أردوغان بعد أزمة الليرة.. “الهروب إلى الأمام” للقضاء على المعارضة

يوسف بنده

رؤية

كتب الباحثان ألكسندر أتاسونتيسف ويفغيني بودوفكين، في صحيفة “آر بي كا” الروسية، حول محاولات تركيا التغلب على الأزمة المالية وتدهور علاقاتها مع الولايات المتحدة، وذلك من خلال مقال مُلفت تحت عنوان “الاعتماد على العدو الخارجي”، نشرته شبكة روسيا اليوم.

ورأى الكاتبان أنّه وعلى خلفية الأزمة في العلاقات مع الولايات المتحدة وهبوط الليرة، تمكّن الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان من الحفاظ على دعم السكان، إذ نجح في حشد المعارضة والسكان بشعارات معادية لأمريكا ووعد بمشاريع ضخمة.

وفي الصدد، يرى خبير المجلس الروسي للشؤون الدولية، تيمور أخميتوف، أن الوضع الاقتصادي المتدهور لا يشكل حتى الآن خطرًا على استقرار نظام أردوغان. ففي يونيو، تم انتخابه للرئاسة، وحاز حزبه على الأغلبية في الانتخابات البرلمانية. مهمته، الآن، إقناع السكان بأن المشاكل الاقتصادية سببها تصرفات السلطات الأمريكية.

وبالإضافة إلى ذلك، تعطي السلطات التركية للتوتر التركي الأمريكي بُعدًا دينيًا، بين تركيا المسلمة وأمريكا المسيحية.

إلى ذلك، فلا يزال أردوغان يتمتع بدعم شعبي واسع. فتدهور الوضع الاقتصادي والتوتر مع الولايات المتحدة يؤدي إلى توحيد الشعب حول أردوغان، وذلك وفقًا للمقال.

كسب شعبية
 
ومن جانبه، يرى الباحث في معهد الاقتصاد الدولي والعلاقات الدولية  فيكتور نادين- رايفسكي، أن معاداة أمريكا قوية الآن في كل طبقات المجتمع التركي فـ”تصرفات واشنطن تسببت في غضب هائل في تركيا، والحكومة لا تفعل شيئًا لتخفيف التوتر. بل، على العكس، يتلقى أردوغان دعمًا إضافيًا بفضل ذلك”. وهناك إجماع في المجتمع حول أسباب الركود الاقتصادي، فـ”المعارضة أيضا معادية لأمريكا، وتعتقد أن البيت الأبيض هو المسؤول عن المشاكل الاقتصادية في تركيا”.

في الوقت نفسه، ينتقد الخبراء النفقات الإضافية التي خطط لها رئيس تركيا في البنية التحتية. فليس هذا هو القرار الأكثر كفاءة في الوضع الحالي، كما يرى ريتشارد بريجز، المحلل في CreditSights، فقد قال في مقابلة مع قناة سي.إن.بي.سي: “الرئيس أردوغان، متمسك بمهمة النمو الاقتصادي والحفاظ على المعدلات الرئيسية عند مستواها الحالي، ما سيؤدي فقط إلى تفاقم الأزمة الحالية”، مشيرا إلى أن تصرفات الزعيم التركي “لا تبعث الثقة لدى المستثمرين”.

من جهة أخرى، وتحت عنوان “أردوغان السيئ جيّد”، كتب أندريه كينياكين، في صحيفة “نيزافيسيمايا جازيتا” الروسية، حول اللعبة التي قد يلعبها الرئيس التركي على الأرض الألمانية، فيما يحاول الألمان أن يستفيدوا من لعبه.

وجاء في المقال: “أردوغان، قادم إلينا مرة أخرى”. مثل هذا العنوان، تراه اليوم في العديد من وسائل الإعلام الألمانية. وتحدث مكتب رئيس ألمانيا، فرانك فالتر شتاينماير (صاحب المبادرة إلى دعوة نظيره التركي) عن حفل استقبال خاص للرئيس التركي (28- 29 سبتمبر) مع استعراض “حرس الشرف”.

