“العفو العام” .. حراك شعبي لبناني لإنهاء المظلومية السنية

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

يشهد الشارع اللبناني تحركات واسعة لا تتوقف، في بيروت وصيدا وطرابلس وبعض المدن الأخرى، من أهالي المعتقلين الإسلاميين في لبنان سعيا لنيل العفو العام.

ازدواجية المعايير أثارت غضب الشارع اللبناني المعادي لهيمنة سلاح حزب الله اللبناني على الدولة اللبنانية ومؤسساتها.

سرايا المقاومة

وقد نشرت وسائل إعلام لبنانية، فيديو قالت إنها حصلت عليه من محمد صبلوح، محامي الشيخ أحمد الأسير، يثبت تورط حزب الله بأحداث عبرا، حيث يظهر مسلحين، قال المحامي صلبوح، والشيخ أحمد الحريري، أحد مرافقي الأسير، إنهم ينتمون إلى “سرايا المقاومة” الموالية لحزب الله.

 وبحسب صلبوح، فإن الفيديو يظهر عناصر الحزب وهم يطلقون الرصاص والقذائف على مسجد بلال بن رباح، وعلى أفراد الجيش، بهدف الإيقاع بينهم وبين مناصري الشيخ الأسير.

 فيما قال الشيخ أحمد الحريري، إن الشيخ الأسير كان دائما يحذر من تلك الشقة التي انطلقت النيران منها، ويؤكد وجود عناصر مسلحين، ومدربين من حزب الله فيها.

 وفي الفيديو الذي بثه الحريري، يقول أحد العناصر المسلحين لرفيقه إن “هؤلاء من الجيش”، وهو ما يعني وفقا للحريري طلبه من زميله إطلاق النار عليهم، أو أن زميله كان يطلق النار عليهم وطلب منه التوقف، وفي كلتا الحالتين، فإن الفيديو يثبت إطلاق سرايا المقاومة النار على عناصر الجيش، وفقا للحريري، وقال الحريري المطلوب للسلطات اللبنانية، إنه ومن معه وعلى رأسهم الشيخ الأسير، هم الضحايا، وهم من اعتدي عليهم، وبالرغم من ذلك هم من تم سجنهم ومحاكمتهم، لا الطرف الآخر.

العفو العام

من جهته، أكد المنسق العام لـ”تيار المستقبل” في طرابلس ناصر عدرة أن “الرئيس سعد الحريري يعمل على قضية العفو العام، وانه علينا التفاؤل بوصول الامور الى بر آمن ان شاء الله”.

النائب عن كتلة “المستقبل” سمير الجسر أكد أيضا أنه تم وضع الرئيس الحريري بجو مشروع العفو العام الذي يتم تحضيره عبر لجنة تدرس القضايا وإمكانيات تطبيقه.

أما آمال شمس الدين، زوجة الشيخ أحمد الأسير، فرأت أن: “ملف الموقوفين سياسي، وقد وعدنا الرئيس سعد الحريري بدرس مطلبنا بالعفو العام. ونحن أهالي الموقوفين لا نؤمن بإجراء محاكمات عادلة، فحزب الله هو الحاكم”.

غضب سني

النائب خالد الضاهر طالب باستقالة الرئيس سعد الحريري حفاظا على الطائفة السنية وكرامتها، ورأى أن هذه “المحكمة ظالمة وغير حقوقية وهي لا تطال إلا أهل السنة فقط، وتابع “نحن الطائفة المكون الأساسي لهذا البلد مهزومون سياسيا واقتصايا ومستنزفون”.

وتابع النائب الضاهر: “قلت سابقا لسعد الحريري إنه لا يجب أن نسمح بضرب أحمد الأسير، ولو لم يكن هناك قرار سياسي وديني بضرب الأسير لما تم إنهاء هذه الحالة.

فيما تساءل وزير العدل اللبناني السابق أشرف ريفي: لماذا الجنرال أشرف ريفي، لماذا لم يُحاكم قتلة عسكريِّي الجيش من داعش ومن هرَّبهم بالباصات المكيفة ؟”.

وقد علق الفنان المعتزل فضل شاكر على الحكم بحقه قائلا: “الذي تعامل مع الاحتلال الإسرائيلي تم حكمه سنتين فقط، والذي قتل رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري لم يجرؤ أحد على حكمه أو القاء القبض عليه، والذي فجّر مساجد طرابلس حر طليق، لكن من وقف بوجه الرئيس السوري الظالم بشار الأسد وقال كفى، يتم حكمه ظلما 15 عاما، مع الاعمال الشاقة، شكرا لعدالتكم”.

أما الشيخ داعي الإسلام الشهال مؤسس التيار السلفي في لبنان، فقال: “لا يشك متابع صغير في أن المحكمة العسكرية تسير وفق تعليمات حزب إيران حاكم لبنان، وأن أحكامها تصدر مسيّسة لأجندته ميشال سماحة وأحمد الأسير نموذجا” وتابع “تقوم الآن في لبنان عملية تصفية كاملة وسحق لأي أثر نفوذ سنّي..تبدأ بشيطنة المستهدف وحصاره وقتله أو اعتقاله أو تهجيره.. “.

