إيران ما بعد سليماني.. تحضيرات واسعة للرد وأجواء إعلامية وداخلية مشحونة

حسام السبكي

حسام السبكي

ساعات قليلة وعصيبة، تموج بها منطقة الشرق الأوسط، في انتظار الرد الإيراني الموعود، والذي بالطبع سيحمل كوارث، خاصةً مع العديد من الميليشيات والأقطاب التي تدين بالولاء لنظام الملالي، في أحضان العالم العربي، بالإضافة إلى بعض “المجاملات” المتوقعة، من قبل من توصف طهران بأنها “ولية للنعم” بالنسبة لهم، وبالتالي قد تزيد من حالة الاضطرابات والتوتر، يسعى العقلاء لاحتوائها، في سنوات ما بعد “الربيع العربي” في 2011.

تصريحات المسؤولين وصناع القرار في طهران، حملت تصريحات وتلميحات، جُلها تؤكد ضرورة الأخذ بثأر سليماني، بشتى الطرق المؤلمة لـ”العدو الأمريكي”، فضلًا عن حلفائه، ضاربة عُرض الحائط بكل المبادرات والمناشدات التي تحث إيران على الدخول في جولة سياسية ودبلوماسية تضع حدًّا لحالة القلق التي تحياها شعوب المنطقة، بالإضافة للعداء الكامن في النفوس، جراء الدعم الإيراني اللامحدود للميليشيات الإرهابية في اليمن ولبنان وسوريا والعراق.

انتقام واسع النطاق

في خضم التصريحات المتوالية، يتحدّث المسؤولون الإيرانيون عن أهداف أمريكية سيجري ضربها في المنطقة، ويؤكد مقرّبون من جنرالات الحرس الثوري أن الرد الذي سينفّذ لن يكون إيرانيا فحسب، بل سيشمل جميع دول ما يسمى “محور المقاومة” في المنطقة، وهذا الرد الشامل الذي قد ينفذ من اليمن والعراق وسوريا ولبنان سيكون منسجمًا ومتزامنا مع الرد الإيراني.

فقد أكد مستشار المرشد الأعلى الإيراني أن رد إيران على اغتيال الجنرال قاسم سليماني “سيكون عسكريا”، وذلك في مقابلة مع شبكة “سي إن إن” الأمريكية.

وقال الجنرال حسين دهقان -الذي يعد من ابرز صناع القرار السياسي والعسكري بسبب قربه من المرشد- إن الرد الإيراني حُسم وبات قريبًا جدًّا وسيكون ردّنا عسكريًّا وضد مواقع عسكرية.

وأضاف الجنرال دهقان: في حال ردت الولايات المتحدة على الرد العسكري الإيراني، ستستهدف جميع القواعد العسكرية الأمريكية في منطقة الخليج، إضافة إلى حاملات الطائرات في مياه الخليج العربي. على حد قوله.

من جانبه، قال المحلل العسكري الإيراني البارز المقرّب من الحرس الثوري الإيراني حسين دليران: إن “الرد الإيراني سيكون حاسمًا وشديدًا، و‏أخاطب شعوب المنطقة بالابتعاد عن جميع المراكز العسكرية الأمريكية في المنطقة”، على حد تعبيره.

الوسائل المتوقعة

تتنوع الوسائل المرتقب أن تلجأ إليها طهران، لتشفي غليل كل من أوجعهم تصفية “سليماني” و”المهندس”، حيث ذكر خبراء من داخل إيران إن قرار الرد العسكري أصبح جاهزًا، وسيكون عبر الصواريخ البالستية وطائرات من دون طيار، وأيضًا استخدام القوارب السريعة، وهناك تنسيق يجري الآن على مستويات عالية بين القيادة العسكرية الإيرانية و”حزب الله” في لبنان وجماعة الحوثي في اليمن والأحزاب والميليشيات القريبة من طهران في العراق للرد على أهداف عسكرية أمريكية بالمنطقة، وإن طهران قبل أن تنفّذ ردها العسكري تدرس حساباتها العسكرية والسياسية والرد الأمريكي المتوقع بعد ما تنفذ طهران تهديها.

