الذئب التركي خاقان فيدان .. شبيه “سليماني” في تخريب المنطقة

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

لعب قاسم سليماني دور الثعلب الذي ينفذ مهام إيران الخارجية التوسعية، من خلال ترأسه منصب قائد فيلق القدس الذراع العسكري الخارجي للحرس الثوري الإيراني. وهو ما يقود عمليات إيران في سوريا ولبنان والعراق واليمن وأماكن عربية أخرى. ونفس هذا الدور يلعبه رئيس المخابرات التركية “خاقان فيدان” الذي يقود خطط عمليات تركيات خارج أراضيها في سوريا والعراق والآن في ليبيا.

وجاء في مقال نشرته صحيفة “كوركوسوز”، الشهر الماضي، أن رئيس جهاز الاستخبارات التركي هاكان فيدان يقود خطط العمليات في ليبيا. ويستغل فيدان الموالين لتركيا من الإسلاميين إلى جانب شركات المرتزقة مثل شركة “سادات” الأمنية التركية لتنفيذ مهام تركيا القذرة في الخارج.

والجنرال الإيراني قاسم سليماني كان الشخص المسؤول عن التنسيق مع هاكان فيدان رئيس الاستخبارات التركية في الملفّ السوريّ بشكل خاصّ.

وقد صنفت صحيفة ول استريت جورنال الأمريكية، سليماني وفيدان، بأنهما أقوى رجلين في المنطقة. فهل تتعظ تركيا من مقتل سليماني، أم تنتظر مصير الجنرال الإيراني؟.

وحسب تقرير أحوال التركية: “كان سليماني حلقة الوصل في أكثر من ساحة صراع في المنطقة، ففي الساحة السورية التي تعدّ إحدى ميادين الصراع بين تركيا وإيران كقوّتين إقليميتين متصارعتين على النفوذ والسيطرة، كان هناك نوع من التفاهم الذي كان يمرّ بين سليماني الذي كان يدير الملفّ السوريّ، والاستخبارات التركية التي كانت وما تزال تنشط في الأراضي السورية، بشكل مباشر، وعبر وكلائها في الجماعات الإرهابية المتشدّدة كجبهة النصرة وغيرها.

العراق أيضاً كان من ساحات الصراع التركي الإيرانيّ، وكان لسليماني وفيدان تعاون وتنسيق فيه، بحيث كان التفاهم بينهما نوعاً من المحاصصة الإقليمية غير المعلنة، ومنح بعض الدور في المناطق التي تعمل تركيا على أن تكون موجودة فيها، وبخاصة في كركوك والموصل، وفي كردستان العراق التي ترى فيها تركيا خطراً على أمنها القوميّ.

كان سليماني وفيدان مهندسَي الحلول والتخريجات الاستخباراتية في سوريا، وبالتوافق بينهما، تمّ نقل جهاديين من مناطق مختلفة من سوريا وتجميعهم في منطقة إدلب التي حوّلت إلى ملاذ للجهاديين لفترة، ثم أصبحت عرضة لقصف وهجوم قوات سورية وروسية وإيرانية لاحقاً، من أجل التخلص منهم، ما ورّط أنقرة أكثر في مكائدها التي تشارك بالتخطيط لها في المنطقة.

وكان لسليماني وفيدان يد طولى في التخطيط والتنسيق لمحادثات أستانة حول سوريا، والتي بدأت سنة 2017، وكانت تركيا وإيران وروسيا هي الدول الضامنة لوقف إطلاق النار في سوريا..

ومن شأن مقتل سليماني أن يعرقل بعض المخططات التركية في سوريا، ولاسيما أنها كانت مرتبطة بشخص سليماني كقائد ميداني مؤثر، له الكلمة العليا على الميليشيات الشيعية التي تقاتل في سوريا، ما قد يخلق فوضى تخشى منها أنقرة الغارقة في عدّة جبهات. وذلك بحسب ما يلفت محللون.

