إثيوبيا 2018.. “أبي أحمد” يقود تغيرات دراماتيكية في القرن الأفريقي

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد 

يستمر رئيس الوزراء الإثيوبي “أبي أحمد علي” في تحقيق مصالحة شاملة بين القوميات والعرقيات الإثيوبية، وقد مدت حكومته يدها إلى الجبهات المسلحة المعارضة، فعادت جبهة التيجراي “المسيحية” ومن بعدها جبهة أوغادين “المسلمة”، حيث شطبت إثيوبيا تلك المنظمات العسكرية المعارضة من قائمتها “الإرهابية” التي كان النظام الإثيوبي السابق قد أدرجها على لوائحه، كما قام بإلغاء حالة الطوارئ، ومنع الرقابة على المواقع الإلكترونية.

وفي 5 يوليو/ تموز الماضي، رفع البرلمان الإثيوبي الحركات العسكرية المعارضة “قنوب سبات” و”جبهة تحرير أورومو” و”جبهة تحرير أوغادين”- من لائحة المجموعات الإرهابية في البلاد.

كما أقر البرلمان في جلسة استثنائية عُقدت أواخر الشهر الماضي، “قانون العفو العام للأفراد والجماعات، قيد التحقيق أو المدانين بتهمة الخيانة وتقويض النظام الدستوري والمقاومة المسلحة”.

ودائما ما يدعو “أبي أحمد”، أحزاب المعارضة في بلاده، إلى “العمل معا”، بغض النظر عن الاختلافات الأيديولوجية والاستراتيجية.

وبات الإثيوبيون اليوم يشعرون بشكل ملموس بالتغيرات الهائلة التي تجري في بلادهم، فقد تم إطلاق سراح الآلاف من من المعتقلين السياسيين، واعذتر “أبي أحمد” عما كان يجري في المعتقلات من انتهاكات، وحتى من الناحية الاقتصادية بدأ في تدشين مشروعات ذات افكار خلاقة.

تسويات ومبادرات إقليمية

لم يكتف “أبي أحمد” بالمصالحات الداخلية وإنما قام تسوية النزاع الدامي بين إثيوبيا وإريتريا حول مثلث بادمي حيث تنازل عنه لإرتريا، وساعد في تحقيق المصالحة بين الصومال وإريتريا، بل ساهم بشكل كبير في المصالحة بين جيبوتي وإريتريا.

كذلك عقد اتفاقيات في مجالات الأمن والسياسة مع الصومال، أما من الناحية الاقتصادية فسيتم العمل بين البلدين ضمن منظومة “الأسواق المفتوحة” (كارتل) من خلال فتح المعابر الحدودية، كذلك وضع “أبي أحمد” نصب عينيه على إخراج إثيوبيا “الحبيسة” إلى البحار مجددا عبر الاستثمار المشترك في 4 موانئ رئيسية صومالية.

الغريب أنه قال أن القرن الأفريقي سيكون له رئيس واحد بدلا من ثلاثة، وذلك في خطاب ألقاه بمناسبة افتتاح مستشفى تيبيبي غيون التخصصي في مدينة بحر دار الإثيوبية مع الرئيسين الإريتري والصومالي.

كما أعلن، استعداده للوساطة من أجل وقف الاقتتال بين الأشقاء اليمنيين، وإحلال السلام والمصالحة في البلاد.

ودعا أبي أحمد، فرقاء اليمن إلى عدم استنزاف مقدرات بلادهم، والجلوس إلى طاولة المفاوضات، وحل قضاياهم بالعقل والحكمة، من خلال الحوار لإنهاء الاقتتال.

وعن سد النهضة، أقسم “أبي أحمد” في القاهرة، قائلاً: “والله لن نقوم بأي ضرر بمياه مصر”، وقال أبي أحمد “علينا الاستفادة من هذا النهر (النيل) ولا يجب أن نقوم بما يضر الشعب المصري”، وأضاف “سنحافظ على حصة مصر المائية وسأعمل على زيادة حصتها”.

