الانتخابات اقتربت.. والبيت الأبيض يترقب رئيس الإنقاذ الاقتصادي!

حسام عيد – محلل اقتصادي

الاقتصاد الأمريكي في صلب السباق الرئاسي والانتخابات المقبلة في نوفمبر القادم، حيث حظي بنصيب الأسد من الحملتين الانتخابيتين للرئيس الأمريكي دونالد ترامب “ممثل الحزب الجمهوري”، وجو بايدن مرشح الحزب الديمقراطي.

ويظل الاقتصاد الأمريكي عامل رئيسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، لعلنا جميعًا نذكر الرئيس الأسبق بيل كلينتون وشعار حملته “إنه الاقتصاد يا غبي”  الذي أوصله للبيت الأبيض عام 1993، وبات صداه يتردد في كل استحقاق انتخابي أمريكي.

واليوم وقبيل الانتخابات الرئاسية، يعاني الاقتصاد الأمريكي ظروفًا استثنائية للغاية فرضتها تداعيات جائحة كورونا الوبائية، حيث تحول إلى الركود، الأمر الذي أضر بسوق العمل وهذا ما يظهره المنحنى المتصاعد لطلبات إعانة البطالة الأمريكية، أسبوعيًا، إضافة لتسارع وتيرة العجز في مؤشرات اقتصادية ومالية مختلفة.

وفيما يسعى ترامب للحفاظ على اللقب الذي اكتسبه في دورته الأولى وهو أنه الرئيس الذي وفر أكبر عدد من الوظائف وإنعاش اقتصادي غير مسبوق، يعمل منافسه بايدن على استمالة الناخب من خلال طرح برامج لتنشيط الإنتاج المحلي ودعم الطبقة الوسطى وتعويض العاطلين عن العمل بسبب كورونا والاستثمار في التكنولوجيا صديقة للبيئة لخلق فرص عمل جديدة علها تكون حصان طروادة الذي يوصله لكرسي الرئاسة. وهذا ما سنتعرض له بالتحليل في التقرير التالي.

الاقتصاد بوصلة الرئيس المقبل

ينصب اهتمام الناخب الأمريكي على قضايا اقتصادية عدة، أهمها؛ فرص العمل، الوظائف، التضخم، أسعار السلع الرئيسية خاصة البنزين والسولار، الإعفاءات الضريبية، وزيادة الأجور، وكذلك تحركات مؤشرات الأسهم الأمريكية ما بين اللونين الأحمر والأخضر وهي قضايا باتت في صلب حملات مرشحي الرئاسة الأمريكية الحاليين الجمهوري دونالد ترامب والديمقراطي جو بايدن.

ويكتسب عامل الاقتصاد في الانتخابات الأمريكية المقبلة زخمًا، لأسباب فرضتها أعباء فيروس كورونا الكارثية، والتي ألحقت خسائر فادحة بالاقتصاد وفرص العمل ودخل المواطنين، ودفعت إدارة البنك المركزي الأمريكي إلى ضخ ما يزيد عن 5 تريليونات دولار كحزم إنقاذ للحيلولة دون انهيار الاقتصاد ودفع الشركات إلى التمسك بالعمالة وتوفير السيولة النقدية لملايين الأسر المتضررة.

ويهدف ترامب، الذي يسمي نفسه “الرئيس الذي يوفر أكبر عدد من الوظائف”، إلى تنشيط سوق العمل مجددًا إذا ما فاز بدورة رئاسية ثانية، وذلك عبر توفير فرص عمل لـ 10 ملايين شخص خلال الأشهر العشرة الأولى من إعادة انتخابه.

في هذا السياق، يخطط ترامب لخفض ضريبة الأرباح لزيادة الاستثمار والإنتاج، مع توقع خفض ضريبة الدخل لذوي الدخل المتوسط.

بدوره، وعد مرشح الرئاسة عن الحزب الديمقراطي بايدن، الناخبين الأمريكيين بـ”دعم الطبقة الوسطى”، وتنشيط الإنتاج المحلي من خلال حزمة مالية تبلغ 700 مليار دولار.

وفي إطار الخطة الاقتصادية التي طرحها بايدن لتنفيذ “أكبر استثمار حكومي” في الاقتصاد الأمريكي بعد الحرب العالمية الثانية، أعلن عزمه إنشاء صندوق بقيمة 400 مليار دولار خلال 4 سنوات.

كما أشار بايدن إلى عزمه توفير فرص عمل لـ 5 ملايين أمريكي، دون الإفصاح عن الموارد المالية التي سيستخدمها من أجل تنفيذ هذه المشاريع.

ركود قد يدوم لسنوات

وقد حذر خبراء اقتصاديون بنهاية أغسطس الماضي، من أن أمريكا لا تزال في حالة ركود عميق وتواجه خطرًا جديًا من تفاقم الركود الذي سيستمر لمدة عام آخر على الأقل.

