الاحتلال “يسرق النور” من عيني مالك

محمود

كتب – محمد عبدالكريم

القدس المحتلة – بصوت مختنق وعينان مغرورقتان، نعى والد الطفل المقدسي مالك عيسى (8 سنوات) من بلدة العيسوية بالقدس المحتلة، عينا فلذة كبده، بعد ان اطفأت رصاصة جنود الاحتلال بصره، وكسرت جمجمته.

العائلة لا تفارق سرير مالك في احد مستشفيات مدينة القدس؛ فالطفل الذي لا تفارقه الالام والاوجاع، لا يفارقه الخوف والحيرة، فهو لا يعلم لماذا هو في ظلام دامس منذ ايام، ولا لماذا استهدفته رصاصات جنود الاحتلال، الذين دفعتهم وقاحتهم إلى استجواب أهله قرب سريره حول كافة التفاصيل التي حصلت في ذلك اليوم، ومحاولتهم لقلب الحقائق، بأن “مالك” قد اصيب بحجر وليس برصاصة.

تزييف الحقائق

صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، بثت على موقعها على الإنترنت شريط فيديو يوثق إخلاء الطفل مالك عيسى بعد إصابته برصاصة إسفنجية في العيسوية، بعد أن غادر مدرسته في الـ15 من شهر شباط مع شقيقتيه، حيث نزل الطفلان من حافلة المدرسة متوجهين إلى منزلهم جدهم، تزامنا مع اقتحام قوات الاحتلال للبلدة.

أُصيب مالك برصاصة مطاطية في رأسه، أسقطته أرضاً، والدّماء ملأت وجهه، ليتبين بعد ذلك بأنها أصابت جبينه، فوق الأنف تحديداً وقريبة من العين، وأشارت الصحيفة إلى أنه وعلى عكس ادعاء شرطي الاحتلال الذي زعم بأنه أطلق النار على الحائط، وقال بأنه يعتقد أن مالك أصيب بحجر، فإن شريط الفيديو الذي يوثق إخلاء الطفل مالك بعد إصابته يظهر بوضوح سكان المنطقة التي أصيب فيها الطفل وهم في حالة ذعر بعد سماعهم صوت انفجار أو طلقة نارية.

وقالت “هآرتس” إن الفيديو الذي التقطته الكاميرات الأمنية، لا يظهر لحظة إصابة الطفل مالك، ولكن يمكن مشاهدة ما حدث قبل ذلك بدقائق قليلة، حيث يظهر الشريط المصور السكان وهم يمشون في الشارع، وفي مرحلة ما يركض عيسى إلى منطقة مخفية عن الكاميرا – وعندها يظهر السكان وهم يفرون من المنطقة التي ركض إليها الطفل، يظهر الناس بعد ثوان وهم يحملون عيسى وهو فاقد الوعي ومصاب، إلى سيارة خاصة قامت بنقله لتلقي العلاج الطبي.

وقد اعترف الشرطي باستخدام سلاحه، لكنه ادعى أنه أطلق رصاصة واحدة على جدار حجري لإعادة ضبط سلاحه، زاعما أنه لم يلاحظ أن عيسى قد أصيب.

نائبان في “برلمان” الاحتلال هذه الحوادث هدفها التهجير

وأبرق النائبان في “الكنيست الإسرائيليّ”، عايدة توما، وعوفر كسيف (الجبهة الديمقراطيّة للسلام والمُساواة، القائمة المشتركة) برسالة لما يسمى بـ”وزير الأمن الداخليّ الإسرائيليّ” غلعاد أردان، وهو من صقور حزب (ليكود) الحاكِم، طالباه فيها بفتح تحقيق رسمي بحادث الطفل مالك.

وقال النائبان: إنّ هذه ليست المرة الأولى التي تقوم بها قوات شرطة الاحتلال باستهداف الأطفال الفلسطينيين، وهو ما يعكس سياسة احتلالية تتمثل في استخدام النار والقوة ضد الفلسطينيين بهدف تيئيسهم وترحيلهم من منازلهم وأحيائهم.

وأضافا أنّه لا يمكن لوزير الأمن الداخلي أنْ يتجاهل في كلّ مرّةٍ أحداثًا كهذه منتهكة لكلّ القوانين والأعراف الدولية، وأنْ يمر عليها مرور الكرام. وخلُصا إلى القول: نحن بدورنا سنعمل بشكل مستمر للوقوف سد منيع أمام هذه الجرائم وسنفضحها أمام العالم أجمع، كما أكّدا.

وقال النائبان في رسالتهما: هذا الأسبوع شهدنا جولة أخرى من ممارسات الشرطة العنيفة في العيسوية، هذه الأحداث أدت إلى إصابة طفل يبلغ تسعة أعوام بعينه إصابة بالغة نقل على أثرها للمستشفى، وما زال يقبع هناك، حذرنا في السابق، ونحذر الآن من هذه الممارسات المستمرة التي لا علاقة لها بالحفاظ على النظام العام، وإنما بلطجة هدفها قمع سكان حي العيساوية وعليها أن تتوقف حالًا، وفق أقوالهما، كما طالب النائبان في نهاية الرسالة بتعجيل فتح تحقيق شامل يتضمن فحص جدي للسلاح الذي استعمل على يد الشرطة في نفس اليوم بالإضافة إلى الكشف عن هوية رجال الشرطة الذين قاموا بهذه الفعلة الشنيعة.

الاحتلال يتعمد فقأ عيون الفلسطينيين وشلهم

من ينجو من الفلسطينيين من رصاص الموت بأعجوبة، فلا أقل من تفقأ بنادق الاحتلال عينه، أو تشل حركته، حتى يرتدعوا عن المقاومة، خلاصة نقلتها صحيفة “هآرتس” وجمعية مواطن الإسرائيليتان.

 فلم يمض سوى أشهر قليلة مطلع عام 2015 على مطالبة جمعية حقوقية إسرائيلية (جمعية مواطن)، للمستشار القضائي لحكومة الاحتلال ولمفتش العام لشرطة الاحتلال، بالتوقف عن جرائم استخدام الرصاص الإسفنجي الأسود في القدس بعد الكشف عن فقد 13 فلسطينيا أبصارهم منذ بدء استخدامه قبل نحو عام.

وكان سياسيون ورياضيون وفنانون عرب وأجانب، قد شاركوا في اكبر حملة تضامن مع الصحفي الفلسطيني معاذ العمارنة الذي فقأت قوات الاحتلال عينه برصاصة في نوفمبر من العام الماضي، وهو ما يشير إلى أن سياسة الاحتلال في استهداف العيون مستمرة ودون خشية للعواقب.

ربما يعجبك أيضا