من بطء تعافي الاقتصاد الصيني.


يتعافي اقتصاد الصين أبطأ من المتوقع، بعد أن أدى التخفيف المفاجئ والعنيف لقيود كورونا إلى “تفاؤل مفرط”، مع تواضع أرباح الشركات الغربية بالصين.

نشرت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، المعنية بالشؤون الاقتصادية، تقريرًا يحاول استطلاع آراء بعض الشركات الغربية بشأن معدلات نمو الاقتصاد الصيني التي ترواحت بين التفاؤل المفرط والتشاؤم الشديد.

عدم استقرار؟

هذا الأسبوع عانت مجموعة مستحضرات التجميل الشهيرة “إستي لودر”، إذ انخفضت أسهمها بقدر كبير، بعد أن خفضت توقعاتها للمبيعات بسبب “تقلب أكثير بكثير مما كان متوقعًا”.

وخلال الأسبوعين الماضيين فقط، قدم عدد من شركات التقنية، وشركات الخدمات اللوجيستية، ملاحظات حذرة فيما يتعلق بمستويات تعافي الاقتصاد الصيني، وفقًا للتقرير المنشور أمس الأحد 7 مايو 2023.

التعافي ببطء

قال الرئيس التنفيذي لشركة كوالكوم، كريستيانو آمون، كان التوقع السائد على نطاق واسع أنه بعد إعادة تشغيل الاقتصاد الصيني، ورفع القيود المفروضة، سيكون التعافي سريعًا، لافتًا إلى أنه “لم تظهر علامات هذا التعافي بعد”، وأنّ ذلك يأتي ليس فقط بعد الجائحة التي أرقت العالم، ولكن كذلك بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.

من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لمجموعة أشباه الموصلات “إن إكس بي” كورت سيفرز، إنه من السابق لأوانه التحدث عن تعافي الاقتصاد الصيني، لافتًا إلى أن معدلات تحسنه “بطيئة للغاية وتدريجية ومتواضعة”، وفقًا لفاينشيال تايمز.

عدم يقين سائد

نقلت الصحيفة البريطانية تحذير عدد من الشركات المرتبطة بالقطاع السياحي، والمتعلقة بالسفر، من بطء تعافي الاقتصاد الصيني، وأوضح رئيس مجموعة هيلتون الفندقية، كريستوفر ناسيتا، أن “الصين لن تسهم هذا العام بما كان مرجوًّا” على صعيد الاقتصاد العالمي.

وحسب فاينانشيال تايمز، قالت ستاربكس إن الاقتصاد الصيني شهد خلال الأشهر الـ3 الأولي من العام الجاري 2023، تحسنًا لافتًا (مدفوعةً بالتوقعات الإيجابية والتفاؤل الكبير آنذاك) غير أنها لفتت إلى أن معدلات النمو بدأت تتباطأ بالفعل في ظل أجواء من عدم اليقين تسيطر على البيئة العامة، خاصةً في مجال السفر الدولي.

ما سبب تفاوت التقديرات؟

تأتي هذه التعليقات غير المتفائلة، على الرغم من أن البيانات الرسمية للأداء الاقتصادي أبدت نموًّا متصاعدًا، وكان الناتج المحلي الإجمالي متجاوزًا لهدف بكين الذي حددته سلفًا بنمو 5%.

ويُرجع المحلل المالي وكبير مسؤولي الاستثمار في “سي آي بي سي برايفت ويلث” ديفيد دونابيديان، الاختلاف في التقديرات وتلك الحالة العامة من الإحباط لدى تلك الشركات، إلى حالة التفاؤل الكبيرة التي تلت رفع إدارة الحزب الشيوعي للقيود على نحوٍ مفاجئ، أي إن الأزمة ببساطة لا تكمن في معدلات النمو، بقدر ما ترتبط بالتوقعات المسبقة المفرطة في التفاؤل.

تقديرات معتدلة وعوائد عالية

يمكن القول إن توقعات النمو المتفائلة تتصور النمو المرجو كأنه “إقلاع طائرة عملاقة” لكن الأمر مجرد “انطلاق شاحنة” فحسب، كما يشير ديفيد دونابيديان. وفي مقابل التصورات شديدة التفاؤل، شهد مطلع هذا العام تقديرات واقعية، وبالفعل حققت الشركات التي لم تبالغ في تقديراتها لمعدلات النمو، أرباحًا جيدة.

فعلى السبيل المثال، كانت شركة أديداس أعلنت استمرار حالة “عدم اليقين” مع تخفيف القيود، وعلى الرغم من أنها واجهت تحديات جمة على مدار السنوات الماضية، حققت أسهمها يوم الجمعة الماضي 5 مايو، فقزة نوعية تقدر بـ8%، وهو اتجاه وصفته بالإيجابي.

أبعاد أخرى

تباطؤ الاقتصاد الصيني يأتي أيضًا انعكاسًا للتوترات الجيوسياسية، واضطراب العلاقة مع واشنطن، لأن المخاوف الأمنية تنعكس بطبيعة الحال على الاستثمارات والجوانب الاقتصادية.

وعلاوة على ذلك، أقرت الولايات المتحدة قانون “مكافحة التجسس” الذي يستهدف الصين على نحو رئيس، ما انعكس على نظرة الشركات الأمريكية عمومًا إلى الاستثمار في جمهورية الصين الشعبية.

ومع ذلك، فإن الارتباط الوثيق بين اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية والصين، يجعل من غير المرجح التباعد الكلي بينهما، في وقتٍ يسعى فيه كل منهما لتحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب الجيوسياسية، التي تنعكس بدورها على هيكلية النظام المالي العالمي.

اقرأ أيضًا| «أزمات متتالية».. هل يشهد العالم ركودًا اقتصاديًّا؟

اقرأ أيضًا| «لم يعد فعالًا».. هل تتجه واشنطن إلى تغيير نهجها الاقتصادي؟

ربما يعجبك أيضا