والسبب في ذلك بسيط، ففي الوقت الراهن تحتاج ألمانيا إلى تركيا وإلى أردوغان لحل عدد من القضايا المهمة.

وترى الصحيفة، أنّ المثير للفضول مدى استعداد أردوغان نفسه للعب دور “الشخص المفيد”. فلعله يريد أن يلعب لعبته الخاصة في الميدان الألماني. في هذه الحالة، ستدخل العلاقات الألمانية التركية مرة أخرى في طريق مسدود، وسوف يتحول أردوغان مرة أخرى من “جيد” حاليا إلى “سيئ” دائمًا.

خصوم الداخل

وقد كشف تقرير لمؤسسة “نسمات” للدراسات الاجتماعية والحضارية، عن كيفية استغلال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فترة فرض حالة الطوارئ في البلاد على مدار سنتين للقضاء على خصومه، وذلك تحت ذرائع وصفها التقرير بأنها “سخيفة”.

ورصد التقرير التركي، الصادر في أغسطس الجاري، تحت عنوان “مقصلة مراسيم الطوارئ في تركيا”، انتهاكات عدة عقب إعلان حالة الطوارئ إثر محاولة الانقلاب الفاشلة في منتصف يوليو 2016.

وتحدث التقرير بالتفصيل عن كيفية تحول امتلاك “دولار أمريكي واحد” إلى دليل على ارتباط الشخص الذي يحمله بحركة المعارض فتح الله كولن، الذي يقيم في الولايات المتحدة منذ سنوات، وتتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب.

وبحسب التقرير، تدعي حكومة أردوغان أن أعضاء الحركة يستخدمون كودا سريا موجودا في الأرقام التسلسلية المسجلة على الدولار، والذي على إثره اعتقلت عددا من الأشخاص.

عالم في “ناسا”

وبناء على هذه الخلفية، اعتقلت السلطات التركية عالم الفيزياء سيركان غولج، الذي يعمل في وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا”، وهو مواطن أمريكي من أصل تركي.

واحتجزت السلطات غولج في المطار بعد محاولة الانقلاب الفاشلة، عندما كان في المطار ينتظر طائرة عودته إلى هيوستن في ولاية تكساس بالولايات المتحدة.

وكان الدليل الوحيد على اعتقال غولج “ورقة الدولار” التي كانت بحوزته لحظة اعتقاله. وقد أصدرت لجنة مهتمة بالباحثين المهددين في جميع أنحاء العالم نداء للمطالبة بإطلاق سراحه.

كما اعتقلت السلطات التركية الطالب ياووز سليم يايلا، البالغ من العمر 19 عاما، بسبب وجود دولارات في جيبه في 22 يوليو 2016، حين كان في طريقه لقضاء بعض الوقت مع والده في الولايات المتحدة.

انتفاء الأدلة

وتدعي الحكومة التركية في لوائح الاتهام المقدمة ضد المدعى عليهم من قبل النيابة العامة، أن كبار الإداريين في حركة كولن يستخدمون الدولار فئة F، في حين أن المدراء يستخدمون فئة C، أما بقية الأعضاء فيستخدمون فئة J.

وعلى الرغم من انتفاء أي دليل على صحة هذا الكلام، بحسب تقرير مؤسسة “نسمات”، فإن السلطات التركية واصلت اعتقال الكثيرين مستخدمة الذريعة نفسها.

وذكرت المؤسسة أنه ليس من الواضح كيف توصلت الحكومة التركية إلى “نظرية المؤامرة” هذه، أو إلى أي أدلة استندت في ذلك، وسط اعتقاد كثيرين أن هذه الخطوة لم تكن سوى حجة لتبرير الانتهاكات بحق معارضي أردوغان.

ربما يعجبك أيضا