الجولة الأولى للانتخابات الفرنسية.. كيف رأتها الصحف العالمية؟

آية سيد

استطاعت لوبان تحسين حصتها من الأصوات وقللت الفجوة بينها وبين ماكرون في استطلاعات الرأي للجولة الثانية، ما يجعل الجولة الثانية صعبة على ماكرون.


أسفرت الجولة الأولى من الانتخابات الفرنسية عن تأهل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ومرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان إلى الجولة الثانية.

وحصل ماكرون على 27.6% من الأصوات، وحصلت لوبان على 23.4% ما يؤهلهما إلى الجولة الثانية في 24 إبريل 2022. ومن الجدير بالذكر أنهما تواجها من قبل في الجولة الثانية لانتخابات 2017، التي انتهت بفوز ماكرون، لكن هذه المرة لن تكون سهلة بحسب كثير من مقالات الرأي والتحليلات.

كيف صوّت الناخبون؟

بحسب تقرير لبي بي سي، في 10 إبريل 2022، انقسم الناخبون إلى 3 معسكرات: ماكرون، واليمين المتطرف، واليسار المتطرف. وفي الأيام الأخيرة من الحملات الانتخابية، قرر كثير من الأشخاص الذين كانوا يفكرون في مرشحين آخرين دعم أحد المرشحين الأوفر حظًّا.

وهكذا، تحوّلت كثير من أصوات إيريك زيمور إلى معسكر لوبان، واتجه اليساريون إلى جان لوك ميلينشون، واختار تيار الوسط دعم ماكرون بدلًا من فاليري بيكريس بسبب خوفهم من صعود لوبان و/أو ميلينشون.

ماذا تعني النتائج؟

ذكر تقرير بي بي سي أن هذه النتائج تعني شيئين: الأول هو الدمار التام الذي يواجه التيارين التقليديين للحكومة في فرنسا منذ 1958، وهما اليمين المحافظ واليسار الاشتراكي. بدأ ماكرون هذه العملية منذ 5 سنوات، لكنها اكتملت الآن. وأوضح التقرير أن مرشحي الحزبين فشلا في الوصول إلى عتبة الـ5% التي تسمح لهم باسترداد تكاليف الانتخابات، ما سيكلفهم ملايين اليوروهات بالإضافة إلى العار.

هذا الانقسام الذي أحدثه ماكرون في السياسة الفرنسية سمح له بتجميع القوى “المسؤولة” من اليسار واليمين والقضاء على المعارضة الرئيسية. لكن الدرس الثاني من الجولة الأولى هو أن القوى “غير المسؤولة” من طرفي النقيض، أي المعارضة، تزداد قوة. نتيجة لهذا، تتجمع الأصوات المناهضة للوبان والمناهضة لماكرون، حيث تنخفض الأولى وترتفع الثانية، وهو ما يجعل الجولة الثانية صعبة على ماكرون.

الشباب يلتفون حول لوبان

أورد مقال لصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، في 10 إبريل، أن لوبان حسّنت حصتها من الأصوات، وقللت الفجوة بينها وبين ماكرون في استطلاعات الرأي للجولة الثانية. وبحسب استطلاع أجرته شركة يو جوف الجمعة الماضية، قد يربح ماكرون بفارق ضيق بنسبة 51% إلى 49%. وبيّن الاستطلاع أن لوبان تحظى بدعم أكبر بين الناخبين الأصغر سنًّا، متفوقةً على ماكرون في كل المجموعات العمرية تحت سن 55، وبنسبة 56% إلى 44% في فئة 18-24 عامًا.

وعزت الصحيفة هذا إلى فشل ماكرون في جعل فرنسا مكانًا جذابًا للشباب، حيث يواصل الاقتصاد الفرنسي تقديم أداء سيئ، ووصل التضخم إلى 5.1% ما تسبب في ارتفاع تكاليف الحياة اليومية للطبقة المتوسطة، وبلغت نسبة البطالة 7.4%.

