ماذا يعني «الثالوث الاستراتيجي» بين باكستان والسعودية والصين؟

رنا أسامة

الشراكة الاستراتيجية بين الصين والعالم الإسلامي تُضيف بعدًا ثالثًا في الجغرافيا السياسية الحالية.. وباكستان تتحدث عن "ثالوث استراتيجي" مع السعودية والصين.


تزامنًا مع مشاركة بكين للمرة الأولى في اجتماع لمنظمة التعاون الإسلامي، تحدّث رئيس المعهد الباكستاني الصيني، السيناتور مشاهد حسين، عن ثالوث استراتيجي بين باكستان والصين والسعودية.

وفي ندوة افتراضية خاصة عبر الإنترنت، الثلاثاء 22 مارس 2022، قال السيناتور الباكستاني إن هذا الثالوث قد يلعب دورًا محوريًّا في تعزيز الوحدة والتنمية الاقتصادية والتواصل في العالم الإسلامي، حسب ما ذكرت صحيفة ذا نيوز الباكستانية.. فهل يشير ذلك إلى ميلاد نظام عالمي جديد؟

ترحيب باكستاني بالصين

ندورة افتراضية

بدأت الندوة الافتراضية، تحت شعار “العملية الكاملة للديمقراطية الشعبية: فهم النظام الصيني”، بملاحظات افتتاحية رحب فيها مشاهد حسين بمشاركة الصين في منظمة التعاون الإسلامي. وقال: “تبرز الصين كلاعب رئيسي مهم في العالم الإسلامي بفضل علاقاتها مع باكستان والسعودية”.

ورحّب حسين كذلك بالتنسيق الباكستاني السعودي الوثيق الذي أتاح دعوة الصين في منظمة التعاون الإسلامي، تقديرًا لعلاقة الصين طويلة الأمد ودعمها للعالم الإسلامي، مضيفًا أن “التعاون الوثيق بين البلدين يُذكّر بالروابط الأخوية بين إسلام آباد والرياض، التي مكنت من عقد أول قمة ناجحة لمنظمة المؤتمر الإسلامي في لاهور الباكستانية في عام 1974”.

انفتاح مجتمعي واقتصادي و ثقافي

علما السعودية وباكستان

أشاد السيناتور الباكستاني في الندوة بالتحول الاستراتيجي الذي طرأ على سياسات المملكة محليًّا وأجنبيًّا، خاصة التحرر والانفتاح المجتمعي والاقتصادي والثقافي، بالإضافة إلى سياسات كبح التطرف الديني وتعزيز حقوق المرأة، فضلًا عن تحسين العلاقات السعودية مع إيران وتركيا.

وقال مشاهد إن التحول الاستراتيجي في المملكة يرجع للقيادة المستنيرة لولي العهد محمد بن سلمان، مُشيرًا إلى وجود مباحثات صينية سعودية الآن لبيع النفط باليوان الصيني بدلًا من الدولار الأمريكي. وفي صيف عام 2022، كان مُرجحًا أن يزور الرئيس الصيني، شي جين بينج، المملكة العربية السعودية، وأن يزور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان باكستان، وفق ذا نيوز.

الصين والعالم الإسلامي.. مستوى جديد من العلاقات

وزير الخارجية الصيني في اجتماع منظمة التعاون الإسلامي

في إطار تعزيز العلاقات الصينية الإسلامية، أعرب وزير الخارجية الصيني، وانج يي، أمس الثلاثاء، عن استعداد بلاده للارتقاء بالتضامن والصداقة والتعاون مع العالم الإسلامي إلى مستوى جديد. وجاء ذلك خلال اجتماع مع أمين منظمة التعاون الإسلامي، حسين إبراهيم طه، في العاصمة الباكستانية إسلام آباد، على هامش الدورة 48 لمجلس وزراء خارجية المنظمة المنعقدة على مدار يومين.

وهذه أول مرة يحضر فيها وزير خارجية صيني جلسة للمنظمة بحسب صحيفة تشاينا ديلي الصينية. وقال وانج يي إن الصين والعالم الإسلامي يتشاركان علاقات تقليدية طويلة، مُشيرًا إلى أن الجانبين يدعم كلاهما الآخر في قضايا تمسّ مصالحهما الجوهرية، مُضيفًا أن “منظمة التعاون الإسلامي تعمل كجسر لتنمية العلاقات بين الصين والدول الإسلامية”.

