«الصندوق الأسود الجيولوجي» يكشف عن قاتل الديناصورات

بسام عباس
ديناصور

قبل نحو 66 مليون سنة، اصطدمت صخرة فضائية ضخمة بما يعرف اليوم بساحل المكسيك، ما أدى إلى سلسلة من الكوارث التي تسببت في مقتل ثلاثة أرباع الكائنات الحية على الأرض، وأشهرها الديناصورات.

وفتح العلماء “الصندوق الأسود” الجيولوجي الذي يشير إلى أن تأثير هذه الصخرة خلق عمودًا من الغبار الناعم الذي حجب ضوء الشمس، وبرَّد الأرض، وأوقف عملية التمثيل الضوئي، ودمر السلسلة الغذائية.

رواسب من العصر الطباشيري

أوضح موقع Science Alert أن هذه الفرضية وضعها الجيولوجيين الذين اكتشفوا العلامات الأولى للتأثير العظيم عام 1980، ولكنها استبعدت في أوائل العقد الأول من القرن الـ 21، لأن عينات الصخور من هذا العصر لم تحتوي على ما يكفي من الغبار لإحداث شتاء عالمي.

وأضاف، في تقرير نشره اليوم الثلاثاء 31 أكتوبر 2023، أن معظم الدراسات السابقة اعتمدت على طبقات من الرواسب يبلغ سمكها سنتيمترًا واحدًا من العصر الطباشيري والباليوجيني، ولكن هذه الدراسة الجديدة حللت 40 عينة من الرواسب الأكثر ثراءً بعمق 1.3 متر في تانيس، داكوتا الشمالية.

وأشار إلى أن هذا الموقع يقع على بعد 3000 كيلومتر شمال فوهة الكويكب تشيككسولوب، ولكنه يوفر لمحة فريدة عن كيفية انتشار أعمدة الغبار والجزيئات في السنوات التي تلت الاصطدام، وتشتت الجسيمات الأكبر الضوء بزوايا أصغر من الجسيمات الدقيقة، وتمكن الباحثون من تحديد مقدار كل عينة مكونة من غبار السيليكات الناعم.

موقع فوهة تشيككسولوب حيث ضرب كويكب الأرض

موقع فوهة تشيككسولوب حيث ضرب كويكب الأرض

غبار ناعم يحجب ضوء الشمس

أوضح الموقع أنه باستخدام النمذجة الحاسوبية، اكتشف الباحثون أن هذا الغبار الناعم، الذي نشأ عندما اصطدم الكويكب بالأرض وسحق الصخور الموجودة تحته، كان “الأكثر فتكا” من بين الجزيئات التي تم إطلاقها عندما اصطدم النيزك الذي يتراوح عرضه بين 10 و15 كيلومترًا بالأرض.

ووجدوا أن المستويات العالية من الغبار في الغلاف الجوي من شأنها أن تخلق ظلامًا عالميًا يستمر لمدة عامين تقريبًا، مما يجعل من المستحيل على النباتات القيام بعملية التمثيل الضوئي، وبدون النباتات، انهارت السلسلة الغذائية بأكملها، وانهارت على إثرها الحيوانات المفترسة الكبرى مثل الديناصورات.

كانت الرواسب الجيولوجية في تانيس، داكوتا الشمالية من العصر الطباشيري غنية بغبار السيليكات الناعم (الخط البرتقالي)

كانت الرواسب الجيولوجية في تانيس، داكوتا الشمالية من العصر الطباشيري غنية بغبار السيليكات الناعم (الخط البرتقالي)

وكتب الباحثون أن هذا الغبار كان من الممكن أن يبقى معلقًا في الهواء لمدة تصل إلى 15 عامًا، مما تسبب في انخفاض درجات الحرارة العالمية بمقدار 15 درجة مئوية وتسبب في “إيقاف عملية التمثيل الضوئي لمدة عامين تقريبًا بعد الاصطدام” عن طريق حجب ضوء الشمس.

فصل شتاء ممتد

أوضحت الدراسة التي نشرت في مجلة (Nature Geoscience) أن السيليكات الدقيقة، وليست جزيئات الكبريت، هي المسؤولة بشكل أساسي عن فصل الشتاء الكوكبي الممتد، وأن الظلام العالمي وتوقف نشاط التمثيل الضوئي للكوكب لا تحدث إلا في سيناريو غبار السيليكات، لمدة تصل إلى 620 يومًا بعد الاصطدام.

عندما ضرب كويكب تشيككسولوب الأرض، خلق أعمدة من الغبار والكبريت وأشعل حرائق الغابات

عندما ضرب كويكب تشيككسولوب الأرض، خلق أعمدة من الغبار والكبريت وأشعل حرائق الغابات

وأضافت أن الحيوانات والنباتات، التي لم تتكيف أو لم تستطع التكيف للعيش في الظلام والبرد، انقرضت، فيما ظلت النباتات والحيوانات ذات الأنظمة الغذائية والموائل وأنماط الحياة المرنة على قيد الحياة.

وأشارت إلى أن اصطدام كويكب تشيككسولوب، بالصخرة الفضائية، أطلق العنان لتسونامي ضخم بلغ ارتفاعه 1.5 كيلومترًا، وضرب كل قارات الأرض، وأدى إلى نشاط زلزالي أقوى بـ50 ألف مرة من زلزال سومطرة عام 2004.

ربما يعجبك أيضا