الاقتصاد الإندونيسي يحبس أنفاسه بانتظار انتخابات 2024

كيف سيؤثر مؤشر الديمقراطية في الاستثمار الإندونيسي؟

ولاء السيد

تعيش دولة إندونيسيا في الوقت الحالي فترة صعبة وحرجة، وتعتبر اختبارًا حساسًا للديمقراطية في البلاد، وذلك بسبب اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في العام المقبل.

ومن المتوقع أن تشهد هذه الانتخابات منافسة قوية بين المرشحين المحتملين لخلافة الرئيس الحالي جوكو ويدودو، فكيف سيؤثر ذلك في الاقتصاد الذي شهد العام الجاري أقوى ارتفاع له على الإطلاق.

اقتصاد إندونيسيا يرتفع لأعلى مستوى منذ 9 سنوات

مع فكّ القيود المفروضة في إندونيسيا بسبب جائحة كورونا ودخول الدولة في مرحلة التعافي الاقتصادي، ارتفع اقتصاد إندونيسيا 5.31% في العام الماضي مسجلًا أعلى مستوى له منذ 9 سنوات، وفق ما نقلته شبكة “سي إن بي سي”.

كما تسارع النمو الاقتصادي لإندونيسيا في الربع الثاني من 2023 بشكل غير متوقع إلى أعلى معدل في ثلاثة أرباع، مدعوما بالإنفاق الأسري والحكومي القوي رغم ضعف الصادرات وسط انخفاض أسعار السلع الأولية.

وسجل الاقتصاد الأكبر في جنوب شرق آسيا نموًّا 5.17% في الربع من إبريل إلى يونيو مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، متجاوزًا توقعات الاقتصاديين في استطلاع لرويترز بالنمو 4.93%، وتم تعديل معدل النمو للربع الأول بالزيادة قليلا إلى 5.04%.

وعلى أساس فصلي غير معدل موسميًّا، نما الناتج المحلي الإجمالي 3.86 في الربع الثاني، مقارنة بتوقعات بالنمو 3.72% في استطلاع رويترز.

جوكو ويدودو يثير جدلًا واسعًا في الوسط السياسي

أثار الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو جدلاً واسعًا في الأوساط السياسية بسبب قراره بترشيح نجله الأكبر جبران راكابومينج راكا كنائب له في السباق الرئاسي. واعتبرت هذه الخطوة محاولة لإرساء توالي السلطة داخل عائلته، ما أثار غضبًا شديدًا في الأوساط السياسية التي ترى في ذلك تهديدًا لاستقرار الديمقراطية في البلاد.

ويتمثل الجدل الأكبر في التعديل الدستوري الذي جعل الشاب جبران راكا مؤهلاً ليكون نائب الرئيس فقد أصدرت المحكمة الدستورية تعديلاً قانونيًا يسمح للمواطنين الذين يشغلون مناصب رؤساء مناطق بالترشح لمنصب الرئيس أو نائب الرئيس، حتى لو كانوا أقل من السن القانونية المطلوبة والتي تبلغ 40 عامًا، وفق ما نقلته وكالة أنباء أندونيسيا.

وبناءً على هذا التعديل، وضع جبران نفسه في سباق الرئاسة على الرغم من أنه يبلغ من العمر 36 عامًا فقط.

تقديم طلب للتعديل الدستوري

وفقًا للتقارير الإعلامية الإندونيسية والأجنبية، تقدم طلب التعديل الدستوري إلى المحكمة شخص يمثل جبران راكا، ويثير هذا القرار جدلاً بسبب زواج رئيس القضاة أنور عثمان من أخت جوكو ويدودو، مما يعتبره النقاد انتكاسة كبيرة للديمقراطية في إندونيسيا، ويزعمون أن الرئيس يسعى إلى إنشاء سلالة سياسية داخل البلاد.

عند فوز جوكو ويدودو برئاسة إندونيسيا في عام 2014، اعتبر الليبراليون في البلاد ذلك انتصارًا لأنه أول شخص يخرج من خارج النخبة التقليدية ويقود ثالث أكبر ديمقراطية في العالم، ووعد جوكوي بتقديم سياسة جديدة ودور أقل لالعائلات السياسية في الحكم، ومع ذلك، يعتقد البعض الآن أن ترشيح ابنه للمنصب الرئاسي يتعارض مع تلك الوعود ويشكل تهديدًا لمبادئ الديمقراطية.

يبدو أن هناك توافقًا نادرًا حدث بين الجنرال برابوو سوبيانتو والرئيس الحالي جوكو ويدودو في انتخابات عام 2019 في إندونيسيا، فقد قاد سوبيانتو تحالف المعارضة وحصل على نسبة 44.5% من أصوات الناخبين، في حين فاز ويدودو بنسبة 55.5%، وبعد الانتخابات، عُرض على سوبيانتو المشاركة في حكومة ويدودو بتولي وزارة الدفاع، وهذا التوافق أثار شكوكًا حول احتمال تشكيل تحالف غير معتاد بين المعارضة والسلطة، وفق تقارير إعلامية إندونيسية سابقة.

