اختراق أمني كبير.. جاسوس صيني في قلب البرلمان البريطاني

اعتقلت الشرطة البريطانية باحثًا برلمانيًّا بتهمة التجسس لصالح الصين، في واحدة من أكبر الاختراقات الأمنية لصالح دولة معادية.

وحسب ما أوردت صحيفة صنداي تايمز البريطانية، أمس السبت 9 سبتمبر 2023، كان المشتبه به على صلة وثيقة بعدة نواب من حزب المحافظين، بعضهم مطلع على معلومات سرية أو شديدة الحساسية.

بيان الشرطة

أعلنت شرطة العاصمة (سكوتلاند يارد) عن القبض على رجلين في 13 مارس الماضي، بموجب القسم الأول من قانون الأسرار الرسمية لسنة 1911. وجاء في بيان الشرطة: “اعتُقل رجل في الثلاثينات في أوكسفوردشير ورجل في العشرينات في إدنبره”.

اقرأ أيضًا| الشرطة البريطانية تلقي القبض على سجين هارب متهم بالإرهاب

ووفق صنداي تايمز، جرى إطلاق سراح الرجلين بكفالة حتى بداية أكتوبر المقبل. وأضاف البيان: “يباشر التحقيقات ضباط من قيادة مكافحة الإرهاب بشرطة العاصمة، المسؤولة عن التهم المتعلقة بالتجسس وقانون الأسرار الرسمية. ولا تزال التحقيقات جارية”.

علاقات وثيقة

وزير الأمن البريطاني، توم توجيندهات

ذكرت الصحيفة البريطانية أن أحد المشتبه بهما، الذي عمل باحثًا برلمانيًّا، كانت له روابط وثيقة بعدة نواب من حزب المحافظين، من ضمنهم وزير الأمن، توم توجيندهات، ورئيسة لجنة الشؤون الخارجية، أليشيا كيرنز.

وعمل الباحث مع نواب البرلمان في السياسة الدولية وامتلك تصريحًا برلمانيًّا لعدة سنوات. وتوجد مخاوف من أن بكين ربما جندت الباحث البريطاني عميلًا نائمًا في أثناء عمله في الصين، قبل إرساله مجددًا إلى بريطانيا.

ويُقال إن توجيندهات كان على تواصل محدود مع الباحث وقطع التواصل معه عندما ترشح لرئاسة حزب المحافظين، ولم يتواصل مع المتهم منذ توليه منصب وزير الأمن.

تصعيد كبير

نقلت صنداي تايمز عن مسؤول حكومي رفيع قوله إن الوضع يمثل “تصعيدًا كبيرًا” من جانب الصين، مضيفًا أن بريطانيا “لم تشهد شيئًا مثل هذا من قبل”.

رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان البريطاني، أليشيا كيرنز

وفي سياق متصل، أعرب التحالف البرلماني الدولي بشأن الصين عن “فزعه من التقارير بشأن اختراق شخص يعمل لصالح الصين البرلمان البريطاني”. وقال العضو بالتحالف، لوك دي بولفورد، إنها “ليست مفاجأة أن الباحث يلاحق توم لأنه كان في مواجهة الصين منذ سنوات”.

اقرأ أيضًا| نشاط سري.. ماذا تفعل القوات الخاصة البريطانية في 19 دولة؟

وقال نائب مستشار الأمن القومي السابق، بادي ماكجينيس، إن “القناع سقط” في ما يتعلق بأفعال الصين، مضيفًا أن بكين “لديها تجاهل سببي لديمقراطيتنا وسيادتنا”.

تهديد متفاقم

ظهرت أنباء الاعتقالات بعد أقل من أسبوعين من زيارة وزير الخارجية البريطاني، جيمس كليفرلي، إلى بكين وسط انتقادات من كبار ناقدي الصين في حزب المحافظين. وأصر كليفرلي على أن بريطانيا ستسعى لعلاقة “براجماتية” مع الصين لمعالجة القضايا العالمية الرئيسة، مثل أزمة المناخ.

وحسب صحيفة الجارديان البريطانية، حذر زعيم حزب المحافظين السابق، السير إيان دونكان سميث، وهو أحد المتشددين تجاه الصين، من “التهديد المتفاقم” الذي تمثله الصين تحت حكم الرئيس، شي جين بينج. وقال: “هذا الخبر يدحض محاولة الحكومة عدم اعتبار الصين تهديدًا منهجيًّا”.

وأضاف أن الوقت قد حان لإدراك التهديد المتفاقم الذي يشكله الحزب الشيوعي الصيني تحت زعامة شي، متسائلًا: “ما ثمن زيارة كليفرلي المتملقة للصين؟”

استهداف بريطانيا

الرئيس الصيني شي جين بينج

في يوليو الماضي، حذر تقرير صادر عن لجنة الاستخبارات والأمن بالبرلمان البريطاني من أن الجواسيس الصينيين يستهدفون بريطانيا “بكثافة وعدوانية”، وأن بكين نجحت في اختراق “كل قطاعات الاقتصاد”.

ووفق صنداي تايمز، أثار التقرير المخاوف بشأن النفوذ الصيني في الجامعات البريطانية ونية الدولة في أن تصبح “لاعبًا دائمًا ومهمًّا” في صناعة الطاقة النووية المدنية. وانتقد التقرير رد الحكومة البريطانية، مشككًا في المفاضلة بين المصلحة الاقتصادية والمخاوف الأمنية.

اقرأ أيضًا| «حرب جواسيس».. الطلاب الصينيون يتوغلون في الجامعات البريطانية

والعام الماضي، أصدر جهاز الأمن الداخلي (إم آي 5) تحذيرًا أمنيًّا نادرًا، يحذر نواب البرلمان من جاسوسة صينية مشتبه بها تُدعى كريستين لي، انخرطت في أنشطة التدخل السياسي نيابة عن النظام الشيوعي الصيني، حسب الجارديان.

قلق بريطاني

أعرب رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، عن قلقه بشأن التدخل الصيني في الديمقراطية البرلمانية لبريطانيا، خلال اجتماع مع رئيس الوزراء الصيني، لي تشيانج، على هامش قمة الـ20 في الهند.

وحسب ما أوردت وكالة أنباء رويترز، اليوم الأحد 10 سبتمبر، قال سوناك إنه أعرب عن مخاوفه القوية بشأن أي تدخل صيني في الديمقراطية البرلمانية، لأنه “أمر غير مقبول”.

ولفتت رويترز إلى أن البيان الصيني للاجتماع لم يذكر مزاعم التجسس، لكنه رحب بتعاون بريطانيا العملي الموسع مع الصين، مضيفًا أن لي تشيانج قال إن “الجانبين يجب أن يعالجا الاختلافات بطريقة مناسبة”.