ماذا تعني النتائج لسياسة أوروبا تجاه روسيا؟

وفقًا لوول ستريت جورنال، ستكون مخاطر الجولة الثانية مرتفعة على سياسة أوروبا تجاه روسيا والحرب الروسية الأوكرانية. تتحدث لوبان كما لو أنها تعتقد أن بوتين يجب أن يكون حليفًا لفرنسا، وتكن عداءً شديدًا للناتو.

ورأى الكاتب توني باربر في مقال في صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، في 10 إبريل 2022، أن فوز لوبان سيكون له تداعيات تمتد أبعد من فرنسا، وسيكون ضربة موجعة للديمقراطية الليبرالية في العالم الغربي، وسيُغرق دول الاتحاد الأوروبي في الاضطراب في الوقت الذي تخوض الولايات المتحدة وحلفاؤها صراعًا حول أوكرانيا مع روسيا.

لماذا انخفض الفارق بين ماكرون ولوبان؟

لفت توني باربر إلى أن جزءًا من السبب وراء انخفاض الفجوة بين ماكرون ولوبان في الأسابيع الأخيرة يعود إلى أن معظم الناخبين لم يعودوا يعدونها متطرفة بسياسات غريبة ومعرفة ضئيلة بمشكلات فرنسا الاقتصادية والاجتماعية. وإضافة إلى هذا، تخلت لوبان عن بعض السياسات التي تُضعف موقفها، مثل وعودها بسحب فرنسا من منطقة اليورو، وركزت على القضايا المتعلقة بتكاليف المعيشة، ما جعلها تروق للطبقة العاملة.

وعلى النقيض، أصبح ماكرون الرئيس الشاغل للمنصب الذي يربطه كثير من الناخبين بالنخب الباريسية والطبقة الأكثر ثراءً في المجتمع الفرنسي. لهذا، إذا أراد ماكرون الفوز خلال هذين الأسبوعين، سيحتاج إلى أكبر عدد ممكن من الناخبين من اليسار والوسط واليمين للاحتشاد وراءه فيما يُسمى بـ”الجبهة الجمهورية” ضد تهديد اليمين المتطرف.

تصريحات ماكرون بعد الجولة الأولى

بعد الجولة الأولى، حث ماكرون المواطنين على منع منافسته اليمينة المتطرفة من الوصول إلى الرئاسة، وقال: “الأمور لم تُحسم بعد، المناظرة التي سنعقدها على مدار الأسبوعين القادمين ستكون حاسمة لبلادنا وأوروبا” بحسب ما نقل موقع ذا لوكال.

وتابع ماكرون: “أنا أدعو المواطنين، أي كانت ميولهم السياسية، إلى الانضمام إلينا. بعضهم سيفعل هذا لمنع اليمين المتطرف، وأنا أدرك أن هذا لا يعني الدعم. أنا مستعد لخلق شيء جديد لجمع الناس من مختلف القناعات والمخاوف، لبناء مشروع موحد لخدمة أمتنا في السنوات القادمة، تلك هي قوتنا، نستطيع اختيار الأمل، أنا أعتمد عليكم”.

لوبان تعد الفرنسيين بالعدالة الاجتماعية والاستقلال الوطني

بحسب موقع دويتشيه فيله، قالت لوبان، إن الجولة الثانية من الانتخابات الفرنسية تقدم للناخبين “رؤيتين متعارضتين للمستقبل”. وأخبرت مؤيديها أنها تمثل “العدالة الاجتماعية حول مفهوم الأمة والشعب الذي يعود إلى آلاف السنوات”.

ووعدت لوبان بضمان الاستقلال الوطني وقدرة الفرنسيين العاديين على اتخاذ قراراتهم لأنفسهم، متعهدةً بـ”إعادة ترتيب فرنسا” خلال 5 سنوات. وقالت: “ما على المحك يوم 24 إبريل ليس اختيار الظروف، بل اختيار للمجتمع، اختيار للحضارة. المكان الذي نريد منحه للشعب ضد سلطة المال يعتمد على تصويتكم”.

ربما يعجبك أيضا