كيف تستفيد الصين من حرب حماس وإسرائيل؟

تحاول بكين الاستفادة من الانقسام المتنامي بين واشنطن والجنوب العالمي

آية سيد
بين فلسطين وإسرائيل.. إلى أي جانب تنحاز الصين؟

تركز الصين على الانقسام المتزايد بين مواقف واشنطن والجنوب العالمي تجاه الحرب لتعزيز طموحات بكين المتعلقة بالسياسة الخارجية.


يتنامى الغضب العالمي بسبب العدوان العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي أسفر عن استشهاد ما لا يقل عن 27 ألف فلسطيني حتى الآن.

وفي ضوء ذلك، تركز الصين على الانقسام المتزايد بين مواقف واشنطن والجنوب العالمي تجاه الحرب لتعزيز طموحات بكين المتعلقة بالسياسة الخارجية، وفق تحليل للكاتبة كريستينا لو، بمجلة فورين بوليسي الأمريكية، أمس الأربعاء 31 يناير 2024.

موقف الصين

على مدار حرب حماس وإسرائيل، ظلت الصين حريصة على البقاء على الحياد، وحذرة من توريط نفسها في صراع متصاعد أو المخاطرة بعلاقاتها الإقليمية، حسب التحليل. لكن في حين تواجه واشنطن رد فعل عنيف بسبب دعمها لإسرائيل، استغلت بكين الفرصة للانحياز إلى دول الجنوب العالمي التي أدانت أفعال إسرائيل.

كيف تستفيد الصين من حرب حماس وإسرائيل؟

الرئيس الصيني شي جين بينج

وفي هذا السياق، قال مدير برنامج الشرق الأوسط بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، جون ألتمان، إن الصين “تبقى بعيدة وتترك الولايات المتحدة تتحمل الأعباء”، مضيفًا أن المصلحة الوحيدة التي تسعى لها الصين في الشرق الأوسط هي “مراقبة حدوث انقسام أوسع بين الولايات المتحدة وأجزاء كبيرة من الجنوب العالمي”.

نهج حذر

منذ البداية، كان نهج الصين تجاه حرب حماس وإسرائيل يتسم بالحذر. فالرئيس الصيني، شي جين بينج، انتظر أسبوعين قبل أن يعلق على هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، كما أحجمت بيانات الحكومة الأولية عن ذكر حماس، ما أغضب المسؤولين الإسرائيليين.

وفي الأشهر اللاحقة، صورت بكين نفسها كصانع سلام، داعيةً إلى وقف إطلاق النار وإقامة دولة فلسطينية دون أن تورط نفسها مباشرة في الصراع. وفي تصريح لمجلة فورين بوليسي، قالت الزميلة بمؤسسة بروكنجز، باتريشيا كيم، إن الصين “تجنبت بوضوح أي دور جوهري في الصراع الحالي”.

وبينما تريد بكين تصوير نفسها كوسيط إقليمي، رأت كيم أن الصين “ليست لديها مصلحة في العمل كمزود للأمن أو التدخل مباشرة في مواقف صعبة قد تعرّض علاقاتها في المنطقة للخطر”. ووفق التحليل، تجلت هذه الديناميكيات في هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر، إذ رفضت الصين التدخل بقواتها البحرية.

الدعم الأمريكي لإسرائيل

أوضح التحليل أن نهج بكين يأتي على النقيض من نهج واشنطن، التي تدعم إسرائيل بقوة وتمدها بمساعدات عسكرية بالمليارات واستخدمت الفيتو في مجلس الأمن لمنع القرارات الداعية لوقف إطلاق النار في غزة.

حصيلة الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل

حصيلة الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل حتى ديسمبر 2023

وكذلك تحركت واشنطن في البحر الأحمر، عبر شن ضربات ضد الحوثيين في اليمن وحشد قوة مهام دولية للمساعدة في ضمان حرية الملاحة. لكن مع ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي في غزة، ازداد إحباط العالم من الدعم الأمريكي المطلق لإسرائيل.

استغلال الموقف

تحاول بكين الاستفادة من هذا الانقسام. وفي تصريحات أبرزتها فورين بوليسي، قال المؤسس المشارك لمشروع الجنوب العالمي الصيني، إيريك أولاندر: “إنهم يشعرون أن هذا سيقوض الولايات المتحدة في أعين بقية العالم، في المناطق التي يهتمون بها”.

وأوضح أن هذا يعمل في صالح استراتيجية الصينيين، “لإظهار مدى عزلة الأمريكيين وعدم توافقهم مع بقية العالم، وإظهار نفاقهم”. وأضاف: “الصينيون يفعلون ذلك بمهارة كبيرة، من ناحية متابعة سياستهم الخارجية وتعزيز بعض القيم التي يحاولون ترويجها عن أوجه قصور النظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة”.

صانع سلام

كجزء من هذه الاستراتيجية، تصوّر الصين نفسها كصانع سلام، عبر اقتراح خطة سلام من 5 نقاط، والدعوة لمؤتمر سلام فلسطيني إسرائيلي، وتقديم مساعدات بقيمة 4 مليارات دولار لغزة، واستضافة وفد من الوزراء العرب والمسلمين، والمشاركة في قمة افتراضية لبريكس بشأن الصراع، وفق التحليل.

لكن الخبراء يقولون إن أفعال بكين أدائية إلى حد كبير، إذ أنها لم تسفر عن نتائج ملموسة. فقمة بريكس، مثلًا، فشلت في التوصل لبيان مشترك أو خارطة طريق عملية. وفي هذا الشأن، وصف الزميل غير المقيم بالمجلس الأطلسي، أحمد عبده، جدية الصين بشأن الوساطة في حرب حماس وإسرائيل بأنها “مجرد خداع”.

وأرجع ذلك إلى “غموض اللغة الدبلوماسية الصينية والمبلغ المالي الضئيل الذي قدمه ثاني أكبر اقتصاد في العالم” إلى غزة، مضيفًا أن الصين قررت التعامل مع إسرائيل كضرر جانبي، لأنها تريد دعم دول الجنوب العالمي لرؤيتها الخاصة للحوكمة العالمية وأولوياتها الاستراتيجية.

ربما يعجبك أيضا