إثيوبيا.. ماذا يجري في إقليم الأورومو؟

محمود سعيد

جاء تعامل رئيس الوزراء الإثيوبي مع جبهة تحرير الأورومو مختلفًا بشكل كبير عن تعامله مع قوات التيجراي، فوالده ينحدر من العرقية نفسها


عادت جبهة تحرير الأورومو للواجهة مع اندلاع الحرب الأهلية الإثيوبية بين جبهة تحرير التيجراي وبين الجيش الفيدرالي والميليشيات الأمهرية.

جبهة “الأورومو” تصالحت بعد عقود من الحرب مع الحكومة المركزية بأديس أبابا، وعاد المئات من قيادات الأورومو من المنافي والسجون إلى إقليم أوروميا، لكنهم يرون أن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد علي، تراجع عن وعوده في تحقيق الديمقراطية والإصلاح، فماذا يجري في تلك البقعة الساخنة من العالم ؟

ماذا يريد الأورومو؟

رغم حصول الأورومو، العرقية التي تشكل غالب سكان إثيوبيا، في زمن حكم رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد علي على الكثير من حقوقهم التاريخية التي حُرموا منها في غالب عصور الأنظمة الإثيوبية السابقة، فكانوا دائمًا ما يتعرضون للقمع السياسي والتهميش الاقتصادي والاجتماعي، وأحد الأسباب الرئيسة لاختيار آبي أحمد كونه من عرقية الأورومو.

والأورومو ذوو الغالبية المسلمة يحلمون باستقلال إقليم “أوروميا” لذلك خاضوا حربًا ضد إمبراطور إثيوبيا هيلاسيلاسي في ستينيات القرن الماضي، وشكلوا جبهة تحرير الأورومو عام 1973م، وتعاونوا مع القوى التي أرادت إسقاط نظام الدرج، وفي عام 1991 انضمت جبهة تحرير أورومو إلى الحكومة الانتقالية بقيادة جبهة تحرير التيجراي ثم هُمشت.

دور الأورومو في الحرب الحالية

مع سيطرة قوات التيجراي على مساحات كبيرة في أقاليم العفر والأمهرة، أعلن جيش تحرير أورومو، تحالفه مع جبهة تحرير شعب تيجراي، وذلك بالرغم من أن المظاهرات العارمة التي قادها الأورومو كانت السبب الرئيسي في سقوط حكم التيجراي وصعود “آبي أحمد” الأورومي إلى السلطة في 2018.

وأعلنت جبهة تحرير أورومو أن مقاتليها يتقدمون بسرعة على الجبهات الغربية والجنوبية لمنطقة أوروميا، وهددت بقطع الطريق الوحيد الذي يربط إثيوبيا وكينيا، ما قد يؤثر بشكل مباشر في التجارة مع كينيا، وسيطرت على منطقة غوجي بأكملها وأجزاء من منطقة بورينا، وتقدمت نحو أديس أبابا وأعلنت أن الإطاحة بأبي أحمد “أمر محتوم”.

لكن انتصارات الجيش الفيدرالي الأخيرة وقوات الأقاليم الموالية له في محيط أديس ابابا وأقاليم العفر والأمهرة وفي تخوم إقليم تيجراي، بعد دخول أسلحة نوعية منها طائرات مسيرة، غيرت مسار الحرب وغيرت المعادلة بشكل جذري مجددًا.

آبي أحمد وسياساته مع الأورومو

مع حديث “آبي أحمد علي” عن الحاجة إلى إجراء مصالحة شاملة في إثيوبيا، بدأ في إصلاح علاقاته مع جبهة تحرير الأورومو فأفرج عن معتقلين سياسيين، منهم الأب الروحي لجبهة تحرير تيجراي “سبحت نقا”، والناشط السياسي الأورومي جوهر محمد ورئيس حزب بالدراس “إسكندر نقا”.

كما أُطلق سراح آخرين من قيادات جبهة تحرير تيجراي كانوا اعتُقلوا خلال الشهور الماضية، وأعلن آبي أحمد أنه سيبدأ حوارًا مع المعارضة.

وقام الجيش الفيدرالي باستعادة السيطرة على بعض المناطق التي تقدمت فيها جبهة تحرير الأورومو، في إشارة من الحكومة الإثيوبية بأنها يمكنها أن تخوض حربًا عسكرية كبيرة مماثلة لما قامت به مع قوات إقليم تيجراي.

دعوة لتفعيل الوعود

دعا قادة حزب مؤتمر الأورومو المعارض الحكومة إلى تفعيل وعودها بشأن المفاوضات لإحلال السلام، متهمين آبي أحمد بقمع المعارضة للبقاء في السلطة، وقالوا إن الحكومة أبقت المعارضة في السجن للفوز بالانتخابات التي جاءت نتائجها في يوليو 2021 لصالح حزب (الازدهار) بزعامة آبي أحمد.

وأشاروا إلى أن خطاب الحكومة بشأن السلام والمفاوضات يجب أن يتحول إلى تطبيق عملي، ودعوا إلى حل سلمي وتفاوضي لبيئة الصراع في ولايات أوروميا وتيجراي وبني شنقول-جوموز، وبضرورة الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين والصحفيين والناشطين.

المشهد الإثيوبي

ما يجري في إثيوبيا اليوم، أن الحكومة الفيدرالية والجبهات المعارضة لها أيقنوا صعوبة حسم المعركة عسكريًا، خصوصًا بعد الدعم العسكري النوعي الدولي الذي قدم لقوات آبي أحمد بعدما أصبحت العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في مرمى اتحاد المعارضة العسكرية المسلحة.

وتمكن الجيش الإثيوبي من كسر هجوم المعارضة وتحقيق انتصارات كبيرة مكنته من الوصول إلى مناطق داخل إقليم تيجراي نفسه.

وحدة إثيوبيا هي الحل

رغم التفوق المرحلي لصالح الحكومة فكيان الدولة الإثيوبية معرض لأخطار، ورغم انتصارات الجيش الفيدرالي الأخيرة، فكل الأقاليم تمتلك قوات عسكرية مستقلة الكثير منها يطالب بالاستقلال كجبهة تحرير تيجراي وجبهة تحرير الأورومو وجبهة تحرير بني شنقول وجبهة سيداما الجنوبية وجبهة تحرير غامبيلا.

ولهذا فالحكومة الإثيوبية ترى أنه لا حل لاستمرار وحدة إثيوبيا إلا المصالحة المجتمعية والحفاظ على النظام الفيدرالي.

ربما يعجبك أيضا