التيار الإسلامي والمرجعية

وقد نجخ “أبي أحمد” في إعادة المئات من من قادة التيار الإسلامي إلى إثيوبيا بعدما كانوا في المنفى لأكثر من ثلاثة عقود، ومن أبرز العائدين الشيخ سعيد احمد مصطفى مؤسس منظمة الشباب المسلم، والشيخ جابر عبد الله، والشيخ محي الدين شريف.

مبادرات “آبي أحمد” وتواصله مع قادة مسلمي إثيوبيا ساهم في إعادة تكوين “المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية”، بحيث يضم جميع المدارس الفكرية الإسلامية في البلاد، بعدما كان المجلس السابق يضم تيار بعينه مقرب من السلطات السابقة.

أوغادين

زعيم جبهة تحرير اقليم أوغادين الصومالي وكبار قادة الجبهة عادوا لإثيوبيا بعد عقود من حملهم السلاح، حيث كانوا يريدون تحرير الإقليم وعودته إلى وطنه الأم الصومال، وتصحيح ما قامت به بريطانيا في عام 1954م من تسليم الإقليم لإثيوبيا، ولكن يبدو أن توصلوا أنهم يمكنهم العيش في الإقليم بحكم شبه ذاتي، يتبع الكونفدرالية الإثيوبية.

ونص الاتفاق على “وقف الجانبين العمليات القتالية، والانخراط في العمل السياسي السلمي”.

وعاد الأميرال محمد عمر عثمان زعيم الجبهة الوطنية لتحرير أوغادين وكبار المسؤولين في الجبهة إلى أديس أبابا وسط ترحيب كبير في مطار المدينة.

وجاءت عودة مسؤولي الجبهة إلى إثيوبيا بعد إبرامهم اتفاقية مع حكومة رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد لإنهاء صراع استغرق أكثر من 3 عقود، وقد عادت أول وحدة من قوات الجبهة قبل أسابيع إلى مدينة جكجكا عاصمة إقليم الصومال الغربي (الإثيوبي).

وفي 13 أغسطس/ آب الماضي، عادت ثلاثة من قيادات الحركة المعارضة إلى إثيوبيا، بعد 24 عاما في العاصمة الكينية نيروبي.

أوروميا والصومال الإثيوبي

فيما عمل “أبي أحمد” كذلك على حل النزاع الحدودي الأخير بين إقليمي أوروميا والصومال (أوغادين) الإثيوبيين، والذي تسبب الصراع على الموارد خصوصا في ظل موجة الجفاف التي ضربت الإقليمين (غالبية سكان أوروميا وأوغادين من المسلمين).

وعبر رئيس الوزراء، خلال زيارته لإقليم الصومال، عن أسفه للصراع الحدودي بين الإقليمين، وقال إن النزاع كان “أمرا مخالفاً للثقافة الإثيوبية وعملا مخزياً في تاريخنا”.

وقد نجح حتى اللحظة “أبي أحمد” فيما فشل فيه رئيس الوزراء السابق، ماريام ديسالين.
انتخابات مرتقبة في في مايو/ أيار2020

وقد وافق البرلمان الإثيوبي على تعيين المعارضة السابقة والحقوقية برتكان مديكسا، رئيسة لمجلس الانتخابات الوطني في البلاد .

والمجلس الوطني للانتخابات مسؤول أمام مجلس النواب، وهو جهاز مستقل لإجراء الانتخابات بشخصيته القانونية الخاصة.

“أبي أحمد” ومن خلال نهجه الإصلاحي ورغبته في التعددية السياسية وإطلاقه للحريات العامة أكد لتحالف الجبهة الثورية الديمقراطية الشعبية الإثيوبية (EPRDF) الذي حكم إثيوبيا لعقود بالحديد والنار، أن الشعوب تحب من يعطيها حريتها وستدافع عنه إلى النهاية، أما من يسلبها تلك الحرية فمصيره سيكون قاتما ولن يرحمه التاريخ..
 

ربما يعجبك أيضا