وعلى ما يبدو، تصالحت المصالح، بين الساسة في طهران، وقادة ميليشياتهم في العراق، خاصةً بعد قصف مقر كتائب حزب الله العراقي، والذي أوقع عشرات القتلى والجرحى، وما تبعه من استهداف “سليماني”، الأمر الذي وحد الرغبة في الانتقام، بشكل يتجاوز حدود المظاهرات أمام السفارة الأمريكية وحرق الأعلام، والتصريحات النارية، لتدخل في آتون الرد العسكري، الذي قد يفضي لمواجهة، ساحتها على الأرجح في العراق، وهو ما تخشاه بغداد، التي اختار برلمانها الانحياز إلى المعسكر الإيراني.

جدل حول حجم الرد

في سياق الرد الإيراني، المرتقب حدوثه بعد الانتهاء من مراسم دفن الجنرال سليماني في مسقط رأسه بمدينة كرمان، حيث إن السلطات تقوم الآن بحشد الشارع خلف النظام، حتى يكون الشعب مستعدًّا ومؤيدًا ليس فقط للرد الإيراني، بل للمواجهة العسكرية المباشرة التي قد تليه.

ويدور حاليًا حالة من الجدل، حول طبيعة الرد أو تحديدًا حجمه، فصقور الحرس الثوري يميلون لأن يكون الرد واسعًا وموجعًا ويوازي حجم الخسارة التي تكبّدها النظام بمقتل الجنرال سليماني.

وقالت صحيفة كيهان المقرّبة من المرشد: إن الرد العسكري الإيراني هو بهدف إعادة التوازن لقوة الردع، وفي حال لم يرد النظام فستتمادى الولايات المتحدة الأميركية على السيادة الايرانية، وقد تقوم بإجراءات اكبر من عمليات قتل الجنرال سليمان.

وكشف موقع جهان نيوز الإيراني المقرّب من تيار المحافظين أن الحرس الثوري ينتظر إصدار الأوامر من قبل المرشد الأعلى للثورة الايرانية لتنفيذ الرد.

وتتحدّث المصادر الإعلامية في إيران عن أن الحرس الثوري حدد أهدافًا عسكرية عدة في المنطقة لاستهدافها بالصواريخ البالستية، وسيكون ضرب أهداف أمريكية بالتزامن مع ضرب القواعد الأمريكية عبر الميليشيات الموالية لإيران في العراق، حتى يكون الرد الإيراني شاملا وموجعا على مقتل حامل لواء المشروع التوسعي الإيراني قاسم سليماني.

حشد إعلامي وشعبي.. ومكافأة ضخمة

أوكل النظام الإيراني، إلى الإعلام، مسؤولية تجييش الشعب، ولو على المستوى النفسي، بغرض التحضر للرد العسكري على مقتل سليماني، وتبعاته من الرد الأمريكي، ورب ضارة نافعة، فربما يوحد التوجه السياسي ومن بعده الإعلامي، الشعب الإيراني، الذي ضج بالممارسات الاقتصادية والعسكرية التي أزهقت أرواح مئات بل آلاف الإيرانيين، في معارك لا طائل منها إلا خدمة مشروع الملالي الصفوي في المنطقة.

وفي إطار الحملة الإعلامية، حدد التلفزيون الرسمي الإيراني 80 مليون دولار أمريكي مكافئة لمن يأتي برأس الرئيس الأمريكي دونالد دونالد ترامب رداً على مقتل الجنرال “قاسم سليماني”.

وقال مقدم برامج التلفزيون: “سكان إيران 80 مليون نسمة وعلى عدد سكان إيران، نريد نقوم بحملة لجمع 80 مليون دولار أمريكي تقدم مكافأة لمن يأتي برأس المجنون صاحب الشعر الأشقر، من أصدر أوامر قتل الجنرال سليماني”، في إشارة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

واعتبر التلفزيون الإيراني دعوة قتل ترامب “مفتوحة لجميع الأشخاص في العالم الذين يريدون الحصول على هذه المكافأة المالية المقدمة من الشعب الايراني”، على حد قوله.

في غضون ذلك، تشير مصادر مهتمة بالشأن الإيراني، إلى أن إيران تشهد حاليًا أجواءً سياسية وإعلامية تشبه تلك الأجواء التي شهدتها البلاد قبل الحرب العراقية – الإيرانية عام 1980.

وتركز التغطية الإعلامية الإيرانية “على الرد العسكري الإيراني المباشر على أهداف أمريكية بالمنطقة، وأن الشعب الإيراني يتهيأ لخوض هذه المواجهة مع الأمريكيين وحلفائهم بالمنطقة العربية”.

ربما يعجبك أيضا