الذهب.. الملاذ الآمن في 2018

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

في السنوات الأخيرة تعرض “الذهب” للكثير من المصاعب التي وقفت حائلا لتحقيق الكثير من المكاسب اسوة بمثليه من المعادن والعملات خاصة في أسواق الأسهم ، ولكن جاء 2018 ليكون نافذة أمل لإعادة البريق إلى صاحبه “المعدن الأصفر“.

المتربع على العرش

حققت عقود الذهب مكاسب قوية لتتربع على العرش منذ عام 2010 حتى 2017، حيث بلغت مكاسب عقود الذهب الأمريكية في بورصة كومكس 11.8 % في 2017 مسجلة ثاني زيادة سنوية على التوالي بفعل الشكوك الاقتصادية التي غطت على ضغوط من مكاسب الأسهم العالمية.

الرئيس التنفيذي لشركة “سبائك” الكويت لتجارة المعادن الثمينة “رجب حامد”، توقع أن تواصل أسعار الذهب ارتفاعها في 2018، بفعل تأثير الدولار العكسي.

ويشير إلى أن تأثير الدولار العكسي من أكبر المحركات، فمع ضعف الدولار تندفع الأموال باتجاه الذهب، والأسعار استفادت منذ 12 ديسمبر الماضي بعد رفع أسعار الفائدة، وهذا العام سيستمر هذا الاتجاه ،حيث أنه من المتوقع زيادة تحول المستثمرين وتدفق الأموال والصناديق الاستثمارية والبنوك المركزية لشراء الذهب، وإن شهدت الأسعار حركة تصحيحية مؤقتة.

وأضاف “حامد” أن تراجع العملات الرقمية وعلى رأسها “بيتكوين” يصب في مصلحة ارتفاع أسعار الذهب في 2018.

الملاذ الآمن

نشرت “تلجراف” البريطانية للمحلل الاقتصادي “روس مولد” مقال قال فيه  :”عام 2018 ملائم جدا لشراء الذهب، فتحليلات السوق، تظهر أن أسعاره لن تشهد صعودا ملحوظا، ولكن من الخطأ ربط الذهب بالفائدة”.

عدد كبير من الخبراء تنبأ بأن يشهد العام الجاري إقبالا لافتا على الذهب، فعلى الرغم من صعود أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، يحافظ المعدن الأصفر على بريقه لدى المستثمرين ، حيث تكشف الأرقام أن أسعار الذهب زادت في الولايات المتحدة على الرغم من إقرار البنك المركزي زيادة في أسعار الفائدة، إذ زاد المعدن بـ89 سنتا بين أول وآخر زيادة للفائدة.

ويتأثر الذهب بأسعار الفائدة، في العادة، بشكل عكسي، فحين ترتفع، يفضل المستثمرون الإبقاء على أموالهم نقدا حتى يدروا عائدا من الفائدة، عوضا على إبقائها معدنا جامدا.

دان يعترض

يوضح “إل. إم. دان”  كبير المحللين الماليين في بورصة لندن، وهو ممن يتبنى موقفا تشاؤميا إزاء مستقبل الذهب المسمى “سيد المعادن” هذا العام، “لا أتوقع أن يكون وضع سوق الذهب إيجابي لعدد من العوامل، الأول أن النظرية الاقتصادية تشير بوضوح إلى أنه كلما ارتفع سعر الفائدة وتحسن وضع القنوات الاستثمارية ذات العائد السريع مثل الأسهم، فإن أسعار المعدن النفيس تتراجع، والمؤكد أن يقوم المجلس الفيدرالي الأمريكي برفع أسعار الفائدة عددا من المرات هذا العام، وكذلك بنك إنجلترا، وسيدفع ذلك بالمستثمرين إلى الإقبال على الودائع المصرفية، وإذا واصلت سوق الأسهم نموها، فإنه من المتوقع أن ينخفض الطلب على الذهب، لأنه لا يدر دخلا مباشرا مثل الأسهم”.

وثاني تلك العوامل في نظر “دان”، هو أن الاقتصاد الأوروبي يتحسن، وفي الأغلب سيتم وقف العمل بسياسة التيسير الكمي التي يضخ بموجبها البنك المركزي الأوروبي تريليون يورو لدفع عجلة الاقتصاد، وتوقف أو خفض سياسة التيسير الكمي يعني أن القنوات الاستثمارية الأخرى سواء الاستثمار المباشر أو الأسهم ستكون أفضل بالنسبة إلى المواطن الأوروبي.

