عقبات غربية تواجه مساعي إيران لاستئناف محادثات الاتفاق النووي

يوسف بنده

تقارير تكشف عن أن إيران طلبت من قطر وعُمان التوسط لدى الأوروبيين لإعادة طرح اقتراحهم بشأن الاتفاق النووي.


منذ اندلاع حركة الاحتجاجات في إيران، تراجع التركيز على مسألة مفاوضات إعادة الاتفاق النووي مع الغرب.

وتأتي الدعوة مجددًا لاستئناف المحادثات النووية، وسط اتهامات من جانب إيران لقوى خارجية بالوقوف وراء دعم الاحتجاجات الشعبية التي انتشرت في مدن عدة بالبلاد، رفضًا للقيود الصارمة على الحريات الشخصية، والعنف ضد المعارضين.

تواصل الاحتجاجات

بينما يحتفل الشعب الإيراني بأولى ليالي الشتاء (شب يلدا) تتواصل الاحتجاجات الشعبية ضد النظام، وشهدت مدن إيرانية مختلفة، بينها العاصمة طهران، احتجاجات ليلية، أمس الثلاثاء 20 ديسمبر 2022، ردد خلالها المحتجون شعارات مناوئة للنظام، بينها “الموت للديكتاتور”، حسب تقرير لقناة “العربية“.

وارتفع عدد ضحايا الاحتجاجات التي عمّت البلاد في إيران إلى 506 قتلى حتى أمس الثلاثاء، حسب ما أعلن موقع “هَرانا” الإيراني لحقوق الإنسان،  ما يضع النظام في حرج بسبب عدم قدرته على إسكات حركة الاحتجاجات المشتعلة منذ منتصف سبتمبر الماضي.

28e4e51d 1eda 4bbb 868e 7b0539ad29c5

طلب العودة للمحادثات

على هامش مؤتمر “​بغداد​ 2” الذي استضافه الأردن، التقى وزير الخارجية الإيراني، حسين عبد اللهيان، منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، وأبلغه باستعداد طهران لإتمام الاتفاق النووي​ مع “مراعاة الخطوط الحمراء”، حسب صحيفة “سياست روز“.

وأصدرت الخارجية الإيرانية بيانًا قالت فيه إنّ عبداللهيان شدد لبوريل على “استعداد إيران لاختتام مفاوضات فيينا على أساس مسودة حزمة التفاوض التي جاءت نتيجة شهور من المفاوضات الجادة والمكثفة”. وتأتي هذه الدعوة في ظل توتر العلاقات بين إيران والغرب على أساس الدعم الغربي للاحتجاجات بإيران.

محادثات غير معلنة

نقلت صحيفة “الجريدة” عن مصدر دبلوماسي أوروبي، أن الاحتجاجات المتواصلة في إيران مثلت ضغوطًا على طهران دفعتها لقبول عرض أوروبي عمره أكثر من 3 أشهر، لإجراء مفاوضات مباشرة وسرية مع واشنطن. وكشف المصدر عن أن إيران طلبت من قطر وعُمان التوسط لدى الأوروبيين لإعادة طرح اقتراحهم.

download 40 1

وحسب المصدر، طلبت إيران تعديلات غير أساسية على الاقتراح القديم، من بينها أن تكون المباحثات غير علنية، وأن تتزامن مع مساعٍ لحل الخلافات بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومن ضمنها التحقيق في العثور على يورانيوم في مواقع إيرانية غير معلنة.

وقال إن طهران طلبت كذلك أن توقف الدول الغربية دعم المعارضة الإيرانية في الداخل، في إشارة إلى الاحتجاجات المتواصلة منذ 3 أشهر، لافتًا إلى أن أحد أسباب قبول الأوروبيين بإحياء العرض، هو حصولهم على تعهدات من طهران بوقف جميع اتفاقيات تزويد موسكو بطائرات مسيَّرة وصواريخ بالستية.

الموقف الأمريكي

تركز الولايات المتحدة الأمريكية حاليًّا على ملفات أخرى عطلت المحادثات النووية، منها الدعم الإيراني لروسيا ضد أوكرانيا. ولذلك أعلن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، دعمه للمحتجين في إيران، وقال في تجمع انتخابي في 4 نوفمبر الماضي، إن الاتفاق النووي “قد مات“، لكن “لن نعلن وفاته رسميًّا”.

