إدلب السورية.. كلمة النهاية في حرب نسيها العالم

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي
 
منذ عام 2011.. وإدلب الروسية تحت خط النار، نار خلفت عشرات القتلى والجرحى وتسببت في حركة نزوح هي الأكبر منذ بدء الحرب السورية، وبطبيعة الحال فإن النظام السوري هو مصدر النيران المشتعلة بفعل القصف منذ قرابة شهرين، والضحايا هم سكان محافظة إدلب الذين تأثروا جميعهم جراء التصعيد الأخير لقوات النظام السوري وحليفتها روسيا.

ويشن أحد أهم حلفاء النظام “روسيا”، وهي تساند قواته التي تحاول التقدم برا تجاه إدلب وما يتصل بيها من ريف حماة وحلب واللاذقية، عشرات الغارات الجوية، فبعد حلب والغوطة الشرقية ودرعا، وكما خططت موسكو تتجه الأنظار إلى محافظة إدلب، وفيها آحر معقل للمعارضة السورية.

أكثر من 22 أسبوعا مضت على الحملة العسكرية لإزاحة أكبر العوائق من طريق عودة نظام الأسد وقبضته الأمنية إلى كامل البلاد، ولم تغير الحملة الأمنية من خريطة السيطرة على الأرض؛ لأنها خلفت ورائها عشرات القتلى والجرحى بالإضافة إلى آلاف النازحين الذين هربوا من “إدلب” التي أصبحت “مدينة أشباح”.

اليائسون في مستشفى إدلب

وتتحدث صحيفة “صنداي تايمز”، عن الوضع في إدلب وما يتعرض له سكانها، وتكتب لويز كالاغان، مراسلة الصحيفة، من داخل مستشفى إدلب المركزي، وهي أول صحفية بريطانية تكتب من قلب إدلب منذ سنتين، وتقول: “إن المرضى اليائسين الذين لا اختيار آخر أمامهم هم فقط الذين يذهبون إلى مستشفى “إدلب” المركزي”.

وتقول كالاغان: “إن القصف المتواصل طوال شهر من قبل القوات الحكومية السورية وحليفها الروسي خلّف مئات القتلى من المدنيين، والكثير منهم أطفال، وقد توافد الجرحى إلى مستشفى “إدلب” المركزي خلال الأشهر الأخيرة، وتراهم منكمشين على أنفسهم في غرف الفحص خوفًا من أن يكونوا هدف الغارة القادمة”.

وتشير كالاغان، إلى أن الأطباء، تقبلوا فكرة أنهم سيقتلون بينما هم يعملون على إنقاذ حياة الآخرين، وتضيف: “إن آثار القصف العشوائي تبدو في كل مكان، حتى المستشفيات، وهناك مئات الآلاف من النازحين في أوضاع قاسية لا مأوى لهم سوى بساتين الزيتون”.

“الحرب التي نسيها العالم، والمندلعة في جزء من سوريا تسيطر عليها فصائل متشددة من المعارضة، وتسير إلى نهاية دموية، وهناك مصير مجهول يتهدد 3.5 مليون مدني في إدلب عالقين بين فكي كماشة”، بحسب الصحيفة.

“يتنقل الدكتور سعيد الخليف جراح العظام، بين المرضى الذين تدفقوا إلى مستشفى “إدلب” المركزي طلبا للمساعدة، فهناك امرأة شابة تسير بصعوبة وهي تضم طفلا رضيعا بلون الرماد، والشرات من مقاتلون بضمادات، وفتاة صغيرة بشعر أسود مجعد وذراع مقطوعة، وتنتشر بقع الدم على أرض غرفة العمليات”، بحسب كالاغان.

“الجميع يعرفون أن القصف قد يبدأ في أي لحظة، وقد تسقط جدران المستشفى، فما حدث سابقا، قد يحصل مجددا، فقبل أربعة أشهر تعرض عنبر الأطفال لإصابات كبيرة، أما الآن فالعنبر فارغ”، وفقًا للصحيفة. 

ويقول الدكتور سعيد: “يعلم الأطباء في إدلب أنهم سيموتون، لكنهم يواصلون العمل، لا معنى للتوقف، فحين يقصف قسم من المستشفى يساعد الأطباء المرضى على الانتقال إلى قسم آخر في حال سمح الوقت”.

