لماذا تُحجم الصين عن التدخل في أزمة البحر الأحمر؟

بكين ليس لديها مصلحة كبيرة في تولي مسؤولية أكبر في صراع البحر الأحمر

آية سيد
لماذا تُحجم الصين عن التدخل في أزمة البحر الأحمر؟

رد الصين الحذر يتماشى مع نهجها العام تجاه أزمات الشرق الأوسط، ومن المستبعد أن يتغير ما لم تؤثر الهجمات في مصالح بكين التجارية. لكنه يعكس غياب القيادة والقدرة في بلد يسعى لتأكيد نفسه كقوة عالمية.


تستمر هجمات الحوثيين على سفن الشحن في البحر الأحمر، رغم تشكيل ائتلاف بقيادة الولايات المتحدة لحماية حركة الملاحة، وشن ضربات جوية لردع الهجمات.

إلا أن الصين لم تنضم لهذه المبادرة، وتمثل نهجها في الدعوة لإنهاء الهجمات على السفن والإعراب عن القلق إزاء الوضع الآخذ في التصاعد. وفي هذا السياق، استعرض تقرير لصحيفة “ساوث تشاينا مورنينج بوست” آراء المراقبين والخبراء بشأن موقف بكين.

نهج عام

حسب التقرير، المنشور اليوم الأحد 28 يناير 2024، يقول المراقبون إن رد الصين الحذر يتماشى مع نهجها العام تجاه أزمات الشرق الأوسط، ومن المستبعد أن يتغير ما لم تؤثر الهجمات في مصالح بكين التجارية. لكنهم رأوا أيضًا أن هذا الحذر يعكس غياب القيادة والقدرة في بلد يسعى لتأكيد نفسه كقوة عالمية.

بين فلسطين وإسرائيل.. إلى أي جانب تنحاز الصين؟

الرئيس الصيني، شي جين بينج، ورئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس

وقال الأستاذ المساعد بجامعة تل أبيب، أوري سيلا: “إنها لا تُظهر أي رغبة في التصرف كقوة عظمى مسؤولة. وبينما تحافظ الصين على خطاب واضح بشأن الحفاظ على السلام والاستقرار، يبدو، من الناحية العملية، أنها لا تمتلك قدرة كبيرة لتحقيق أي منهما، سواء من ناحية القوة العسكرية أو الدبلوماسية”.

غياب التهديد

رأى أستاذ السياسة الدولية المقيم بمركز هوبكنز-نانجينج للدراسات الصينية والأمريكية، ديفيد آراس، أن أحد العوامل المساهمة هي أن الحوثيين لم يهاجموا السفن الصينية، ما يعني أن بكين ليس لديها مصلحة كبيرة في تولي مسؤولية أكبر في الصراع.

وأضاف آراس، في تصريحات لـ”ساوث تشاينا مورنينج بوست”، أنه في حين أن الواردات والصادرات الصينية التي تنقلها سفن غير صينية حوّلت مسارها وتسببت في ارتفاع تكلفة البضائع، تفضل بكين استيعاب هذه التكاليف على “التحالف مع الولايات المتحدة أو تحمل التزامات أمنية مكلفة في هذه المنطقة المضطربة”.

ونتيجة لهذا، لا تتحمل الصين أي التزامات لضمان الاستقرار في البحر الأحمر أو الحفاظ على حقوق الملاحة الدولية، ما جعل واشنطن تتحمل عبء حماية حرية الملاحة وبكين “تستفيد بالمجان”.

التشكيك في النظام العالمي

أوضح أوري سيلا أنه، في ظل استمرار هجمات الحوثيين رغم الضربات على الأهداف التابعة لهم، تستغل الصين الموقف لتعكس فشل النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة وتُظهر جهودها في صورة أفضل. وقال: “ترى الصين فرصة هنا لاستخدام رواية الفشل حتى تُظهر لاحقًا أن النظام العالمي الصيني متفوق على الولايات المتحدة”.

وأضاف الباحث، في التصريحات التي أبرزتها الصحيفة الصادرة في هونج كونج، أن صراع البحر الأحمر كشف “هشاشة وتقلب” نجاحات الصين في المنطقة. وقال: “الوضع في البحر الأحمر كشف الصين في حجمها الحقيقي، فهي قوة اقتصادية مهمة في المنطقة لكنها بعيدة كل البعد عن كونها قوة عالمية حقيقية”.

تعليق الفشل على واشنطن

في سياق متصل، أشار المحلل بأوراسيا جروب، جيرمي تشان، إلى أن رد الصين الصامت نبع من نظرتها لهجمات البحر الأحمر كنتيجة مباشرة للفشل في التوصل لوقف دائم لإطلاق النار في غزة، الفشل الذي تعلقه على الولايات المتحدة.

لماذا تُحجم الصين عن التدخل في أزمة البحر الأحمر؟

الرئيسان الأمريكي والصيني

ولهذا لن تدعم بكين واشنطن، سواء بإدانة الحوثيين أو إجراء دوريات بحرية مشتركة. وقال: “في تقديري هذه خطوة ذكية من المنظور الضيق للمصالح الصينية لكنها خطوة سخيفة لدولة لديها خطط لأن تصبح قائد عالمي”.

وحسب “ساوث تشاينا مورنينج بوست”، رأى الزميل بالمعهد الأمريكي للسلام، أندرو سكوبل، أن الصين، رغم ثقلها الاقتصادي، تفتقر إلى الثقل الدبلوماسي والعسكري.

مصالح الدول النامية

من جهة أخرى، لفت أستاذ العلاقات الدولية بجامعة رينمين، وانج يوي، إلى أن موقف الصين لا يتعلق فقط بالانحياز لجانب، بل بدعم حقوق ومصالح كل الأطراف، خاصة الدول النامية، وفق ما نقلت الصحيفة الصينية.

فيما قال الأستاذ المساعد بكلية جوزيف كوربل للدراسات الدولية بجامعة دنفر، ألفين كامبا، إن رد الصين أظهر أنها “تسير بحذر بين كونها قائد عالمي، والمضي قدمًا في تحقيق مصالحها الجيوسياسية”، إلا أن القائد العالمي سيضمن سلامة كل السفن التجارية بغض النظر عن المواقف السياسية.

وأشار آراس، من مركز هوبكنز-نانجينج، إلى أن بكين ستتطلع إلى تحقيق بعض “نقاط القيادة” عن طريق الدعوة إلى مباحثات إقليمية أوسع، على سبي المثال، لكن هذا سيبدو وكأن الصين تنهض بأجنداتها الدبلوماسية “دون أي تكلفة مادية”.

ربما يعجبك أيضا