وحسب شبكة “سي إن إن“، قال منسق مجلس الأمن القومي الأمريكي، جون كيربي، إن “الاتفاق النووي ليس في تركيزنا حاليًّا. نحن ببساطة لا نرى اتفاقًا قريبًا ما دامت إيران تواصل قتل مواطنيها وبيع الطائرات من دون طيار إلى روسيا… نركز على مواجهة إيران في تلك المجالات وليس على الصفقة الإيرانية”.

62037325

الموقف الأوروبي

تلخص الموقف الأوروبي من مساعي إيران للعودة للمحادثات النووية، في تصريحات المنسق الأوروبي بعد لقائه الوزير الإيراني، فقد طلب بوريل من عبداللهيان وقف قمع التظاهرات في إيران، وإنهاء الدعم العسكري لروسيا، ما يعني أن موقف أمريكا وأوروبا موحد بالاستفادة من الضغط على إيران.

وكتب بوريل في تغريدة على “تويتر”: “لقاء ضروري مع الوزير الإيراني.. في وقت تتدهور فيه العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وإيران”. وأضاف: “شددت على ضرورة الإنهاء الفوري للدعم العسكري لروسيا والقمع الداخلي في إيران”. وأوضح أن الجانبين اتفقا على “إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة وإعادة إحياء الاتفاق النووي”.

تداخل الملفات

دخلت الولايات المتحدة وحلفاؤها في اشتباك مع إيران وحليفتها روسيا، داخل أروقة مجلس الأمن الدولي، الاثنين الماضي، بسبب مزاعم الغرب بتزويد طهران لموسكو بطائرات مسيرة تشن هجمات في أوكرانيا. واتهمت واشنطن الأمين العام للأمم المتحدة بـ”الرضوخ للتهديدات الروسية، والفشل في إطلاق تحقيق بهذا الشأن”.

ايران وامريكا

وحسب تقرير لـ”سكاي نيوز“، شهد اجتماع مجلس الأمن بشأن القرار الذي يؤيد الاتفاق النووي بين إيران و6 دول كبرى، تبادلًا للاتهامات بين الولايات المتحدة وإيران، بالتسبب في توقف المفاوضات بشأن عودة إدارة بايدن للاتفاق الذي انسحب منه سلفه دونالد ترامب عام 2018.

وشدد سفير إيران لدى الأمم المتحدة، أمير سعيد إيرواني، على أن فريق التفاوض الإيراني “مارس أقصى درجات المرونة” في محاولة التوصل إلى اتفاق. وقال نائب السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، روبرت وود، إن “باب المفاوضات لا يزال مفتوحًا لعودة أمريكية-إيرانية متبادلة لتنفيذ الاتفاق النووي بالكامل”.

زيارة وفد الوكالة

حسب وكالة “إيسنا“، أجرى وفد الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بقيادة نائب المدير العام للضمانات، ماسيمو أبارو، محادثات مع رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي، يوم الاثنين الماضي، وذلك بعد توتر العلاقات بين الجانبين على خلفية قرار مجلس حكام الوكالة الذي اتهم طهران بعدم التعاون.

وغادر مسؤولو الوكالة الدولية دون إعلان “نتائج واضحة”. وقال وزير الخارجية الإيراني، قبل ذهابه للقمة الإقليمية في الأردن، إنها “قد تكون فرصة لتحريك مباحثات الملف النووي الإيراني”، ما يعني أن زيارة وفد الوكالة كانت في إطار استجابة إيران للعودة للمحادثات النووية مع المجموعة الدولية “5+1”.

62461626

ملف المواقع المشبوهة

تبحث الوكالة الدولية عن إجابة من طرف طهران بخصوص تفسير سبب وجود آثار اليورانيوم في عدة مواقع غير معلنة، وبالتالي تؤثر في قدرتها على الحكم بما إذا كان العمل النووي الإيراني جزءًا من مشروع للطاقة السلمية، مثلما تقول طهران دائمًا.

ولا تزال مسألة المواقع النووية المشبوهة تمثل عقبة أمام إحراز تقدم في محادثات إحياء الاتفاق النووي. وبينما تتهم طهران الجماعات المعارضة بالوقوف وراء وجود آثار اليورانيوم، ينتاب القلق “الذرية الدولية” والمجتمع الدولي من رفع إيران مستوى تخصيب اليورانيوم، بما يقربها من إنتاج السلاح النووي.

ربما يعجبك أيضا