وتشير تقارير إلى أن طائرات قوات النظام السوري وحليفها الروسي تستهدف بشكل ممنهج المستشفيات والأسواق ومرافق مدنية أخرى، بقصد جعل هذه المناطق غير قابلة للعيش بشكل كامل.

وخلال الأشهر الأخيرة، قصف أكثر من 100 مدرسة و48 مركزا طبيا وقتل أكثر من 862 مدنيا منهم 226 طفلا، وفقًا للصحيفة.

ويضيف الدكتور سعيد: “نفعل ما بوسعنا، ولكن نواجه ضغطا هائلا، فقد استهدفوا كافة المستشفيات في الجنوب، ولهذا جاء كل المرضى إلينا، هناك نقص كبير في المعدات، ونحن بحاجة إلى معدات ومضادات حيوية، نحن بحاجة إلى كل شيء”، ولفتت الكاتبة، إلى حاجة المستشفيات إلى الأجهزة والمعدات.

وعلى الرغم من أن أغلبية سكان إدلب متعاطفون مع القضية التي تقاتل من أجلها الفصائل المسلحة، فإن كثيرين منهم لا يدعمون “هيئة تحرير الشام”، الفصيل المسيطر على المنطقة، وقد شهدت البلدات في محافظة إدلب مظاهرات ضد هذا الفصيل المسلح المتشدد، بحسب “صنداي تايمز”.

تنسيق أمريكي روسي

ولا يقتصر أثر تلك التطورات الميدانية على الأرض، بل تصل أصداؤها إلى أروقة السياسة، كما كانت حاضرة فعلا في قمة العشرين التي تجمع قادة العشرين الكبار، حيث أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه أبلغ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالإجراءات التي اتخذتها بلاده في سوريا.

وأظهرت تصريحات بوتين، التنسيق بين واشنطن وموسكو إلا أن ما يحدث على الأرض ينافي تماما تلك التصريحات، فالطرفان الأمريكي والروسي على خلاف بشأن سوريا على جميع الأصعدة، كما أن ترامب قال إنه يؤيد من وصفهم بإرهابيين من إدلب، لكن ليس على حساب أكثر من مليون مدني ستتعرض حياتهم للخطر.

لكن يبدوا أن ترامب قد غير خطته، حيث أعلنت القيادة المركزية الأمريكية التابعة لوزارة الدفاع “البنتاجون” أن قوات أمريكية وجهت ضربة لمنشأة تابعة لتنظيم القاعدة شمالي إدلب في سوريا، أمس السبت في هجوم استهدف قيادة التنظيم.

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان، قد أعلن في وقت سابق، أمس أن ضربات صاروخية استهدفت اجتماعا لقياديين من مجموعات جهادية متشددة قرب مدينة إدلب في شمال غرب سوريا أسفرت عن مقتل 40 منهم.

وأشار المرصد إلى إن الضربات الصاروخية استهدفت اجتماعا يعقده قياديون في صفوف فصيلي حراس الدين وأنصار التوحيد ومجموعات متحالفة معهما داخل معسكر تدريب تابع لهم” قرب مدينة إدلب.

وقف إطلاق النار

من جانبها اعترضت موسكو، على قصف طائرات أمريكية مواقع في منطقة خفض التصعيد في إدلب، وقال الجيش الروسي: إن الولايات المتحدة نفذت ضربات جوية في منطقة خفض التصعيد في محافظة إدلب، واعتبره انتهاكا لاتفاقيات سابقة.

وأشار الجيش الروسي، إلى أن القصف الأمريكي تسبب بوقوع خسائر بشرية كبيرة، كما إنه يشكل خطرا على وقف إطلاق النار هناك.

وكانت الدفاع الروسية، أعلنت يوم الجمعة الماضي، أن قوات الحكومة السورية ستطبق وقفا لإطلاق النار من جانب واحد يلتزم به الجيش السوري على أن يدخل حيز التنفيذ صباح السبت في إدلب.

ووافقت دمشق على وقف إطلاق النار، مع احتفاظ الجيش بـ”حق الرد” على أي خرق، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر عسكري.

ربما يعجبك أيضا