ويتوقع حوالي نصف أعضاء الرابطة الوطنية لاقتصادي الأعمال أن الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، وهو أوسع مقياس للاقتصاد، لن يعود إلى مستويات ما قبل الوباء حتى العام 2022. ويقول غالبية هؤلاء الخبراء أيضاً إن سوق العمل في الولايات المتحدة ستعود إلى مستواها في فبراير من العام 2022 على أقرب تقدير.

ويتوقع حوالي 80% من الخبراء أنه هناك فرصة بنسبة 1 من كل 4، لحدوث ركود مزدوج، وهو انكماش اقتصادي يبدأ في التعافي ويزداد سوءًا مجددًا قبل التعافي كليًا.

ديون قد تتجاوز حجم الناتج المحلي

وبدوره، توقع مكتب الميزانية في الكونجرس في 3 سبتمبر الجاري، أن الدين الفيدرالي قد يتخطى حجم الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة للسنة المالية التي تبدأ في أكتوبر، وذلك بنسبة 100% قبل أن يصل إلى 107% بحلول عام 2023، “الأعلى في تاريخ البلاد”، متجاوزًا المستوى القياسي المسجل عام 1946 بعد الحرب العالمية الثانية.

في المقابل كان معدل الدين العام خلال 2019 لا يزيد عن 79% من إجمالي الناتج المحلي و35% فقط عام 2007 أي في العام الأخير قبل الأزمة المالية الطاحنة التي ضربت الولايات المتحدة عام 2008.

عجز الموازنة يقفز 3 أضعاف

كما توقع المكتب أيضاً أن يصل عجز الميزانية الفيدرالية إلى 3.3 تريليون دولار هذا العام بما يعادل 16% من إجمالي الناتج المحلي خلال العام المالي الحالي، أي أكثر من 3 أضعاف العجز المسجل في العام 2019. وسيكون هذا أكبر عجز كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي منذ العام 1945.

وتعود هذه الزيادة غالباً إلى التداعيات الاقتصادية لوباء كورونا، والتي أدت إلى تقلص الناتج المحلي الإجمالي بينما ينفق الكونجرس تريليونات الدولارات للمساعدة في الحفاظ على الاقتصاد.

ووافق المشرعون على 3.7 تريليون دولار للإنفاق في وقت سابق من هذا العام، حيث أرسلوا مدفوعات تحفيز مباشرة إلى الأسر الأمريكية، وعززوا إعانات البطالة، ووسعوا الإقراض للشركات الصغيرة.

أكبر عجز تجاري في 12 عامًا

وارتفع العجز التجاري الأمريكي عن شهر يوليو الماضي لأعلى مستوياته منذ عام 2008، ليبلغ 63.6 مليار دولار مقارنة بـ53.5 مليار دولار في يوليو.

وقالت وزارة التجارة الأمريكية، إن العجز التجاري قفز بنسبة 18.9% في يوليو، وهو ما قد يعوق النمو الاقتصادي في الربع الثالث من العام الجاري، حيث تشير التوقعات لانكماش ربعي بـ5%.

وصعدت الواردات الإجمالية بنسبة 10.9% إلى 231.7 مليار دولار، فيما بلغت الصادرات 168.1 مليار دولار.

وسجلت الولايات المتحدة عجزا تجاريا مع الصين بـ28.3 مليار دولار مع ارتفاع الواردات منها بـ37.8 مليار دولار لتبلغ 260.1 مليار دولار، والاتحاد الأوروبي بـ13.1 مليار دولار، والمكسيك بـ11.5 مليار دولار.

تباطؤ نمو الوظائف

فيما تباطأ نمو الوظائف الأمريكية مجددا في أغسطس مع نفاد المساعدات المالية المقدمة من الحكومة، مما يهدد تعافي الاقتصاد من الركود الناجم عن كوفيد-19.

وأظهر تقرير وزارة العمل الأمريكية الأسبوعي للوظائف الذي يحظى بمتابعة وثيقة، في يوم 3 سبتمبر، أن الوظائف في القطاعات غير الزراعية ارتفعت 1.371 مليون في الشهر الماضي بعد أن ارتفعت 1.734 مليون في يوليو. وانخفض معدل البطالة إلى 8.4% من 10.2% في يوليو.

وتعلن شركات تتراوح من قطاعات النقل إلى الصناعات التحويلية عن خفض وظائف أو الاستغناء المؤقت عن عاملين مما يفرض ضغوطا على البيت الأبيض والكونجرس لاستئناف مفاوضات متعثرة بشأن حزمة مالية أخرى. ومن المرجح أن يقدم وضع الوظائف ذخيرة سياسية للحزبين الديمقراطي والجمهوري مع الاقتراب من الانتخابات الرئاسية التي تجرى بعد شهرين فحسب.

ربما يعجبك أيضا