وثالث تلك العوامل أن الهند والصين تحققان معدلات نمو مرتفعة، ولا شك أن المخاوف السابقة من تراجع معدلات النمو التي مثلت أحد العوامل الأساسية وراء انتعاش سوق الذهب لدى العملاقين الآسيويين تتراجع أو تختفي الآن.

أما العامل الرابع والأخير في تلك النظرة التشاؤمية لسعر الذهب في العام الجاري، فيتمثل في التحدي الحقيقي الذي تشكله العملة الافتراضية “بيتكوين” على الذهب، إذ جذبت تلك العملة الإلكترونية أنظار قطاع كبير من صغار المضاربين الساعين إلى تحقيق أرباح سريعة للاستثمار فيها بدلا من الذهب، وهذا الاتجاه سيتواصل خلال العام الحالي، كما أن العملات الافتراضية وتحديدا “بيتكوين” باتت جزءا لا يتجزأ من المحافظ الاستثمارية لكبار المستثمرين، وهذا حتما سيؤدي إلى انخفاض الطلب على الذهب.

وتؤكد كذلك على عدم اتفاق المختصين حول المسار السعري للمعدن النفيس، فسوق الذهب ترتبط بالتطورات السياسية في العالم، ويرى البعض أن استمرار الأزمة الكورية والأوضاع التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط يوجد وضعا إيجابيا للطلب على الذهب، ويعزز ذلك من وجهة نظر المختصين المدافعين عن مستقبل مشرق للمعدن النفيس هذا العام.

تعدد وجهات النظر ولكن كلها تؤكد عدم اليقين حول الاتجاهات المستقبلية المرتبطة بالذهب ، ففي النهاية مهما تم الزج بحلول افتراضية ستبقي كلها مجرد افتراضات فرضها الوضع الحالي ولكن الذي لا يدع مجال للشك هو أن “الذهب” ثروة حقيقية تراها وتلمسها وبمجرد احتفاظك بها يتولد لديك احساس بالأمان بعيد عن الثروة الرقمية التى تنفصل عنها بمجرد انقطاع الكهرباء.

   

تقول صحيفة “تايمز” البريطانية أن بعض المستثمرين في عملة “بيتكوين” وباقي العملات الرقمية قرروا بيع حصصهم والعودة إلى ما يصفونه بـ”الملاذ الآمن“، وهو الذهب ، فقد سجل تجار الذهب في أوروبا زيادة في الطلب بمقدار خمسة أضعاف من الأشخاص الراغبين في استبدال البيتكوين.

وبعد تحقيق “البتكوين” صعودا صاروخيا خلال الأشهر الماضية، تجاوزت فيها عتبة 20 ألف دولار، انهار سعر العملة الافتراضية، الأسبوع الماضي، إلى أقل من 10 آلاف دولار.

وقادت بتكوين موجة انخفاض في العملات الرقمية بعد أن ذكرت تقارير أن كوريا الجنوبية والصين قد تحظران تداول العملة مما أثار مخاوف من شن الجهات التنظيمية حملة أوسع على العملة.

يقول “دانيال ماربرجر“، مدير شركة “كوينينفست”، إنه باع في يوم واحد “مجنون” 30 كيلوجراما من الذهب، بقيمة تناهز مليون جنيه إسترليني ،”هذه الكمية تم بيعها للمستثمرين في عملة بيتكوين الرقمية التي انخفضت قيمتها بـ23 في المئة”.

ترامب في مواجهة الأزمة

قانون الضرائب الجديد الذي أقرته إدارة الرئيس ترامب ليس في صالح المعدن الأصفر فقط بل سيؤدي هذا القانون إلى إعفاءات ضريبية على صعيد الأفراد والشركات، وسيكون على الأرجح ممهدا لعوامل دافعة لارتفاع التضخم، ولكن من سيدفع ثمن هذه الإعفاءات الضريبية هي المالية الأمريكية التي ستواجه المزيد من العجز في الميزانية حتى تستطيع تغطيه ما فقدته من جراء الإعفاءات.

المثير في الأمر أن هذا الوضع سيستمر في الولايات المتحدة لسنوات قادمة للتغلب على الانهيار المالي فالديون تتحرك صعودا والدولار كما هو بقيمته ليظهر في الأفق “الذهب” محافظا على لمعانه ولم يصدأ.

المعدن الأصفر يحافظ على بريقه

ربما يعجبك أيضا