الأسرى الفلسطينيون.. تصعيد في طريق “التدويل” والاحتلال في ورطة

حسام السبكي

حسام السبكي

على ضوء الانتفاضة الفلسطينية، التي يتواصل حلقات مسلسلها النضالي، في مواجهة غطرسة وتجاوزات الاحتلال الإسرائيلي، لكافة التقاليد والأعراف والقوانين الدولية والإنسانية، تقرر هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، تصعيدًا جديدًا في وجه العدوان الصهيوني، ربما يصل بالقضية إلى “التدويل”.

بيان الهيئة أكد على نفاذ الصبر الأسر والمعتقلين داخل سجون الاحتلال، فأعلن عن مقاطعة شاملة ونهائية وبسقف زمني مطلق، فيما ذهب البعض الآخر إلى احتمالية تدشين “معركة أمعاء خاوية” جديدة، على غرار تلك التي شهدتها سجون المحتل في 2014، فيما صعدت بعض القوى من مطالبها بتبني القضية على الصعيد الدولي، وتحديدًا داخل أروقة المحكمة الجنائية الدولية.

في غضون ذلك، مددت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، بتعنت ليس بغريبٍ عليها، اعتقال المناضلة الفلسطينية الشابة “عهد التميمي”، وأرجأت محاكمتها حتى الشهر المقبل، لتستمر بذلك الممارسات الظالمة للصهاينة بحق الفلسطينيين.

مقاطعة محاكم الاحتلال.. خطوة أولى

في مواجهة القرارات والممارسات الإسرائيلية التعسفية، قرر “المعتقلون الإداريون”، داخل السجون الصهيونية، الشروع في مقاطعة كافة المحاكمات العسكرية الإسرائيلية بحقهم.

وعلى هامش المؤتمر الصحفي الذي عُقد، اليوم الثلاثاء، في مدينة رام الله، بمشاركة رفيعة المستوى، من عدة شخصيات فلسطينية مهتمة بقضايا الأسرى، أكد “عيسى قراقع”، رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحريين الفلسطينية، أن المقاطعة المرتقبة ستكون “شاملة وبلا سقفٍ زمني محدد”.

وأوضح قراقع، أن “نحو خمسمائة معتقل إداري ينوون تنفيذ هذه الخطوة، داعين إلى مساندتهم، وقد أمهلوا المحامين الذين قدموا التماسات لبعض الأسرى حول اعتقالهم الإداري لغاية الأول من الشهر المقبل، حتى يلتزموا بقرار مقاطعة محاكم الاعتقال الإداري”.

كما أشار إلى أنه تم إبلاغ نقابة المحامين الفلسطينيين بضرورة مراقبة ومحاسبة أي محامٍ يخرق هذه الخطوة، والمتمثلة بعدم المثول أمام محاكم الاعتقال الإداري بكل أشكالها، إذ إن سلطات الاحتلال أصدرت منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2015، وحتى الآن، نحو 3500 قرار اعتقال إداري بحق الفلسطينيين، ما بين أمر جديد وتمديد اعتقال إداري، وأن 11 طفلا تم اعتقالهم إداريا.

وعلى ذكر الاعتقال الإداري، أكد المشاركون خلال فعاليات المؤتمر، على دعمهم الكامل والتزامهم التام بالقرار الذي اتخذه المعتقلون، وعلى تبنيه بشكل رسمي، مثمنين تلك الخطوة النضالية، ومعتبرينها خطوة استراتيجية على طريق مواجهة سياسة الاعتقال الإداري التي تتبناها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، داعين في الوقت ذاته إلى التفاف كافة أبناء الشعب الفلسطيني خلف تلك الخطوة.

ومن المفيد هنا أن نذكر، أن عدد المعتقلين الإداريين داخل سجون الاحتلال الصهيوني، يبلغون حاليًا قرابة الـ450 أسيرا، بحسب الإحصائية التي أعدها “نادي الأسير الفلسطيني”، فيما أوضح النادي، أن قوات الاحتلال الإسرائيلي قد أصدرت في العام الماضي، 1060 أمر اعتقال إداري، بينهم 379 أمر اعتقال إداري جديد.

والاعتقال الإداري، يعد اعتقالًا بلا تهمة محددة، فيما يدعي الاحتلال ملكيته لملف سري لاتهامات بحق المعتقلين، في حين أن أمر الاعتقال الإداري لا يجوز أن تزيد مدته عن 4 أو 6 أشهر على الأكثر، فيما تقوم سلطات الاحتلال بتجديده قبل انتهاء الموعد الأول، وبسبب تلك السياسة، قبع الأسرى الفلسطينيون داخل السجون الإسرائيلية نحو 14 عامًا، بزعم “الاعتقال الإداري”.

