من إفلاس 2021 إلى الازدهار في 2023.. تجربة البرازيل الملهمة

آية سيد
حرب غزة تكشف الانقسام المتنامي بين الغرب والجنوب العالمي

في العام الماضي تلقت البرازيل استثمارات أجنبية مباشرة بأكثر من 91 مليار دولار ما يجعلها خامس أكبر وجهة استثمارية بالعالم.


في يناير 2021 أعلن الرئيس البرازيلي السابق، جايير بولسونارو، إفلاس بلاده، لكن الآن بعد 6 أشهر من رئاسة لولا دا سيلفا بدأ اقتصاد البلاد يتحسن.

لكن حظوظ البرازيل الآخذة في التحسن، هي نتيجة جزئية لأمور خارجة عن سيطرة لولا، بالإضافة إلى الإمكانات الضخمة للدولة، مثلما أوضح تقرير لمجلة ذي إيكونوميست البريطانية، أمس الأربعاء 2 أغسطس 2023.

مخاوف المستثمرين

عند انتخاب لولا رئيسًا للبرازيل العام الماضي، شعر المستثمرون بالخوف، خشية العودة إلى الإسراف المالي الذي ميّز الحكومة السابقة لحزب العمال، والذي انتهى بركود حاد في 2016. لكن بعد 6 أشهر من توليه المنصب، بدأت الأسواق في التعود على إدارة لولا، وفق ذي إيكونوميست.

وفي استطلاع حديث لـ94 مدير صندوق ومحللًا برازيليًّا، كان 44% فقط لديهم رأي سلبي عن الحكومة، انخفاضًا من 90% في مارس الماضي. وفي 26 يوليو 2023، رفعت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني تصنيف ديون البرازيل طويلة الأجل بالعملة الأجنبية، للمرة الأولى منذ أن خفضت تصنيفها في 2018.

عوامل خارجية

عزت المجلة البريطانية ذلك التحسن إلى عوامل خارجة عن سيطرة الرئيس البرازيلي، وقالت إن الحرب الروسية الأوكرانية جعلت الصادرات القادمة لأكبر منتجي الحبوب في العالم، روسيا وأوكرانيا، في خطر. وبعد رفع الصين لقيود جائحة كورونا، ارتفع الطلب على المواد الغذائية.

وهذان العاملان جعلا الطلب يزداد على الحبوب البرازيلية. وتمثل صادرات فول الصويا وحدها 20% من النمو الاقتصادي هذا العام. وهذا يزيد الفائض التجاري للبرازيل، وهو ضخم بالفعل.

التطلع للأسواق الناشئة

تدفع التوترات المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين، واحتمالية أن تخفض أمريكا أسعار الفائدة العام المقبل، الكثير من المستثمرين إلى التطلع إلى الأسواق الناشئة، وفق ذي إيكونوميست.

اقرأ أيضًا| نظام عالمي جديد وتحدي أمريكا.. رسائل رئيس البرازيل من الصين

والعام الماضي، تلقت البرازيل استثمارًا أجنبيًّا مباشرًا بأكثر من 91 مليار دولار، ما يجعلها خامس أكبر وجهة استثمارية في العالم. وفي هذا الشأن، يقول الباحث بمعهد التمويل الدولي بواشنطن، روبن بروكز: “ينظر الناس للبرازيل الآن بطريقة مختلفة عن السنوات الـ10 الماضية”.

استقلال البنك المركزي

من العوامل التي ساعدت البرازيل أيضًا أن بنكها المركزي مستقل. ولفتت ذي إيكونوميست إلى أن سياسات البنك المركزي، التي أبقت سعر الفائدة عند 13.75%، آتت ثمارها. وهبط التضخم السنوي من 12% في إبريل من العام الماضي إلى 3.2% اليوم.

ومن المتوقع أن يخفض البنك أسعار الفائدة هذا الأسبوع. وأشارت المجلة البريطانية إلى أن أحد العوامل التي قد تساعد في إبقاء التضخم منخفضًا، حقيقة أن قيمة الريال البرازيلي ترتفع مقابل الدولار.

