العلاج في المتاحف.. وصفة طبية جديدة في كندا

مها عطاف

رؤية – مها عطاف

“عليك زيارة المتحف يومين في الأسبوع”.. هل تتخيل أن تلك الجملة قد تُكتب لك من قبل طبيب في وصفة طبية، للعلاج من آلام تشعر بها سواء نفسية أو ربما جسدية؟ بالفعل يمكن ذلك، خاصة بعد أن بدأ أطباء في مدينة مونتريال الكندية، منذ أيام قليلة، بوصف هذا الدواء لمرضاهم، والمتمثل في زيارة المتحف والاستمتاع بالفن والجمال، الشيء الذي يعتبر حدثا فريدا من نوعه في العالم.

إنما الفن مورد الحب والنور

لم يعد العلاج يقتصر على الصيدليات وحدها، بل يمكن للمتاحف أن تقوم بهذا الدور أيضًا، وهذا ما يحدث في كندا، حيث كانت الفكرة ثمرة مشروع تجريبي لشراكة بين جمعية الأطباء الناطقين بالفرنسية في كندا ومتحف الفنون الجميلة في مونتريال، ويشارك في هذه المرحلة الأولى من المشروع نحو مئة طبيب، وتمتد على نحو عام، بحسب ما قالت المديرة العامة لجميعة الأطباء نيكول باران، ورأت أن في ذلك دليلا على أن الأطباء يؤمنون بجدوى بعض المقاربات العلاجية البديلة، ولا سيما أثر الفنون على الصحة.

الفن للروح والرياضة للجسد

قبل مائة عام فقط، كان الكثير يعتقد أن الرياضة تقوم بتشويه الجسد وتهدد خصوبة المرأة، وكانت الشائعات تدور حول هذا السابق، والآن أصبحت الرياضة جزءا أساسيا من حياة الأشخاص، وأصبحت علاجا للرشاقة والصحة الجيدة، وسبيلا للتعافي من الأمراض، وكما يصف الأطباء ممارسة الرياضة، سيكون بإمكانهم أيضًا وصف زيارات إلى المتاحف.

جاء المشروع بمبادرة من المدير العام للمتحف، “ناتالي بوندل”، التي تعتقد أنه سيتم الاعتراف قريبا بالفوائد الصحية للتجارب الثقافية، تماما مثل النشاط الجسدي، مؤكدة أن جو المتحف الجميل والملهم يمكن أن يحسن المزاج والشعور العام والحالة الصحية، ويمنح المرضى فرصة للابتعاد عن الانشغال بالمرض وأجوائه.

ويقول المتحف: إن من شأن زيارة المرضى له وتأملهم في المعروضات مساعدتهم على الاسترخاء وإمدادهم بالحيوية، ومن المقرر أن يبدأ المشروع في الأول من شهر نوفمبر، حيث في المرحلة الأولى من المشروع سيتمكن الأطباء الأعضاء في منظمة “الأطباء الفرانكفونيون في كندا” من التسجيل لكتابة ما يصل إلى 50 وصفة طبية بزيارة المتحف، وذلك كجانب تكميلي للعلاج التقليدي.

متحف مونتريال.. وصفة طبية

متحف مونتريال للفنون الجميلة، هو متحف فني يقع في مونتريال، كيبيك، بكندا، وهو أكبر متاحف المدينة، وأحد أكبر متاحف الفنون في البلاد. يقع المتحف في منطقة ميل المربع الذهبي امتداد شارع شيربروك. ويضم المتحف خمسة أجنحة، ويقع على مساحة 53,095 متر مربع، منها 13,000 متر مربع مساحات للعرض.

وبافتتاح جناح ميشال وريناتا هورنشتاين للسلام عام 2016، أصبح المتحف يحتل المرتبة 18 كأكبر متحف فني في أمريكا الشمالية، وكانت مجموعة المعروضات الدائمة تحوي حوالي 44,000 عام 2013، وكانت قاعة القراءة الأصلية لرابطة فنون مونتريال أصل مكتبة المتحف الحالية والتي تعدّ أقدم مكتبة فنية في كندا.

وبدأ المتحف أيضا بتقديم برامج العلاج الفنية، ولقد عين في الآونة الأخيرة معالج “فني” داخلي لدى المتحف، وهو يشارك في الدراسات الإكلينيكية التي تتطلع إلى دراسة الآثار الناجمة عن زيارات المتحف على الناس الذين يعانون من مختلف المشكلات الصحية البدنية والنفسية، من اضطرابات تناول الطعام وحتى سرطان الثدي.

الفن علاج نافع

وبدأت فكرة “الفن علاج نافع” في الاستحواذ على المزيد من الزخم حول العالم، كما تقول إدارة متحف مونتريال، حيث صدر تقرير في عام 2017، عن المجموعة البرلمانية البريطانية المعنية بالفنون والصحة والعافية جاء فيه: “لقد حان الوقت للاعتراف بالإسهامات المؤثرة للفنون وما تقدمه من خدمات لصحة ورفاهية الجميع”، وأشار التقرير إلى أن هناك فوائد واضحة لاستخدام الفنون بطرق مختلفة للعناية بالصحة، ومن بينها دمج الفنون في المستشفيات أو إشراك المرضى في برامج الفنون المتنوعة، لذلك ما على المرضى ومن يعانون من مشاكل صحية أو نفسية سوى التوجه لتناول جرعات من الفن لما له من أثر مهدئ ومبهج على الروح والجسد، والذي يعتبر بمثابة رياضة للروح.

ربما يعجبك أيضا