اجتماع سوتشي يبدد آمال الغرب بشأن شراكة بوتين وأردوغان

آية سيد
اجتماع سوتشي يبدد آمال الغرب بشأن شراكة بوتين وأردوغان

في اجتماع سوتشي، تحدث بوتين وأردوغان عن توسيع الشراكة بين بلديهما.


اجتمع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين، أمس الاثنين 4 سبتمبر 2023، في منتجع سوتشي.

وعلى عكس الآمال الغربية بأن يبتعد أردوغان عن علاقته الوثيقة مع بوتين، لم يُظهر الاجتماع أي مؤشرات على وجود تغيير كبير في موازنة الرئيس التركي بين روسيا والغرب، حسب ما جاء في تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.

تفاؤل غربي

قالت الصحيفة الأمريكية إن الكثيرين في الغرب بنوا آمالهم أن العلاقة الوثيقة، التي تجمع أردوغان وبوتين، ستشهد تغييرات كبرى، بعد التطورات التي حدثت في يوليو الماضي، حين انسحبت روسيا من اتفاق توسطت فيه تركيا لتصدير الحبوب الآمن من الموانئ الإوكرانية عبر البحر الأسود.

وجاء هذا التفاؤل بعد اجتماع أردوغان الودي مع الرئيس الأمريكي، جو بايدن، وسماح أنقرة لمجموعة من القادة الأوكرانيين، المحتجزين في البلاد كجزء من اتفاق لتبادل السجناء، بالعودة إلى ميدان المعركة، وتخلي الرئيس التركي عن معارضته انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).

تعزيز التعاون

وفق نيويوك تايمز، تبخرت الآمال الغربية بعد اجتماع سوتشي الأخير. ووقف أردوغان إلى جانب بوتين، أمس الاثنين، وتحدثا عن توسيع الشراكة بين بلديهما. وتحدث بوتين عن زيادة التجارة بين البلدين في السنوات الأخيرة، ومكانة تركيا كوجهة للسائحين الروس.

وقال الرئيسان إنهما سيزيدان التجارة والتعاون بشأن قضايا الطاقة، برغم جهود حلفاء أردوغان في الناتو لعرقلة اقتصاد روسيا وتقييد وصولها إلى أسواق الطاقة العالمية.

اقرأ أيضًا| لقاء أردوغان وبوتين.. هل تُنقذ تركيا صفقة الحبوب الأوكرانية؟

مشروعات الطاقة

تحدث أردوغان بفخر عن محطة الطاقة النووية، التي تبنيها روسيا بالقرب من ساحل البحر المتوسط في تركيا، معربًا عن رغبته في بناء محطة ثانية. في حين قال بوتين إن شركة غازبروم الروسية قدمت إلى شركة بوتاش التركية “خارطة طريق” لمشروع إنشاء مركز غاز في تركيا.

إلا أن خبراء الطاقة شككوا في جدوى مقترح بوتين، مستبعدين أن يوافق الاتحاد الأوروبي على قنوات غاز جديدة، أو يسعى لزيادة الإمدادات إلى أوروبا، وفق ما أوردته نيويورك تايمز.

بحث القضايا المهمة

من جانبه، قال مدير مركز روسيا وأوراسيا بمؤسسة كارنيجي للسلام، ألكسندر جابويف، إن الزعيمين بحثا عددًا من القضايا الأخرى. وأشار إلى حضور مدير الجهاز الاتحادي للتعاون العسكري التقني في روسيا، ديمتري شوجاييف، ما يعني أنه جرت مناقشة الأمور العسكرية أيضًا.

وأضافت الصحيفة الأمريكية أن الرئيسين بحثا كذلك القضية الجيوسياسية الأكثر إلحاحًا، وهي استئناف اتفاقية تصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، لكنهما فشلا في إحيائها. وقال بوتين إن روسيا ستستأنف الاتفاقية بمجرد تلبية مطالبها.

شراكة راسخة

رأى المحللون أن الظهور المشترك للزعيمين أوضح أن علاقتهما مستمرة، ومن المرجح أن يواصلا تنميتها، لأن المكاسب التي يحققونها من الشراكة تفوق الخسائر. ففي الوقت الذي تجد روسيا نفسها منبوذة من الغرب، تعمل تركيا كقناة حيوية، برفضها الانضمام إلى العقوبات الغربية، واستمرارها في شحن البضائع الضرورية لروسيا.

وبالنسبة لتركيا، التي تصارع مع أزمة اقتصادية، أثبتت روسيا أنها سوق خصبة للصادرات التركية، وعززت الموارد المالية لحكومة أنقرة عبر تأجيل مدفوعات الغاز، والودائع في البنك المركزي التركي، وفق نيويورك تايمز.

الاستفادة من الجانبين

رأى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة بيكوز في إسطنبول، أحمد قاسم هان، أن أردوغان “يحقق الاستفادة من الجانبين”. لأن الرئيس التركي نجح في اتخاذ خطوات لإرضاء حلفاء الناتو، دون المخاطرة بخسارة مزايا علاقته مع بوتين، على حد قوله.

وفي تصريحات لنيويورك تايمز، أوضح هان أن بوتين، على الجانب الآخر، يستفيد من قناته المفتوحة مع رئيس دولة في الناتو، لأن هذا يمنحه طريقًا غير مباشر لتوصيل آرائه إلى بقية الحلف.

اقرأ أيضًا| كيف استفاد أردوغان من بوتين لحسم الانتخابات؟

علاقة معقدة

منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022، يحاول صناع السياسة الغربيون فك شيفرة العلاقة بين بوتين وأردوغان. ومن منظور الغرب، بوتين هو الشرير، وحاولت الولايات المتحدة وحلفاء الناتو الآخرون إعاقة آلته الحربية بالعقوبات.

لكن أردوغان اتخذ موقفًا أكثر تعقيدًا، حسب الصحيفة الأمريكية.، لأنه أدان الحرب وقدم مساعدات لأوكرانيا، في الوقت الذي وسع علاقات بلاده مع روسيا، وأشار لبوتين بـ”صديقي”.

وهذا النهج منح أردوغان دورًا دبلوماسيًّا مميزًا، ما سمح لتركيا بالوساطة في اتفاقيات تبادل السجناء واتفاق الحبوب. لكن رفضه نبذ بوتين أحبط حلفاء الناتو، ودفع بعض صناع السياسة إلى التشكيك سرًا في الجانب الذي ينحاز إليه.

اقرأ أيضًا| بعد اعتراض روسيا سفينة قبالة ساحل تركيا.. لماذا يصمت أردوغان؟

ربما يعجبك أيضا