إصلاحان رئيسان

حسب ذي إيكونوميست، ينسب الكثير من خبراء الاقتصاد الفضل في التفاؤل بشأن اقتصاد البرازيل إلى وزير المالية، فرناندو حداد، الذي يقف وراء إصلاحين رئيسين قد يضعان البرازيل على مسار أكثر استقرارًا.

وفي 7 يوليو الماضي، مرر مجلس النواب إصلاحًا دستوريًّا للمضي قدمًا في إصلاح ضريبي كان يجري التحضير له منذ 3 عقود. هذا الإصلاح سيدمج 5 ضرائب على البضائع والخدمات في ضريبتي قيمة مضافة، واحدة فيدرالية والأخرى محلية.

إطار مالي جديد

في وقت لاحق من العام الحالي، من المقرر أن يصدق الكونجرس البرازيلي على إطار مالي جديد لتحقيق الاستقرار في المالية العامة. وسيحد هذا الإطار الجديد من الزيادات في الإنفاق الأوليّ للحكومة الفيدرالية إلى 70% من نمو عائدات العام السابق، لتحقيق ميزانية أولية متوازنة للعام التالي، وفائض أولي بداية من 2025.

وأشارت المجلة البريطانية إلى أنه إذا لم تحقق الحكومة أهدافها، سيقتصر نمو الإنفاق على 50% فقط من نمو عائدات العام السابق، ولن يكون مسموحًا للحكومة بزيادة أجور العاملين في القطاع العام، من بين قيود أخرى.

الطاقة النظيفة

يتطلع المستثمرون أيضًا إلى قدرة البرازيل على إنتاج الطاقة النظيفة، وطموحات لولا إلى جعل بلاده مركز قوة في ذلك المجال. ومن المتوقع أن تقدم الحكومة هذا الشهر حزمة من 100 مبادرة بيئية. وتعتقد الحكومة أن هذه الحزمة ستتطلب مئات المليارات من الدولارات من الاستثمارات الخاصة.

اقرأ أيضًا| الرئيس البرازيلي يكشف عن خطة لوقف إزالة الغابات في الأمازون

ووفق ذي إيكونوميست، قد يجري توقيع اتفاق تجارة حرة، بعد أكثر من عقدين من المفاوضات، بين الاتحاد الأوروبي والسوق الجنوبية المشتركة (ميركوسور)، التي تضم البرازيل والأرجنتين وباراجواي وأوروجواي.

نجاح غير مضمون

رأت المجلة البريطانية أن نجاح الإصلاح الضريبي والإطار المالي غير مضمون. وحتى الآن لم تتضح قيمة ضريبة القيمة المضافة الجديدة، ولا عدد القطاعات التي ستُفرض عليها ضريبة مخفضة أو تحصل على إعفاء. وليس من المؤكد أن الحكومة ستنظم أمورها المالية.

وبدلًا من خفض الإنفاق أو التركيز على النمو، تأمل الحكومة الوصول إلى موازنة أولية عبر زيادة العائدات بـ26 مليار دولار العام المقبل، حسب وزيرة الميزانية، سيمون تيبيت. ومعظم هذا المبلغ سيأتي من تضييق الخناق على التهرب من الضرائب، وإصلاح ضريبة الدخل، وفرض ضريبة على المراهنات الإلكترونية.

إلا أن مديرة المعهد المالي المستقل بالبرازيل، فيلما بينتو، استبعدت أن تحقق الحكومة أهدافها. وأشارت تقديرات المعهد إلى أن الحكومة البرازيلية ستستطيع جمع 18 مليار دولار فقط العام المقبل، بسبب صعوبة استعادة أموال التهرب الضريبي والوقت الذي تستغرقه الموافقة على ضرائب جديدة في الكونجرس.

ربما يعجبك أيضا