أردوغان في لندن .. التحالف مع بريطانيا بعد “بريكسيت”

يوسف بنده

رؤية

يقوم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بزيارة إلى المملكة المتحدة منذ، أمس الأحد، ويلتقي الثلاثاء رئيسة الوزراء تيريزا ماي والملكة إليزابيث الثانية.

وتتركز زيارة أردوغان على بحث القضايا الجيوسياسية والاقتصادية ويتوقع ان يبحث مع ماي الأوضاع في سوريا والعراق والاتفاق النووي الإيراني ومكافحة الإرهاب.

وقال أردوغان الأحد في منتدى نظم غرب لندن ضم رجال أعمال ومستثمرين من البلدين “إن المملكة المتحدة حليف استراتيجي نعتبره حليفا ثمينا وموثوقا به”. وأضاف “أعتبر الشراكة بين تركيا والمملكة المتحدة ضرورية، خاصة ما بعد بريكسيت”.

وسيتم التطرق إلى زيادة المبادلات التجارية بين البلدين في وقت يتأهب فيه البريطانيون للخروج من الاتحاد الأوروبي. وقال أردوغان بهذا الصدد “نحن على استعداد لتعاون أكبر مع المملكة المتحدة بعد بريكست وفي كافة المجالات”.

وفي 2017 بلغت قيمة المبادلات التجارية بين البلدين 15,8 مليار يورو، بحسب مكتب الإحصاء البريطاني. وقال أردوغان “أعتقد أن إمكانات بلدينا تتيح تجاوز هذا الرقم”.

وتستقبل الملكة إليزابيث الثانية الثلاثاء أردوغان كما سيتباحث مع ماي ويعقد معها مؤتمرًا صحافيًا، مساء الثلاثاء.

وتأتي زيارة أردوغان قبل بضعة أسابيع من انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة تشهدها تركيا في 24 يونيو.

ويهيمن أردوغان بلا منازع على تركيا منذ 15 عامًا وهو يسعى إلى ترسيخ سلطته أكثر من خلال الاقتراع الذي سيشهد انتقال الجمهورية التركية إلى نظام رئاسي تتركز السلطات فيه بيد الرئيس.

تحرك حقوقي

وفي سياق متصل بخبر زيارة الرئيس التركي حثت جماعات حقوق الإنسان وحرية الصحافة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، على الضغط على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بسبب “مناخ الخوف” في بلاده.

وقال مقر الحكومة البريطانية في داونينج ستريت إن ماي “تتطلع للترحيب بالرئيس أردوغان في المملكة المتحدة” يوم الثلاثاء، حيث يعتزم أردوغان الوصول إلى بريطانيا يوم الأحد.

وقالت كيت آلين مديرة مكتب العفو الدولية في بريطانيا: “هذه الزيارة فرصة لتيريزا ماي لإظهار للرئيس التركي أن حقوق الإنسان ومجتمعاً مدنياً مزدهراً في تركيا يمثلان أولوية لبريطانيا”.

وقالت آلين: “تحت عباءة حالة الطوارئ، بدأت السلطات التركية عمدا تفكيك المجتمع المدني وسجن المدافعين عن حقوق الإنسان وغلق المنظمات وخلق مناخ خانق من الخوف”.

وقالت منظمة حرية التعبير “نادي القلم الإنجليزي” إنها تعتزم تنظيم مظاهرة تنادي “بحرية الإعلام التركي” في لندن يوم الثلاثاء، بينما كتبت جماعة أخرى معنية بحرية الإعلام تسمى “جمعية المحررين” خطابا مفتوحا إلى ماي تحثها فيه على إثارة “المخاوف الحقيقية للغاية التي تواترت بشأن حالة حرية الصحافة في تركيا”.

وقالت داونينج ستريت إن زيارة أردوغان ستوفر “فرصة للمملكة المتحدة وتركيا للبناء على تعاوننا الوثيق بشأن مواجهة الإرهاب والهجرة والاستقرار الإقليمي والتجارة وغيرها من المجالات الحيوية”.