لن نستسلم

من جهتها قالت هيئة علماء المسلمين في لبنان: “إلى متى سيبقى صاحب الجريمة الكبرى يسرح ويمرح بل ويعرض أمن البلد وأمن الناس وأرواهم للموت، ولولا لطف الله بنا وببلدنا لكنا الان نعيش حربا أهلية طاحنة وقد ظهر هذا جلياً باشرطة الفيديو للعالم بأسره، فالمجرم يخلى سبيله (ميشال سماحة)، ولولا ضغط الشارع لما أعيد الى السجن وبحكم مخفف لم يتجاوز السنوات الخمس، بينما أبناء الطائفة السنية صدر بحقهم الإعدامات والمؤبدات والأحكام العالية وكأن هذه الأحكام ماركة مسجلة وحصرية لأهل السنة دونا غيرنا ليبتلعوننا لقمة سائغة دون حسيب ولا رقيب”.

وخاطبت الهيئة الرأي العام اللبناني والعربي والإسلامي والعالمي: “لقد اضطر شبابنا لحمل السلاح دفاعا عن النفس، بعدما استبيحت بيروت وصيدا والجبل والمناطق وسقط الشهداء المدنيون العزل بالعشرات، وبحثوا فلم يجدوا دولة تدافع عنهم ولا قضاء يحاسب القتلة. بعدما قتل علي سمهون ولبنان العزي، والقتلة المعروفون المحميون يسرحون ويجرحون”.

وتساءلت: “من رفض التحقيق عمن نصب الكمين من اشتباك الثلاثاء إلى من أطلق الرصاصة اﻷولى في معركة اﻷحد. إلى رفض تقديم تقارير الطب الشرعي المتعلقة بمقتل الضحايا المدنيين والعسكريين. وصولا إلى رفض الإستماع إلى شهود الدفاع، والاستمرار بالمحاكمة من دون “محامين مدنيين” يتولون الدفاع أمام محكمة عسكرية تحاكم بتهمة قتل عسكريين، وعليه فإننا: “لن نرضخ ﻷي محاكمة مجتزئة، وخاصة في عصر تهريب قتلة العسكريين خطفا وتنكيلا وذبحا، ولن نرضخ ﻷي محاكمة مجتزئة ، في عصر الوزراء الذين يُطَبُّعون ويطيعون أوامر نظام الأسد، ولن نرضخ ﻷي محاكمة مجتزئة ، في عصر تخلي السلطة عن تحمل مسؤولياتها في حماية أبنائها ومرافقها”.

وختمت بيانها بالقول: “فمن المعيب أن نرى في بلدنا العملاء يسرحون وأبناء الشهداء يسجنون ولا من يدافع عنهم…الحرية كل الحرية والعدالة كل العدالة لابنائنا المظلومين، والعدالة إما أن تكون بالسوِّية أو بالتسوية، السوية الشاملة في كل ملفات الاغتيال والاقتتال، أو التسوية الكاملة في إطار العفو العام الذي يدشن المصالحة ويحصن المصالح اللبنانية الجامعة”.

سياسية الغبن

يحذر الناشط الحقوقي المحامي طارق شندب، في حديث إلى “المدن”، من المضيّ في سياسية الغبن المتّبعة بحقّ الطائفة السنيّة في لبنان. فـ”الحكم الصادر بحقّ الأسير ورفاقه هو سياسي وليس قضائيّاً، لأنّه لم يأخذ بالأدلة، واعتمد على وجهة نظرٍ واحدة، ولم يكن حقُّ الدفاع مؤمناً”. ما “ولد امتعاضاً في المناطق ذات الغالبيّة السنيّة، ليس دفاعاً عن الأسير، وإنّما لأنهم رأوا أنّ المحكمة في موقع الخصم، ويجري استعمالها كسيفٍ مسلّط على الطائفة السنيّة، من دون أن نسمع صوت مسؤولٍ سنيٍّ في السلطة يدين عدم أخذ المحكمة بالاجراءات القانونيّة الصحيحة”.

يضيف شندب: “يأخذ الشعور السنيّ في لبنان منحيين. شعور الضعف وشعور التواطؤ الذي تمارسه القيادات السنيّة، بعد تجاهل الأدلة والفيديوهات التي ظهرت إلى العلن، وكشفت من شارك في معارك عبرا وأطلق الرصاصة الأولى على الجيش من ميليشيا سريا المقاومة وحزب الله. وهذا ليس تبرئةٍ للأسير، بل هو اعتراض على تجاهل بقيّة الأطراف المتورطة”.

أمّا عن تفجير المسجدين، فـ”لم نعد ننتظر العدالة في ظلّ بطء التحقيقات والاستخفاف بالتعاطي مع المجرمين، خصوصاً بعدما أبرق رئيس الجمهورية ميشال عون إلى رفعت عيد مهنئاً إيّاه بالعيد، من دون أن يكترث لمشاعر أهالي الضحايا”.

إن الدولة اللبنانية بحاجة إلى قانون للعفو العام، يجنبها إشتعال النيران، فهيمنة مليشيا “حزب الله” اللبنانية علىال قرار لا شك أنه سيؤدي إلى عواقب وخيمة، خصوصا أن مثل هذا القانون لين كون الأول في التاريخ اللبناني الحديث، حيث تم العفو قبل ذلك عن أعداد كبيرة من المتورطين في الجرائم بعد انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية.  

 

ربما يعجبك أيضا