سوبيانتو يحظى بتأييد واسع

توجد تكهنات بأن سوبيانتو يحظى بتأييد واسع من مختلف المكونات السياسية وأنصار الرئيس الحالي وبعض أحزاب التحالف الحاكم. هذا يعزز الشكوك حول وجود صفقة بين الطرفين أو تحالف ذي أهداف أخرى. يشير البعض إلى أن ويدودو حاول في السابق تعديل الدستور للسماح له بالترشح لولاية ثالثة أو تأجيل الانتخابات، لكن تم إحباط هذه المحاولات بسبب الاحتجاجات الشبابية والمعارضة السياسية الواسعة.

على مر السنوات، بدأت عائلة جوكو ويدودو في بناء سلالة سياسية في إندونيسيا، بعد فترة ولاية واحدة فقط لويدودو كرئيس، بدأ أبناؤه بشغل مناصب في الحكومات الإقليمية والمركزية، بما في ذلك مناصب عمدة المدينة والانضمام إلى الأحزاب السياسية الوطنية. وفي يناير 2023، أعلن أصغر أبناء جوكو ويدودو، كايسانج بانجاريب، عن نيته دخول السياسة، حيث يعمل كرجل أعمال ومالك نادي كرة قدم، هذا يوضح تطور العائلة السياسية لجوكو ويدودو في إندونيسيا، وفق وكالة أنباء إندونيسا.

مستقبل الديمقراطية الإندونيسية

ينظر مراقبون إلى صعود سلالة جوكوي، باعتبارها أحد أعراض الثقافة السياسية في إندونيسيا التي أصبحت منفتحة بشكل متزايد على «العائلة» كفئة أخرى من الجهات الفاعلة السياسية إلى جانب الأوليغارشية والأحزاب.

وعندما تتجه إندونيسيا نحو انتخابات فبراير 2024، ستلفت الأنظار إلى تحالف برابوو-راكا، والآثار التي يحملها على ديمقراطية البلاد، وهو ما يعني أن نتيجة الانتخابات ستكون بمثابة اختبار حقيقي لتوجه الرأي العام تجاه سياسات الأسرة الحاكمة والثقة في النظام السياسي.

ويضع المتابعون للشأن العام في إندونيسيا مستقبل هذه الفئة الجديدة في أيدي الإندونيسيين أنفسهم، إما بتجاهل ريبة التحالف، المتهم بالمحسوبية، وتأييده في صناديق الاقتراع، أو رفضها، وبالتالي رفض عائلة جوكوي وهي سلالة سياسية ناشئة ليس لديها أداة حزبية خاصة بها أو جيل خليفة مضمون.

3 مرشحين يهيمنون على السباق الرئاسي

يهيمن على السباق الرئاسي ثلاثة مرشحين محتملين، وزير الدفاع برابوو سوبيانتو، 72 عامًا، والحاكمان السابقان المشهوران جانجار برانوو وأنيس باسويدان، وكلاهما يبلغ من العمر 54 عامًا.

ومن غير المؤكد ما إذا كان جوكوي سيفوز بمقامرة المحسوبية على الرغم من تصنيف شعبيته الذي لا يزال يتجاوز 70%، حيث تشير بعض استطلاعات الرأي في إندونيسيا إلى تقدم برابوو سوبيانتو، لكن جانجار برانوو، حاكم جاوة الوسطى ومرشح حزب النضال الديمقراطي الإندونيسي القوي، الذي تخلى عنه جوكوي لاختيار برابوو، لم يتخلف قط عن الركب.

وأظهر استطلاع أجراه معهد المسح الإندونيسي (LSI) في الفترة من 16 إلى 18 أكتوبر المنقضي أن برابوو، أيًا كان من يقترن به، حصل على 35.8% من الأصوات، يليه جانجار بنسبة 30.9%، وحاكم جاكرتا السابق أنيس باسويدان، بنسبة 19.7%.

مستوى شعبية المرشحين الثلاثة

تشير تلك الإحصائيات إلى تقارب واضح في مستوى شعبية المرشحين الثلاثة، وبالتالي فرص الفوز بالرئاسة؛ ما يعني أن ترتيبات وتنسيق بين أطراف ؤاحزاب خلال الأسابيع المقبلة من شأنها أن ترجح كفة أحدهم.

وسيحدد 205 ملايين مواطن في إندونيسيا البالغ عدد سكانها 270 مليونا مستقبل البلاد الغنية بالموارد الاقتصادية في وقت تخطط للتوسع التنموي وتنويع مصادر الدخل وتعزيز الاستثمار الأجنبي، وكلها بنود تحتاج إلى مناخ ديموقراطي ذات طبيعة استقرارية.

ربما يعجبك أيضا