حليف اقتصادي

تعتبر بريطانيا من أبرز الشركاء الاقتصاديين لتركيا، حيث يتجاوز حجم التبادل التجاري بين البلدين 16 مليار دولار.

ومن المنتظر أن يبحث أردوغان، في إطار الزيارة، مع المسؤولين البريطانيين، قضايا من قبيل التعاون الثنائي في المجالات الاقتصادية والتجارية، والأمن والصناعات الدفاعية، والثقافة.

وكان أردوغان قال في تصريحات صحفية، إنّ بلاده وبريطانيا تريدان مواصلة التعاون فيما بينهما، حتّى بعد خروج الأخيرة من الاتحاد الأوروبي (بريكست).

وأوضح أردوغان أنّ تركيا تولي اهتمامًا خاصًّا لتطوير التعاون مع المملكة المتحدة، وأنّ منتدى “اللسان العذب” (منتدى تركي بريطاني) له إسهامات كبيرة في هذا الخصوص.

وأضاف أردوغان أنه سيبحث مع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي خلال زيارته إلى بريطانيا، العلاقات الثنائية ومكافحة الإرهاب والمسائل الإقليمية ذات الاهتمام المشترك.

وتابع قائلاً: “نهدف لرفع حجم التبادل التجاري بين أنقرة ولندن إلى 20 مليار دولار، وبريطانيا استثمرت في تركيا خلال السنوات الـ 15 الماضية، بقيمة 10 مليار دولار”. 

وأكّد الرئيس التركي أنّ الإمكانات المتوفرة لدى البلدين تفوق مستوى الطموحات، وأنّ زيادة الاستثمارات المتبادلة وتنفيذ المشاريع المشتركة، تستحوذ على أهمية كبيرة لتحقيق الهدف المنشود في التبادل التجاري.

واستطرد قائلاً: “إلى حد كبير نجد الفرصة المناسبة لتقييم مواقفنا وآرائنا مع بريطانيا حيال التحديات الاقليمية والعالمية، فالتطورات الحاصلة على الساحة الدولية يتم تداولها على مستوى رفيع مع بريطانيا التي تعتبر شريكا وحليفاً استراتيجيا لتركيا”.

وقد ذكرت صحيفة صباح التركية أن بريطانيا قد تحل محل الولايات المتحدة كأقرب حليف لتركيا في الغرب في ضوء الشراكة الاستراتيجية الناشئة بين البلدين.

وأوضحت الصحيفة أن الحكومة البريطانية قامت خلال السنوات الأخيرة بسلسلة من التحركات الذكية التي مكنت لندن من تعزيز علاقة المنفعة المتبادلة مع الأتراك، وكسب احترام تركيا وصداقتها. ولذلك فإن علاقات تركيا الممتازة مع المملكة المتحدة هي دليل على استعداد أنقرة للتعاون مع حلفائها الغربيين، شريطة ألا يسعوا إلى تقويض المصالح التركية.

وبحسب الصحيفة التركية فإن أول هذه الإجراءات تعهد بريطانيا بمكافحة الإرهاب، وعلى وجه التحديد المنظمات الإرهابية، مثل حزب العمال الكردستاني وتنظيم فتح الله كولن الإرهابي بعد أن أدرجت حزب العمال منظمة إرهابية في عام 2001 على عكس كثير من الدول الأوروبية الأخرى.

وأضافت أن لندن دعمت هذا الإجراء بتأكيدها على ارتباط العمال الكردستاني بفرعه السوري وحدات حماية الشعب الكردي، ونأت بنفسها عن تلك الميليشيات، كما اتخذت خطوات ملموسة لاعتقال ومحاكمة المقاتلين الأجانب الذين سافروا بشكل غير قانوني إلى سوريا للانضمام إلى إرهابيي حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب.