السعودية والصين.. دعم وامتنان

علما الصين والسعودية

جدّدت الصين والسعودية تشديدهما على متانة العلاقات الدبلوماسية،  في محادثات أجراها وانج يي مع نظيره السعودي، فيصل بن فرحان، على هامش دورة منظمة التعاون الإسلامي. وبدوره، شكر وانج يي المملكة على موقفها “الموضوعي والعادل” في مختلف القضايا المتعلقة بالصين، ودعمها بكين في القضايا التي تمسّ حقوقها ومصالحها المشروعة.

وزيرا الخارجية الصيني والسعودي

وأعرب وانج يي عن دعم الصين القوي لحماية سيادة السعودية وكرامتها الوطنية وأمنها واستقرارها، ومُعارضتها التدخل في شؤونها الداخلية، ودعم مبادرتي المملكة الخضراء والشرق الأوسط الأخضر، ورؤية المملكة 2030. وقال إن الصين “ترغب في إقامة تعاون جديد شامل ورفيع المستوى مع السعودية”.

بدوره، وصف وزير الخارجية السعودي الصين بأنها شريك استراتيجي وتنموي مهم، معربًا عن استعداد المملكة لتنفيذ التوافق الذي توصل إليه رئيسا البلدين لتعميق الارتباط بمبادرة الحزام والطريق الصينية، وتوسيع التعاون في مختلف المجالات وتعزيزها، وفق شبكة تليفزيون الصين الدولية “سي جي تي إن“.

3 مقترحات لتعزيز التواصل الصيني الإسلامي

وزير الخارجية الصيني وانغ يي يلقي كلمة أمام الدورة 48 لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي في إسلام أباد في 22 مارس 2022.

بالتوازي، قدّمت بكين 3 مقترحات لمواصلة تعزيز التواصل الصيني الإسلامي، في إشارة إلى أن الصداقة هي الاتجاه السائد للعلاقات بين الجانبين، والمساواة أساس التواصل بينهما، والفوز المشترك هدف تعاونهما المُتبادل، بحسب “سي جي تي إن”.

المُقترح الأول، بحسب وزير خارجية الصين، يتمثل في تمسك الصين والدول الإسلامية بالاحترام والثقة المتبادلين وتفهّم الشواغل الأساسية لبعضها البعض. أما الثاني فيتعلق بالتزام الجانبين بالوحدة والمساعدة المتبادلة والتعاون من أجل تحقيق التنمية المشتركة. ويرتبط المُقترح الأخير بالتزام صيني إسلامي بتعلم كل طرف من الآخر، وحماية تنوع الحضارات في العالم، والاستفادة من حضارة كل منهما.

ماذا تعني مشاركة الصين في اجتماع التعاون الإسلامي؟

وزير الخارجية الصيني في جلسة التعاون الإسلامي

يرى محلل السياسات المقيم في نيروبي، ستيفن نديجوا، في مقال بشبكة تليفزيون الصين الدولية، اليوم الأربعاء، أن مشاركة وزير خارجية الصين تمثل “فاتورة صحية نظيفة” و”لفتة مُطمئنة” بأن الصين لا تُمارس أي انتهاكات ضد المسلمين، بعكس التصور السائد الذي تروّج له الولايات المتحدة وحلفاؤها في ما يتعلق بأقلية الأويجور المسلمة بمنطقة شينجيانج ذاتية الحكم.

وأضاف نديجوا أن “الشراكة الاستراتيجية بين الصين والعالم الإسلامي تُضيف بعدًا ثالثًا في الجغرافيا السياسية الحالية. هذه الشراكة ستصبح قوية وستساعد على إمالة ميزان القوى العالمي نحو أولئك المُهمّشين أو مكممي الأفواه حتى الآن. وبالنسبة إلى العالم الإسلامي، فإن الصين صديقة حقيقية ليست لها مصالح أو حتى ميول للهيمنة”.

وتوقّع الكاتب أن تساعد تلك الشراكة على إنشاء أسواق للبلدان النامية وإنشاء سلاسل قيّمة بديلة وقابلة للحياة، مُختتمًا: “بالنسبة إلى الصين، فإن ثقل القيادة العالمية آخذ في الازدياد. سيتّحد المزيد من الشراكات حول مبادرات مماثلة، ويتحول إلى شراكات قوية بين البلدان والمناطق والمصالح متشابهة التفكير”.

ربما يعجبك أيضا