في حوار خاص مع «رؤية».. مايكل روبرتس: العقوبات على روسيا بلا جدوى على المدى المتوسط

علاء بريك

تضج وسائل الإعلام العالمية بأخبار العقوبات الاقتصادية على روسيا، لكن ما حقيقة تأثيرها ومدى فاعليتها؟ ماذا عن الدور الصيني في الأزمة الحالية؟ حوار أجرته "شبكة رؤية الإخبارية" مع الاقتصادي مايكل روبرتس يناقش هذه الأسئلة وأكثر.


من الولايات المتحدة مرورًا بالاتحاد الأوروبي وإلى اليابان فأستراليا، حكوماتٌ الحكومات الغربية في فرض عقوبات على الاقتصاد الروسيتفرض عقوبات اقتصادية على المؤسسات المالية الروسية والشركات وبعض المسئولين الروس ورجال الأعمال.

منذ أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدء العملية العسكرية في إقليم الدونباس الأوكراني، شرعت العديد من الحكومات الغربية في فرض عقوبات على الاقتصاد الروسي بمؤسساته وأشخاصه من الولايات المتحدة مرورًا بالاتحاد الأوروبي وإلى اليابان فأستراليا.
حاورت شبكة رؤية الإخبارية الاقتصادي مايكل روبرتس مؤلف كتاب «الركود الطويل» (منشورات هايماركت: 2016) وعديد الكتب الأخرى وصاحب خبرة اقتصادية تجاوزت 30 عامًا من العمل في حي السيتي، المركز المالي ذائع الصيت في لندن، لتوضيح مدى تأثير هذه العقوبات في الاقتصاد الروسي وانعكاساتها على الاقتصاد العالمي.

تأثير العقوبات على الاقتصاد الروسي والأوروبي

يرى مايكل روبرتس أن العقوبات لا تُجدي بالعموم ضد الدول أو الحكومات التي تشن عملًا عسكريًا هدفه الانتصار العسكري، مشددًا على أن بوتين لن تردعه أي عقوبات، لأنَّ روسيا تملك احتياطيات كبيرة من النقد الأجنبي وصندوقًا سياديًا به من الرصيد ما يعوض أي خسارة قد تطال الاقتصاد الروسي، سواء في التجارة أو الاستثمار المالي.

ويرى أيضًا أن تجميد أصول المسؤولين الروس في الخارج بلا جدوى حقيقية، مفسرًا ذلك بأنَّ هؤلاء اتخذوا احتياطاتهم إزاء مثل هذه الخطوة، لكن يقول روبرتس إنه على المدى الطويل ستؤثر العقوبات في نمو الاقتصاد الروسي، وتؤثر بطبيعة الحال في دول أوروبية أخرى، مثل ألمانيا التي تعتمد على الطاقة الروسية بشدة، موضحًا أنه ليس من الغريب استثناء التجارة في الطاقة من العقوبات، ويضيف بسخريةٍ أنَّ شركة جوتشي الإيطالية قد تطلب  استثناء صادرات حقائبها إلى روسيا من العقوبات.

فيما يتعلق باستبعاد روسيا من نظام سويفت البنكي، يشير الخبير الاقتصادي إلى أنه إلى الآن لم تتخذ مثل هذه الخطوة، لكن حتى إذا اتُخِذَت فبمقدور روسيا إنجاز صفقاتها التجارية بوساطة بنوك أجنبية أخرى وأطراف ثالثة.

تأثير التعاون الصيني والروسي على العقوبات

في تقريرٍ نشرته فايننشال تايمز قبل أيام، قالت فيه إنَّ الصين ستؤدي دور المنقذ الاقتصادي لفلاديمير بوتين، مشيرة إلى اتجاه الصينيين والروس إلى تقليل الاعتماد على الدولار في التبادل التجاري واستخدام عملات أخرى (اليوان والروبل مثلًا)، بالرغم من أنَّ جزءًا كبيرًا من هذه التبادلات لا تزال تجري بالدولار واليورو.

بهذا الشأن تساءلت شبكة رؤية الإخبارية بشأن ما إذا كنا نشهد إرهاصات بزوغ نظام مالي جديد على مستوى التجارة العالمية وزعزعة لمكانة الدولار، لكن روبرتس نفى مثل هذه التصورات، على الأقل في المدى المتوسط. ويشير إلى أنَّ الصين وروسيا كانتا تطوران نظام سويفت خاصٍ بهما، لكنَّهما لا تستخدمانه إلا محليًا، كذلك الصين تملك عملتها الرقمية الخاصة بيد أنَّ دورها لا يزال محدودًا، وعلى هذا الأساس توقع أن يواصل الدولار هيمنته على التجارة العالمية.

كيف تغيّر الاقتصاد الروسي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي؟

يلخص روبرتس لـ”شبكة رؤية الإخبارية” مسار الاقتصاد الروسي بعد انهيار الاتحاد السوفييتي في التسعينيات، فيقول إنَّه بعد انهيار الاتحاد أخذ الغرب بتطبيق سياسة “العلاج بالصدمة” التي تبناها يلتسين آنذاك، فجرى بيع أصول الدولة بأسعارٍ بخسة لمن باتوا يعرفون اليوم باسم “الأوليجارشية”، وتفكّكَت أنظمة الرعاية الاجتماعية والخدمات العامة وتدهور الاقتصاد إلى مستويات أسوأ من مستوياته خلال فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى، وانخفض معدل العمر المتوقع انخفاضًا كبيرًا.

وتابع أنه في ظل حكم نظام ما وصفه بـ”رأسمالية المحاسيب” بقيادة ضابط الكي جي بي السابق فلاديمير بوتين، ركَّز الاقتصاد الروسي على قطاع الطاقة والزراعة والثروة المعدنية، وأخذ يتحسن تدريجيًا، حتى تجاوز أداؤه للمرة الأولى الحقبة السوفييتية، لكنَّ روبرتس يرى أن الاقتصاد الروسي أحادي يغيب عنه التنويع في الصناعة والتكنولوجيا، باستثناء بعض القطاعات العسكرية والمشبوهة، مثل القرصنة وما إلى ذلك. مع ذلك، تراجعت مستويات المعيشة للمواطن الروسي وساءت الخدمات العامة والرعاية الاجتماعية.

سياسة الصين بشأن النزاع الروسي الأوكراني

يشير العديد من المحللين إلى أنَّ الصين تحاول الموازنة بين دعم بوتين والحفاظ على مصالحها في استقرار المنطقة. في هذا الصدد توجهت “شبكة رؤية الإخبارية” إلى روبرتس بالسؤال بشأن كيفية قراءة الموقف الصيني؟ يجيب روبرتس بأنَّ الصين تبنت موقفًا دبلوماسيًا ذكيًا، عبر الامتناع عن التصويت على إدانة الاجتياح الروسي في مجلس الأمن.

وأوضح أنَّ الموقف الرسمي الصيني يتركز على معارضتها التدخل في شؤون الدول، لكنَّها تعي في الآن ذاته أنَّ الإمبريالية الأمريكية شاركت في طبخ هذا النزاع بنكث وعودها لروسيا، والدفع بالناتو نحو التوسع في المنطقة. على هذا الأساس، يرى روبرتس أن الصين لا تدعم الإدانة لكنَّها في الوقت نفسه لا تعارضها، لكن الهند على سبيل المثال لا تُدين الاجتياح، بسبب امتلاكها استثمارات وعلاقات عسكرية مهمة مع الروس، لذا، تقف الصين موقفًا أفضل من الهند “الديمقراطية”.

ربما يعجبك أيضا