كيف يمكن القضاء على الانبعاثات بحلول 2050؟

بسام عباس

يتطلب القضاء على الانبعاثات الكربونية إجراءات ضخمة بشأن كيفية استخدام الأراضي والتوسع في الطاقة المتجددة.


كشفت دراسة حديثة عن أن المحيطات تمتص كميات من انبعاثات الكربون تعادل مجموع ما تعهدت دول العالم بخفضه بحلول 2023.

وتراهن دول العالم على التكنولوجيا في إزالة 12 جيجا طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنويًّا بحلول عام 2050، وأعرب باحثون من جامعات مختلفة عن قلقهم إزاء هذا الأمر، وأوصوا بضرورة إيجاد حل سريع، للحد من هذه الانبعاثات.

خطط طويلة الأجل

أوضح موقع ساينس ديلي العلمي، في تقرير نشره يوم الأربعاء 19 إبريل 2023، أن محيطات العالم تمتص سنويًّا 12 جيجا طن من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، وهي مماثلة للكمية التي تعتمد دول العالم على التقنيات الجديدة لإزالتها من الغلاف الجوي واستعادة الطبيعة بحلول عام 2050.

وأضاف أن هذه النتيجة توصل إليها فريق بحث دولي، في دراسة جديدة نُشرت في مجلة  Nature Climate Change، واطلع الباحثون على “خطط طويلة الأجل منخفضة الانبعاثات” التي قدمتها 50 دولة للجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة (IPCC).

سبل تقليل الانبعاثات

ذكر الموقع أن الدراسة، التي أجريت بالتعاون بين جامعات بافالو الأمريكية ولوند السويدية ولانكستر البريطانية وكوبنهاجن بالدنمارك، تناولت سبل تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، والانبعاثات المتبقية المتوقعة لكل دولة في عام 2050، وهي السنة التي تتوقع فيها هذه الدول الوصول إلى نقطة صافي الانبعاثات الصفرية.

وقالت مؤلفة الدراسة، والأستاذ المساعد في جامعة بافالو، هولي جان باك، إن التحليل الذي أجراه فريق البحث فحص أكثر السيناريوهات طموحًا، التي استخدمت فيها العديد من الدول عدة توقعات مختلفة، ما يعني أن الانبعاثات المتبقية الفعلية قد تكون أكبر بكثير.

وأضاف المؤلف المشارك، أستاذ اقتصاديات الغذاء والموارد بجامعة كوبنهاجن، ينس فريس لوند، أن التحليل أخذ بتقديرات الدول الأكثر تحفظًا للانبعاثات بحلول عام 2050، فوجد بقاء 12 جيجا طن من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، وهي كمية كبيرة يجب إزالتها. لذلك، فإن خطط هذه الدول تبدو مقلقة.

تحقيق صافي الانبعاثات

قال الموقع العلمي إن 18 دولة فقط، من أصل 50 دولة قدمت خططًا للمناخ، قدمت أرقامًا عن حجم انبعاثاتها المتبقية في عام 2050، واستخدم الباحثون هذه الأرقام لحساب المتوسط​​، الذي تم تطبيقه بعد ذلك على الدول الأخرى.

وأضاف أنه رغم توقع بقاء الكمية الكبيرة من ثاني أكسيد الكربون في عام 2050، لا تزال الدول الـ 18 تخطط لتحقيق صافي انبعاثات صفرية في ذلك العام، ما سيتحقق، وفق تقديراتها، بزراعة غابات جديدة والحفاظ على مساحات شاسعة من الطبيعة بالإضافة إلى سبل وتقنيات أخرى.

التشجير يؤثر في الأمن الغذائي

وفق ما يراه البروفيسور ينس فريس لوند، من المحتمل أن يؤدي زراعة الغابات الجديدة إلى مضاعفة تحديات أخرى، منها زيادة المنافسة على الأراضي لحماية التنوع البيولوجي وإنتاج الغذاء، لافتًا إلى أن هذه المساحات الكبيرة، التي يجب وضعها جانبًا لإزالة ثاني أكسيد الكربون، ستتنافس مع الأراضي الزراعية والأمن الغذائي.

وأضاف أن السرعة المطلقة، التي ينبغي أن تزرع بها الغابات أو المحاصيل الحيوية تشكل خطرًا على السكان في جميع أنحاء العالم، لافتًا إلى أن هذا ما رصده في تقرير بشأن إمكانية إزالة ثاني أكسيد الكربون، الذي شارك به في COP27 العام الماضي.

 

 دور التكنولوجيا

أوضح الموقع أن للتكنولوجيا الجديدة، التي يمكنها التقاط ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي دور رئيس في الخطط المستقبلية لتقليل الانبعاثات، مضيفًا أن هذه التقنيات تشمل تقنية التقاط الكربون وتخزينه (CCS)، التي تعمل على طاقة الكتلة الحيوية وفي التقاط الهواء المباشر.

وأشار إلى وجود عدد قليل من محطات التقاط الهواء المباشر بأنحاء الكوكب، تزيل بضعة آلاف من الأطنان من ثاني أكسيد الكربون سنويًّا، وأنه بحلول عام 2050، ستكون مثل هذه المحطات أكبر مما هي عليه اليوم، وتتطلب كميات هائلة من الطاقة، التي بدورها يجب أن تكون طاقة خضراء.

محطة توليد الكهرباء في هيليشيدي، أيسلندا

محطة توليد الكهرباء في هيليشيدي، أيسلندا

تسريع الجهود

أوصت الدراسة بتسريع الجهود لتقليل الانبعاثات، فالحد منها حاليًّا أفضل بكثير من الاستثمار في إصلاح تكنولوجي غير مؤكد، مشيرة إلى أنه في المستقبل ستتفاقم أزمة المناخ، مصحوبة بظواهر مناخية أكثر شدة وأضرار مناخية لاحقة.

تقنية التقاط الكربون وتخزينه

تقنية التقاط الكربون وتخزينه

وكشفت الدراسة عن الحاجة الملحة لمناقشةٍ أكثر انفتاحًا بشأن الانبعاثات، وأن الدول والمؤسسات، التي حددت أهدافًا صفرية صافية تحتاج أيضًا إلى تمكين نقاش ديمقراطي بشأن نوع مستقبل المناخ الذي ينشده الجميع، وليس الاختباء وراء ادعاءات البعض عن الانبعاثات التي يعتقدون أنها “ضرورية”.

اقرأ أيضًا| رئيس الإمارات: سنواصل التركيز على خفض الانبعاثات في قطاع الطاقة

اقرأ أيضًا| رئيس COP28: زيادة التمويل ضرورة لتسريع العمل المناخي

اقرأ أيضًا| دراسة: تغيّر المناخ يقوّض قدرة الغابات على سحب الكربون من الغلاف الجوي

ربما يعجبك أيضا