وكان قاسم سليماني؛ قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، يتولى أيضا قيادة وحدات حزب الله اللبنانية في سوريا، فضلا عن مجموعة متنوعة من الميليشيات الشيعية الأخرى هناك، ويتقاطع معه الرئيس التركي ورئيس جهاز مخابراته هاكان فيدان اللذان يسيطران على ما يسمى بالجيش السوري الحر، وميليشيات متشددة كجبهة النصرة وغيرها في سوريا، بالإضافة إلى ميليشيات متشددة في ليبيا.

على خطى سليماني

ويشير محللون إلى أنّ الاستخبارات التركية تمضي على خطى قاسم سليماني في توسيع مناطق النفوذ، والتدخّل في شؤون الآخرين عبر أذرع محلّيّة، ومن خلال مرتزقة تقودهم وتتحكم بهمن وتنقلهم من جبهة لأخرى، بحسب ما تقتضيه مصالحها المرحلية.

من ذلك مثلاً نقل الاستخبارات التركية للجهاديين بين عدد من المناطق السورية، واستعمالهم لضرب الأكراد السوريين، وشنّ عملية نبع السلام ضدّ قوات سوريا الديمقراطية، بزعم إنشاء منطقة آمنة لتوطين اللاجئين السوريين فيها.

وتأتي خطوة نقل المرتزقة والجهاديين من سوريا إلى ليبيا من قبل تركيا كتقليد واستنساخ للخطوات التي كان سليماني يقوم بها في سوريا، وهو الذي اتّهم بجلب مقاتلين من أفغانستان وإيران والعراق ولبنان إلى سوريا للقتال إلى جانب النظام السوريّ ضدّ معارضيه، ولتنفيذ الأجندة الإيرانية في سوريا.

يلفت محللون إلى أنّ تركيا ستلجأ إلى استعراض مزاعم التدخّل الخارجيّ في شؤون العراق، من أجل إدانة مقتل سليماني الذي كانت تعتبره حليفاً في بعض الملفّات، وخصماً في ملفّات أخرى، لكنها كانت تتفاهم معه، ويجمعهما هدف تقاسم السيطرة والنفوذ في الإقليم، وزعم التصدّي للغرب”.

ولم يصدر أيّ ردّ رسميّ من قبل أيّ مسؤول تركيّ بعد على مقتل سليماني، ويعزو مراقبون هذا التأخّر في الإعلان عن موقف رسميّ إلى الصدمة التركية من تنفيذ الولايات المتّحدة للعملية وتصفية سليماني الذي كان يشكّل تهديداً على مصالحها في المنطقة.

تزعم تركيا حرصها على عدم زعزعة الأمن في الإقليم، ورفض التدخّلات الخارجية، لكنها في الوقت نفسه تقوم بالتدخّل في عدد من الأماكن، بحجة الدفاع عن أمنها ضدّ مَن تصفهم بالإرهابيين، وتحاول استعمال أدواتها من الإسلاميين المتشددين كرؤوس حربة في معاركها وتدخّلاتها، سواء كان في سوريا أو ليبيا.

وتمثل عملية قتل سليماني أكبر عملية تصفية عند رأس الهرم تقوم بها الولايات المتحدة، وهي أكبر من العمليتين اللتين قتلتا أبا بكر البغدادي وأسامة بن لادن؛ زعيمي تنظيمي الدولة الإسلامية والقاعدة. وذلك بحسب ما يرى الخبير الأميركي في المجموعات الشيعية المسلحة فيليب سميث.

وجاءت الضربة الأميركية بعد ثلاثة أيام على هجوم غير مسبوق شنّه مناصرون لإيران وللحشد الشعبي على السفارة الأميركية في العاصمة العراقية ما أعاد الى الأذهان أزمة السفارة الأميركية واحتجاز الرهائن في طهران في 1979. وتأتي الضربة الأميركية قبل أقل من سنة على الانتخابات الرئاسية الأميركية. وقد انقسمت الآراء حولها في واشنطن.

يشار إلى أنّ سليماني وأبو مهدي المهندس و8 أشخاص آخرين كانوا برفقتهما قتلوا في قصف صاروخي أميركي استهدف سيارتين كانا يستقلانها على طريق مطار بغداد بعد منتصف ليل الخميس الجمعة.

ربما يعجبك أيضا