الزراعة الجماعية.. “تعاونية” العالم النامي لتجاوز الفقر

حسام عيد – محلل اقتصادي

يتضح من تقرير حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2017، وجود زيادة هائلة في عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص التغذية المزمن في العالم، حيث تصاعد العدد من 777 مليون نسمة في عام 2015 إلى 815 مليون نسمة في عام 2016.

وتشكل الصراعات والحروب المحرك الرئيسي لهذا التدهور حيث لوحظت حالات تفاقم انعدام الأمن الغذائي في مواقع نشوب النزاعات على الأخص، حيث يعاني 39% من سكانها من نقص التغذية مقارنة بنسبة 15% في متوسط بقية العالم النامي.

وبالرغم من أن قارة أفريقيا تمتلك 60% من الأراضي الصالحة للزراعة غير المستغلة في العالم، وعمالة وفيرة والمناخ الملائم في معظم المناطق، إلا أنها تنفق أكثر من 30 مليار دولار على الواردات الغذائية سنويًا.

يرجع سبب ذلك إلى أن معظم أغذية أفريقيا ينتجها مزارعون صغار في المناطق الريفية، ويكون أولئك المزارعون في الغالب فقراء ويستخدمون أساليب قديمة في الزراعة، ولديهم نقص كبير في رأس المال.

ويمكن حل هذه المشكلة من خلال قيام مجموعة من المستثمرين بتمويل المزارعين في المناطق الريفية، والحصول على نسبة من الأرباح وقت الحصاد، ويسمى ذلك “الزراعة الجماعية”.

ما هي الزراعة الجماعية؟

الزراعة الجماعية أو الزراعة المشتركة هي أنواع للإنتاج الزراعي التي يتم فيها تشغيل مقتنيات العديد من المزارعين كمشروع مشترك.

ويعد هذا النوع الجماعي في الأساس إنتاجًا زراعيًا تعاونيًا يشترك فيه الأعضاء المالكون في الأنشطة الزراعية معًا.

مزارع كولخوز الجماعية

الكولخوز؛ هي وحدة الاستثمار الزراعي التي كانت معروفة في الاتحاد السوڤييتي السابق وانتشرت فيما بعد في دول أوربا الشرقية الاشتراكية.

وهي عبارة عن تنظيم تعاوني لعدد من الفلاحين الذين انضموا إلى التعاونية طوعاً برعاية من السلطة الاشتراكية ودعمها، وجدت جنبا إلى جنب مع مزارع الدولة أو سوفخوز (الجمع سوفخوزي)، وكانت هذان النوعين هما العنصرين الرئيسيين في قطاع المزارع الاجتماعية الذي ظهر في نظام الزراعة السوفيتي بعد ثورة أكتوبر عام 1917، باعتباره نقيضا للهيكل الإقطاعي الذي تكون من الأقنان الفقراء وأصحاب الأراضي الأرستقراطيين والزراعة الفردية أو الأسرية.

في عام 1929 أخذت التعاونيات الزراعية شكل المزارع الجماعية (الكولخوز) وخضعت لإصلاحات متعددة شملت مستوى جماعية وسائل الإنتاج والعمل، وكذلك حجم الاستثمارة العائلية المرافقة وأسلوب تنظيم العمل وطريقة توزيع الناتج. وكان أهم هذه الإصلاحات الإصلاح الذي أُدخِل عام 1958 ومعه أخذت الكولخوزات شكلها النهائي.

مخرج من الفقر في فيتنام

ضاحية بونغ لاو، بمقاطعة ديان بيان في فييتنام، والتي تضم أفرادا من أقلية تاي العرقية، يعيش أكثر من 70% من أسرها تحت خط الفقر، وجدوا أن زراعة منتجات جديدة عن طريق المشاركة مخرجا من الفقر.

غالبية الأسر الفقيرة أدركت إمكانية زراعة الفلفل الحار، قرروا تشكيل مجموعة تساعدهم على زيادة محصولهم وتسويقه بطريقة أكثر فعالية.

وفي إطار نفس المشروع، قدمت لهم البذور والسماد للبدء في زراعة حقل بمساحة ألفي متر مربع لكل أسرة. كما تم تدريب مجموعات من المزارعين على تقليم أشجار الفلفل الحار وأساليب أخرى لزيادة إنتاجيته.

ومن ثم باتت العديد من الأسر الفقيرة المثقلة بالديون قادرة على تسديد ديونها للبنوك بفضل الأرباح التي جنتها من زراعة الفلفل الحار. فنبات الفلفل أكثر مقاومة للمرض، وأسعاره مستقرة.

وأسهمت المزارع الجماعية في منع التلاعب بالأسعار من قبل التجار من خلال اتفاق يقضي بتصنيع الفلفل الحار وتسويق معجونه لمقاطعات أخرى في فيتنام.

خفض الواردات الغذائية في أفريقيا

الزراعة الجماعية في أفريقيا ستساهم بشكل كبير في زيادة الإنتاج الزراعي، وبالتالي خفض نفقات الواردات الغذائية، وزيادة أرباح المزارعين والمستثمرين.

ففي نيجيريا، توجد منصتان للزراعة الجماعية هما “FarmCrowdy” و”ThriveAgric”، اللتان تمكنان الطبقة العاملة النيجيرية من رعاية المشروعات الزراعية والحصول على نسبة من العائدات وقت الحصاد.

وفي الصومال توجد منصة ” Ari.Farm” والتي تمكن المستثمرين في جميع أنحاء العالم من الاستثمار في الزراعة وسوق الماشية في الصومال.

كما تمتلك جنوب أفريقيا ثورة حيوانية هائلة بما يمكن المستثمرين من شراء الأبقار الحوامل، وتتبعهم من خلال تطبيق الهاتف حتى يبلغ العجل 7 أشهر، ثم بيعها والحصول على أرباح من خلال ذلك.
   

ربما يعجبك أيضا