إثبات حضور.. هل تعود الذئاب المنفردة ثانيًة إلى أوروبا؟

محمود رشدي

رؤية- محمود رشدي 

يبدو أن استراتيجية الرعب تعاود حضورها مرة أخرى للقارة العجوز، بعدما أجهضت القوات الأمنية والاستخباراتية انتشارها وتعاظمها في الفترة الماضية، في يوم التخفيضات العالمية” البلاك فرايدي” الذي يتكالب عليه العديد من الأفراد إلى المتاجر العالمية، حيث شهدت عدة مدن أوروبية حوادث طعن ومحاولات تفجير.

من ناحيتها، أعلنت الشرطة البريطانية، أمس، الكشف عن هوية منفذ عملية الطعن في جسر لندن الشهير، والذي أودى بحياة شخصين، وهو بريطاني باكستاني الأصل، اتهم بعدة محاولات لارتكاب عمليات إرهابية في العاصمة، منها بورصة لندن. على صعيد آخر، شهدت مدينة لاهاي الهولندية، عملية طعن أخرى، أدت إصابة ثلاثة من المارة، وحتى كتابة تلك السطور، لم تعلن الشرطة عن الدافع وراء الحادث. وفي حادثة أخرى أحبطتها القوات الفرنسية داخل محطة قطارات رئيسية المسماة “باري نور” على حقيبة تخلى عنها حاملها وبداخلها قذيفة دبابة، وهو ما أثار حالة من الهلع في المحطة، اضطرت معها مصالح الأمن إلى إخلائها.

دلالات التوقيت والتنفيذ

غالبًا ما تنفذ الجماعات الإرهابية عملياتها في أوقات الازدحام والمناسبات العامة، حتى يصعب على السلطات الأمنية اللحاق بهم، بجانب التأثير على الروح المعنوية للمواطنين بمثل هذه العمليات التي تعكر الصفو العام. ويعد يوم الجمعة الأخيرة من شهر نوفمبر، المعروف عالميًا بـ”الجمعة السوداء” أو “Black Friday”، وهو يوم التخفيضات في غالبية المتاجر “البراندات” المشهورة، ويغلب عليه الازدحام في الشوارع وكافة التجمعات التجارية.

لا تزال هذه المنظمات تعتمد على آلية تنفيذ يصعب تتبعها من قبل الاستخبارات، آلا وهي “الذئاب المنفردة” وبأدوات تنفيذ عشوائية وبسيطة بعيدة تمامًا عن الطرق التقليدية للتنفيذ، ومراعاة اعتمادها الكلي على فرد واحد، في الإعداد والتنفيذ” كي لا يشتبه به، بعدما يتلقى تدريبه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو في مناطق نائية خارج الإقليم.

دوافع العودة

دوافع التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم داعش كثيرة خاضة بعدما فقد زعيمه ” أبوبكر البغدادي” على إثر عملية ” كايلا مولر” التي نفذتها قوات خاصة أمريكية في أواخر الشهر الماضي شمال غرب سوريا.

الاستمرارية: ترغب التنظيمات الإرهابية وخاصة داعش، في بقاء أثرها وذكرها حتى في فترات الهزيمة والانكسار، من خلال القيام بعمليات إرهابية تعيد ذكر اسمها مرة أخرى إلى الأذهان، وتدحض أي روايات عن انتهائه. وبرغم من أن عمليتي جسر لندن ولاهاي لم تعلن أي منظمة إرهابية عن تبنيهما، لكن من المحتمل أن تعلن داعش عن قيامها بهما، تنفيذًأ للوعد الذي قطعته، عقب مقتل البغدادي، بتنصيب خليفة آخر، ومواصله عملياته.

 الثأر: تعهد خليفة أبوبكر البغدادي بالثأر لمقتل زعيمهم، كما أعلن تنظيم داعش في تسجيل صوتي نشرته حسابات له على الإنترنت تعيين خلف للبغدادي يدعى أبا إبراهيم الهاشمي القرشي. ومنذ هزيمة التنظيم وخسارته لكافة أراضيه بعد الاستيلاء مرة أخرى على الرقة السورية، معقل التنظيم في 2017، والقضاء على آخر جيوبه في الباغور العام الحالي، يعتمد التنظيم على العمليات الفردية لملائمة أوضاعه الحالية؛ من قلة التمويل والعدد والعتاد.
 
بعث الأمل: لتلك العمليات الخاطفة رسائل ضمنية يرغب بها التنظيم إيصالها إلى مؤيديه، بأن التنظيم لا يزال حيا، وذلك للحفاظ على داعميه ومستقطبيه حول العالم، كما أنه يعمل على إعادة بعث الأمل بعدما أصابهم نوعًا من الإحباط والانهزام إبان مقتل البغدادي والهزيمة الجغرافية في الشرق الأوسط.
 
وختامًا، لا يزال يرى التنظيم أن آلية الإرهاب الفردي أو الذئاب المنفردة هى المسار الأمثل لمواصلة عملياته خلال فترة الخفوت التي يعيشها، كما أنها تمثل ثغرة أمنية للقوات الأمنية الأوروبية، التي دوما ما تفشل في تتبع تلك العمليات، بالرغم من وجود مؤشرات واضحة بعدد منها، وآخرها العملية الأخيرة بجسر لندن، واتهام الإرهابي بعدة محاولات لتنفيذ عملية إرهابية، وسجن ستة أعوام وأفرج عنه 2018
 

ربما يعجبك أيضا