التهدئة والمفاوضات ليست سياسته.. أردوغان يريد غاز المتوسط!

كتب – حسام عيد

إذا كانت تركيا ترغب في التهدئة مع دول الجوار الأوروبي ولو بنسبة ضعيفة تقدر بـ10%، فاحتمالات أن يبدد الرئيس رجب طيب أردوغان تلك الرغبة كبيرة للغاية وربما تصل لـ90%، ليترك معها الدولة العاجزة عن الولوج إلى الاتحاد الأوروبي أمام آفاق قاتمة.

ورغم دخول تركيا في مفاوضات ترعاها الأمم المتحدة بشأن قضية قبرص، إلا أنها سرعان ما فشلت بسبب سياسات أردوغان وتعنته وتأكيده على مواصلة الاستفزازات في المياه القبرصية، والتنقيب عن موارد الطاقة، التي هي في الأساس ثروات طبيعية ملك لجزيرة قبرص “المعترف بها دوليًا”، وليس من حق تركيا استغلالها أو حتى الانتفاع بها في إطار غير شرعي ومرفوض دوليًا.

اليوم، تعود الاستفزازات التركية لتطفو على سطح المياه الاقتصادية لجزيرة قبرص، مع إعلان أنقرة تطلعها لحفر آبار غاز جديدة.

تركيا توسع عمليات التنقيب شرق المتوسط

رغم العقوبات والتحذيرات الأوروبية، تركيا ترجح حفر المزيد من الآبار في إطار تنقيبها عن الغاز في شرق البحر المتوسط.

وقال وزير الطاقة التركي فاتح دونميز، يوم الإثنين الموافق 24 مايو 2021، إن بلاده يمكن أن تحفر المزيد من الآبار في إطار تنقيبها عن الغاز في شرق البحر المتوسط، وهي المنطقة التي أثارت عمليات البحث والتنقيب التركية فيها خلافًا مع اليونان وقبرص العام الماضي.

وذكر دونميز أن تركيا فتحت بالفعل 8 آبار تنقيب في المنطقة. مضيفًا أنه على الرغم من وجود آثار غاز طبيعي فإنه لا يوجد اكتشاف له أهمية اقتصادية، حسبما يزعم.

وأشار دونميز إلى أن الخبراء الأتراك “يفحصون البيانات بعد كل تنقيب في ضوء البيانات التي تم جمعها في السابق، ويمكن أن نقوم بعدة عمليات حفر أخرى بالقرب من الآبار التي وجدنا فيها آثاراً للغاز”.

وقال دونميز: “الوقت كفيل بكشف الأمر، لكن يحدونا الأمل. وتقديرنا هو أن هناك إمكانات”.

وتصاعدت التوترات بين تركيا وكل من اليونان وقبرص، وهما من دول الاتحاد الأوروبي، حول موارد الطاقة والسيادة في شرق البحر المتوسط في أغسطس 2020 عندما رافقت فرقاطات تابعة للبحرية التركية وأخرى تابعة للبحرية اليونانية سفن التنقيب.

وقرر قادة الاتحاد الأوروبي فرض عقوباتٍ على تركيا على خلفية التصرفات “غير القانونية والعدوانية” في البحر المتوسط ضد اليونان وقبرص.

هذا وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، إن أعمال التنقيب التي تجريها تركيا في شرق المتوسط “تثير التساؤل بشأن مستقبل العلاقات بين أنقرة والاتحاد”.

هدم جدار الثقة قبل بنائه

يأتي هذا التصعيد بمنطقة شرق المتوسط، رغم تصريح وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، بنهاية الأسبوع الماضي، أن تركيا و اليونان ستعقدان اجتماعاً الأسبوع المقبل في إطار إجراءات بناء الثقة بين البلدين.

وأضاف أكار في تصريحات يوم الخميس الموافق 20 مايو 2021: “سنعقد اجتماعاً مع نظرائنا اليونانيين في إطار إجراءات بناء الثقة، سنعبر مرة أخرى عن أننا ننتظر الاجتماع الرابع الذي سيعقد في أنقرة”.

وكانت تركيا واليونان على خلاف حول موارد الطاقة العام الماضي بعد أن أرسلت أنقرة عدة سفن للتنقيب عن موارد الطاقة شرق البحر المتوسط.

وأطلق المسؤولون العسكريون الأتراك واليونانيون محادثات للحد من مخاطر الصراع والحوادث في بحر إيجة والبحر الأبيض المتوسط تحت رعاية الناتو بعد شهور من التوتر، كما استأنف الجاران اللقاءات السياسية لحل الخلافات بينهما.

تصعيد أردوغان

في حين تقول أنقرة، إن لها الحق في الاستكشاف في المياه القبرصية اليونانية والوصول إلى احتياطات الغاز الطبيعي بالقرب من قبرص، التي تحتل تركيا شطرها الشمالي وتطلق عليه اسم جمهورية شمال قبرص التركية. وللدفاع عن موقفها، نشرت تركيا مرارًا سفن التنقيب والحفر في المياه القبرصية اليونانية وأرسلت السفن البحرية. غير أنه بعد أشهر من التحذيرات الأوروبية والأمريكية لأنقرة وفرض عقوبات أوروبية، تراجعت تركيا وأعلن أردوغان وقف التنقيب عن النفط قبالة سواحل اليونان مؤقتاً حتى يتم التفاوض على تلك القضية، لكن سرعان ما فشل ذلك المسعى بيد أردوغان نفسه.

وزعم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن مفاوضات قبرص فشلت بسبب موقف الجانب الرومي (اليوناني) “المتعنت” وتصرفاته “المتعجرفة”، مشيرًا، خلال افتتاح خط إمداد مياه إلى شمال قبرص يوم السبت الموافق 22 مايو الجاري، إلى أنه لا أحد يمكنه بعد الآن تحميل القبارصة الأتراك مسؤولية عدم التوصل إلى حل لقضية الجزيرة.

واعتبر أردوغان أن “العقلية التي لا ترى القبارصة الأتراك على قدم المساواة مع القبارصة الروم في الجزيرة بل وتتجاهلهم، حوّلت القضية القبرصية إلى معضلة”، على حد تعبيره.

وأكد ‏‎‎أردوغان أن تركيا “لن تسمح إطلاقاً بسلب حقوق القبارصة الأتراك من موارد الطاقة في شرق المتوسط”.

وختامًا، أنقرة تبدد كل آمال وآفاق فتح صفحة جديدة مع أوروبا لطي الخلافات وإنهاء التوتر، مع تأكيد استمرار أردوغان بالتصعيد في ملف التنقيب عن النفط والغاز والأنشطة غير القانونية التي تمارسها شرق المتوسط. ما يعني أن السلوك التركي بحاجة لمراقبة شديدة وتقويم على الأمد الطويل.

ربما يعجبك أيضا