“الأمهات الأطفال”يدفعون ثمن تغير المناخ في أفريقيا

هالة عبدالرحمن

كتب – هالة عبد الرحمن
أصبح العالم عاجزًا عن حل مشاكله الإنسانية والتي خلفت آلاف الظواهر المجتمعية اللاإنسانية، وأمام تخلي القوى العظمى في العالم عن الوقوف أمام ظاهرة تغير المناخ، فأصبح القادم أسوأ على الجميع بخاصة الأطفال في الدول الأفريقية.

وفي أوقات كثيرة يكون زواج البنت في مصلحة الأسرة وتضحي البنت من أجل أخواتها ووالديها، إلا أن الثمن يكون غاليًا  ولقد بينت إحصاءات منظمة الصحة العالمية ارتفاعا خطيرا فى معدلات الإصابة بسرطان عنق الرحم cervical cancer، وفى معدل وفيات الأمهات القاصرات وأطفالهن. كما بينت الإحصاءات أن سبب الوفاة الرئيسى للمتزوجات فى الأعمار من 15 – 19 عاما هو الحمل.

وفي عام 2015  قدر صندوق الأمم المتحدة عدد المتزوجات القاصرات دون سن 18 عامًا إلى 13.5 مليون طفل، ومنهم 4.4 مليون طفلة تتزوج دون سن 15 عامًا، وتتوقع اليونيسيف أن يصل عدد الطفلات العرائس إلى 310 مليون طفلة بحلول عام 2050.

وهناك أسباب كثيرة وراء زواج الأطفال في بعض المجتمعات الأفريقية, من ضمنها الخوف من التعرض للاغتصاب والحمل بمجرد بلوغ الطفل، من جهة أخرى, يكون الفقر هو الدافع للكثير من الأباء الذين لا يستطيعون تحمل نفقات إطعام عدة أطفال.

وعلى الرغم من أن الحكومة تتصدى لهذه الظاهرة في ملاوي عبر تشريع قانون يحرم الزواج قبل بلوغ سن 18 عامًا،  وجندت أكثر من 230 متطوعا ومتطوعة لحماية القاصرات بالمشاركة مع جمعية حقوق الإنسان، والعاملين بالكنيسة الرومانية الكاثوليكية، وبعض المتخصصين من أفراد الشرطة، إلا أن معدل زواج الأطفال ما زال قائمًا، فيما يتزايد عدد الطفلات العرائس في موزمبيق نتيجة تزايد عدد السكان.

وتكون حوالي 30% أو 40% من حالات زواج القاصرات في أفريقيا بسبب تغير المناخ والفيضانات والجفاف، وهناك حوالي 4 أو 5 ملايين بنت معرضة لخطر الزواج في ملاوي, منهم حوالي 1.5 مليون فتاة معرضة لخطر الزواج بسبب تغير المناخ.

والكثير من الزيجات تكون غير رسمية وغير مسجلة لذلك هذه الأرقام قد تكون أقل بكثير من الواقع في موزمبيق التي تعد أفقر بلدان العالم وهناك ما يقرب من 70% من أصل 28 مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر بسبب الفيضانات والجفاف والأعاصير، لذلك هناك واحدة من كل سبعة فتيات تتزوج قبل سن 18 عامًا.

وتعتبر منظمة “يونيسيف” أن ملاوي ضمن أسوأ 11 دولة في زواج القاصرات حول العالم، فيما يقول صندوق النقد الدولي أن 70% من 19 مليون نسمة يعيشون تحت خط الفقر, و25% من الأطفال يعيشون فى فقر مدقع، وبالنظر إلى عدد كبير من غير الفقراء يعيشون في مناطق ريفية شديدة التأثر بصدمات الطقس, من المتوقع أن يصلوا إلى معدل الفقر.

وتعرف “اليونيسيف” زواج الأطفال بأنه: بأنه زواج رسمي أو اقتران غير رسمي قبل بلوغ سن 18 عاماً، وهو حقيقة واقعة بالنسبة للفتيان والفتيات، على الرغم من أن الفتيات أكثر تضرراً بشكل غير متناسب.

ويحمل زواج الأطفال الكثير من العواقب الصحية الوخيمة والقاتلة، باعتباره أحد الأسباب الرئيسية للوافيات و هو السبب الأول لإصابة الفتيات التي تتراوح أعمارهم بين 15 و19 عند فترة الحمل والولادة بأمراض خطيرة. إذ تتزوج الفتاة القاصرة دائما بمن هو أكبر منها في السن وفي الحجم. وفي العادة لا تكون للفتاة الخبرة الكافية في استعمال الوسائل الحمائية لمنع الحمل بالإضافة لقلة المعرفة الكافية بالحياة الجنسية ولقلة الإمكانيات لشراء وسائل منع الحمل.

كما يسبب زواج الأطفال أيضا ارتفاعا في معدل الوفيات عال للأطفال الرضع وللأمهات، كما يسبب في الولادة المبكرة أوموت الجنين داخل الرحم إذ جاء في تقرير اليونيسيف أن كل طفل من أم يقل سنها عن 18 سنة مرجح للوفاة بنسبة 60 بالمئة. كما يزيد زواج الأطفال في ارتفاع نسبة انتشار الأمراض المتناقلة جنسيا، (مثل سرطان عنق الرحم). بالإضافة إلى كون أغلب المتزوجات من أطفال يتعرضن كثيرا للعنف المنزلي.

وتنتشر ظاهرة الزواج المبكر في دول أفريقيا بنسب مختلفة بسبب الفقر وعوامل تغير المناخ، ومن الدول ذات المعدلات الأعلى، النيجر، وتشاد، ومالي، ومالاوي، وغينيا، وموزمبيق، وإثيوبيا، حيث يسمح بالزواج في بعضها من سن 15 عاما، ويمكن للتقاليد والمحاكم الدينية أن تنزل بالسن إلى أصغر من ذلك. ومن الدول ذات النسب العالية مالاوي والنيجر 76%، وأقلها في الجزائر 3%، أما غرب ووسط افريقيا فالنسبة 42% بينما شرق وجنوب أفريقيا 36%.

وتعاني قرى في جنوب ملاوي من ظاهرة الطفلات العرائس حيث يلجأ الآباء والأمهات إلى تزويج بناتهم في أعمار صغيرة وهم أطفال، ويعود السبب في ذلك إلى ارتفاع درجات الحرارة وسقوط الأمطار والفيضانات التي عصفت بحياة آلاف الأسر ولم يتحملوا الوقوف أمام تغير المناخ مما اضطرهم إلى عدم تعليم أولادهم وتزويج بناتهم القاصرات.

ربما يعجبك أيضا