وفي الوقت نفسه، انحازت بريطانيا إلى الحكومة التركية المنتخبة ديمقراطياً في أعقاب محاولة الانقلاب العسكري الساقط  في 15 يوليو/ تموز 2016، وأثبتت أنها حليف يمكن الاعتماد عليه حيث أدانت الانقلاب واعتبرته هجوما على الديمقراطية التركية، وكانت من بين الدول القليلة التي أكدت صراحة وجود صلة بين الانقلابيين وتنظيم غولن الإرهابي. وفي السنوات الأخيرة امتنعت الحكومة البريطانية عن منح اللجوء السياسي لأعضاء تنظيم غولن على عكس كثير من الدول الأوروبية التي منحتهم المأوى.

وتابعت الصحيفة أن أنقرة ولندن بعد أن شاركتا في القتال ضد تنظيم داعش في سوريا في إطار التحالف العالمي، متفقتان على أن الصراع السوري يجب أن ينتهي دون مزيد من التأخير، وعلى وجوب  التخلص من الإرهابيين ونظام بشار الأسد. وقد تلعب الإجراءات المتبادلة التي اتخذتها تركيا وبريطانيا في سوريا دورا مهماً في ملء فراغ القوة الذي أحدثته الولايات المتحدة.

وأخيرا، فإن التعاون بين البلدين في قضايا الأمن والتجارة والسياسة الخارجية له أهمية كبيرة في فترة ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ومن المحتمل أن يمهد تحسين العلاقات التجارية، واتفاقيات التجارة الحرة، الطريق للوصول إلى هدف رفع  حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 20 مليار دولار.

وعلاوة على ذلك، يبرز مشروع الطائرة المقاتلة التركية من الجيل الخامس TF-X الذي يتم تنفيذه بالتعاون بين وزارة الدفاع التركية ومؤسسة الدفاع البريطانية كأهم دليل على إمكانات التعاون الثنائي. وفي الوقت نفسه، تلعب بريطانيا دورًا حساسًا وثابتًا تجاه تصاعد موجة العداء للإسلام في جميع أنحاء أوروبا والولايات المتحدة، ضاربة المثل للدول الأوروبية التي تضر مجتمعاتها من خلال المشاعر المعادية للإسلام.

وخلصت الصحيفة إلى أن زيارة الرئيس التركي سوف تسهم في الجهود المبذولة لنقل العلاقة إلى مرحلة تالية، وأن موقف بريطانيا المتماسك من الارتباك الإقليمي الذي أوجدته الولايات المتحدة هو أمر بالغ الأهمية.

وأضافت أنه في ظل هذه الظروف، يبدو من المعقول أن تحل بريطانيا محل الولايات المتحدة قريباً كأقرب حليف لتركيا في الغرب. وفي ضوء الشراكة الاستراتيجية الناشئة مع لندن، يتعين على صانعي السياسة الغربيين أن يسألوا أنفسهم ما إذا كان فقدان الأتراك هو خيارهم الوحيد.

في تشاثام هاووس

شبه أردوغان، ما يشهده العالم حالياً من تطورات وصراعات، بـ”العهود المظلمة” التي سبقت الحرب العالمية الثانية التي امتدت بين عامي 1939-1945.

وأوضح أردوغان في كلمة ألقاها، اليوم الإثنين، أثناء اجتماع نظمه معهد “تشاثام هاوس” في بريطانيا، أن واشنطن ومن خلال نقل سفارتها إلى القدس، فضّلت أن تكون جزءًا من المشكلة، لا جزءًا من الحل، وبذلك فقدت دور الوساطة في عملية السلام بالشرق الأوسط، وفقاً لقوله.

وأعرب عن رفضه مجددا هذا القرار الذي ينتهك القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، مشدداً أن “على المجتمع الدولي القيام بدوره والتحرك بسرعة من أجل إيقاف عدوانية إسرائيل المتصاعدة”.

وأمس الأحد، أكد الرئيس التركي أن “القدس الشرقية عاصمة لفلسطين وهذا موقفنا كعالم إسلامي”، وأن الولايات المتحدة بخطوة نقل سفارتها للقدس “تعاقب الجانب الفلسطيني الذي أثبت مرات عدة رغبته الحقيقية بالسلام”.

ربما يعجبك أيضا