تهديد بـ”الإضراب عن الطعام”.. ومناشدات بالتصعيد الدولي

مما سبق، يتضح أن مقاطعة محاكم الاحتلال الإسرائيلي، لا تعد سوى نقطة بداية في منحىً تصاعدي، مرهون بالتعاطي الإيجابي – غير المنتظر – من قبل الصهاينة، وهو ما يؤشر إلى أن الأيام المقبلة ستكون حُبلى بمزيد من التصعيد في وجه الإحتلال.

في هذا السياق، صرح “قدورة فارس”، رئيس نادي الأسير الفلسطيني، أن أهمية “المقاطعة”، تكمن في كونها “قرارًا جماعيًا” بالدرجة الأولى، وهذا مؤشر إيجابي في حد ذاته، موضحًا أن تلك الخطوة ستتبعها على الأرجح فعاليات شعبية وحراك سياسي، يصب في النهاية في صالح الأسرى.

وعلى ذكر التصعيد أيضًا، فقد أشار “وصفي قبها” وزير شؤون الأسرى الفلسطينيين السابق، والقيادي في حركة حماس، أن إضرابًا عن الطعام، على غرار ما كان في 2014، سيكون في طريقه للتنفيذ، حال فشلت خطوة المقاطعة، مؤكدًا أن الإجماع الوطني بين الأسرى، سيشكل زخمًا غير مسبوق، آملًا أن يجد ذلك صدىً لدى المجتمع الدولي، واصفًا “محاكم الاعتقال الإداري” بـ “ورقة الابتزاز” التي يتخذها الاحتلال الإسرائيلي بحق الأسرى.

المحكمة الجنائية الدولية، كانت حاضرة بقوة في مطالبات الحاضرين لمؤتمر هيئة شؤون الأسرى، وفي ذلك، طالب “عمر شحادة”، القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، القيادة الفلسطينية باعتبار قضية الأسرى، والإداريين منهم بشكلٍ خاص، جزءًا من ملف الأسرى داخل أروقة المحكمة الجنائية الدولية، وقد شاركه في الرأي ذاته “حلمي الأعرج” مدير مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية “حريات”، حيث طالب بوضع جرائم الحرب الإسرائيلي وبخاصة “الاعتقال الإداري”، أمام المحكمة الجنائية الدولية.

عهد التميمي.. النضال مستمر

واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، تعنتها، في مواجهة البطلة العربية الشابة وأيقونة النضال الفلسطيني الجديد، “عهد التميمي”، فقررت تمديد اعتقالها إثر اتهامها بالاعتداء على أحد جنود الاحتلال الإسرائيلي، خلال أحداث المواجهات التي وقعت عقب القرار الأمريكي بنقل السفارة من مدينة تل أبيب إلى القدس المحتلة.

فقد أرجأت صباح اليوم، المحكمة العسكرية الإسرائيلية في “عوفر”، النظر في ملف الفتاة الفلسطينية “عهد التميمي”، التي ظهرت في مقطع تسجيل مصور وهي تصفع جنديين إسرائيليين في بلدتها “النبي صالح” في الضفة الغربية قبل نحو شهرين.

وقررت المحكمة ارجاء المداولات في القضية إلى يوم الحادي عشر من الشهر المقبل أذار/ مارس.

وتواجه الفتاة عهد التميمي 12 تهمة من بينها “الاعتداء على عناصر الأمن أثناء أدائهم لمهامهم وكذلك التحريض عبر شبكات التواصل الاجتماعي وغيرها من التهم الأخرى، وذلك في محكمة “عوفر” العسكرية الكائنة في الضفة الغربية.

ويتوقع المراقبون أن تستغرق محاكمة عهد التميمي عدة أشهر، بينما أثارت المحاكمة اهتماماً دوليا واسعا.

ويرى الفلسطينيون في عهد بطلة تعارض الاحتلال العسكري الإسرائيلي للضفة الغربية، في حين تقول إسرائيل: إن عهد التميمي اعتدت على الجنود الإسرائيليين وإنها تحرض على المساس بهم.

يشار إلى أن عهد التميمي البالغة من العمر 16 عاماً، قد ظهرت في مقطع فيديو وهي تصفع وتضرب جنديين إسرائيليين كانا يقفان خلف سور منزل عائلتها يرصدان حركة احتجاج في بلدة النبي صالح، مسقط رأس عهد.

الخاتمة

يواصل الفلسطينيون نضالهم في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، على كافة الأصعدة، متجاوزين خلافاتهم الضيقة، ومتخطيين كافة العقبات والعثرات التي يضعها الصهاينة، في طريق تحقيق حلم الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على الأراضي المحتلة.

ربما يعجبك أيضا