“القومية الإسرائيلي”.. لتذهب الديمقراطية إلى الجحيم

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

“إسرائيل هي أولًا – وقبل كل شيء”

“تيودور هرتزل” مؤسس الصهيونية

بهذه الكلمات أطلق عضو الكنيست الإسرائيلي “آفي ديختر” مبادرة مشروع “قانون القومية”، والذي يعتبر فصلا جديدا من فصول العنصرية والتطرف داخل الكيان الصهيوني، ” إسرائيل” صاحبة الصوت العالي في جميع المحافل الدولية بأنها ديمقراطية ولديها حرية تضع اليوم حجرا جديدا لتأكيد تمسكها بكل ماهو صهيوني حتى إذا كان الثمن هم أقليات تمسكوا بأرضهم رغم أنف الاحتلال.

قانون القومية

يرى رئيس لجنة العلاقات الدولية في القائمة المشتركة بالكنيست “يوسف جبارين” أن قانون القومية يكرس اليهودية ويرسخ الرموز الصهيونية في الدولة، ويهدف لإلغاء الهوية العربية والحقوق الجماعية للشعب الفلسطيني.

فالقانون يتناقض مع المبادئ القائمة في صلب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 الصادر يوم 29  نوفمبر لعام 1947 بشأن تقسيم فلسطين الانتدابية إلى دولتين، فهو القرار الذي دعا إلى تبنّي “دستور ديمقراطي”، يضمن عدم “التمييز بين السكان بأي شكل من الأشكال، بسبب الأصل أو الدين أو اللغة أو الجنس”، وكذلك يضمن “لجميع الأشخاص الحق في الحماية القانونية المتساوية”.

وأضاف، إن “القانون ينتهك القانون الدولي الخاص بالحماية المتساوية أمام القانون، والحظر الصريح على التمييز على خلفية الانتماء القومي أو الدين أو اللغة أو الثقافة، وهي مبادئ أساسية تم توثيقها في المعاهدات الدولية التي وقعت عليها إسرائيل، وعليه يشكّل التمييز الكامن في مشروع القانون المقترح انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، وهو القانون الذي تزعم إسرائيل التزامها به دوليا.

وأشار إلى أن القانون يمثل خطرًا وجوديًّا على فلسطينيي 48 الذين فرضت عليهم الجنسية الإسرائيلية، ويتنكر لحقهم في المواطنة ويجردهم من كافة الحقوق ويحولهم إلى مجرد سكان دون دولة.

تعميق الشرخ

يعتقد “إسحق هرتسوغ”، رئيس حزب المعسكر الصهيوني، “أن القانون محاولة لتعميق الشرخ والتوتر والتمييز بين المواطنين”.

ويرى “آدم كلير”، المتحدث باسم كتلة “السلام الآن”, “أن البنود المتعلقة بيهودية الدولة و”الوطن القومي للشعب اليهودي” مدونة في “وثيقة الاستقلال” و”قانون العودة”، ولا مبرر لقانون جديد من شأنه أن يسهم في تعزيز الخوف والكراهية والعنصرية في إسرائيل”.

واعتبر أن القانون سيؤجج أيضا الصراع الداخلي بين اليهود حيال فرض التعاليم الدينية اليهودية على نظام الحكم، ويأتي طرحه بهذه الصيغة والتوقيت لدوافع.

اتساع الثغرة

في بيان صادر عن “أكرم حسون”، العضو بالكنيست عن حزب “كلنا” الإسرائيلي” قانون القومية يجعل من المواطنين غير اليهود غير متساوين بالحقوق، ويزيد ويعمق الثغرة بين اليهود والعرب، وكذلك الطائفة الدرزية التي ترى بنفسها أول المتضررين من هذا القانون العنصري، كونها تقوم بواجباتها وهي قسم من حلف الدم وحلف الحياة”.

ويضيف “حسون”: “هذا القانون صفعة للطائفة الدرزية وكذلك المواطنين العرب الذين هم مواطنين ولهم حقوق في إسرائيل”، مؤكدا أنه “سيعمل كل ما بوسعه للتصدي لهذا القانون بشتى الوسائل!”.

في ديسمبر الماضي صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو”، إن أول مهمة لرئيس الائتلاف الحكومي الجديد هي تمرير “قانون القومية”، والذي وصفه بأنه “أحد أهم القوانين التي ستدخل السجل التاريخي” للاحتلال” وفي مارس الماضي وخلال الأزمة المندلعة بشأن قانون التجنيد، المتعلق بإعفاء الشبان اليهود المتشددين دينيًا من الخدمة العسكرية الإلزامية، طلب حزب الليكود الحاكم الدفع بتشريع هذا القانون نحو القراءة الأولى، وهو ما حدث أمس الثلاثاء فقد صادق “الكنيست الإسرائيلي” -في قراءة أولى- على قانون “القومية” أو ما بات يعرف بقانون “إسرائيل القومية للشعب اليهودي”، بعد تصويت 64 نائبًا لمصلحته، مقابل معارضة 50.

بموجب الصيغة الجديدة لمشروع القانون، ستفضّل المحكمة العليا الطابع اليهودي لإسرائيل على القيم الديموقراطية متى حصل تناقض بينهما، غير أن كلمة “ديموقراطية” لا تظهر حاليًا في مشروع القانون الذي ستدخل عليه تعديلات قبل التصويت عليه بقراءة ثانية.

اللغة الأم

يتضمن مشروع القانون بندًا يسمح بإقامة بلدات لليهود فقط ومنع غير اليهود من السكن فيها، كما يعطي مكانة “عليا”  للغة العبرية كونها “لغة الدولة”، في حين ستكون للغة العربية “مكانة خاصة”، كما تم شطب بند “القضاء العبري” الذي يهدف لتوجيه القضاة إلى الشريعة اليهودية في القضايا التي لا توجد سوابق قضائية أو قوانين ملائمة لها.

يقول “آفي ديختر” صاحب المبادرة: “وضع اللغة العربية لا يتأذى كما يدعي البعض؛ فالجميع في إسرائيل يفهم أن هذا هو الفأس الذي يحاولون استخدامه بشكل غير عادل، فهناك الكثير من الدول على أعلامها رموز وصلبان، وتعيش بداخلها أقليات، لكن ليس هناك أي مطالبة في أي منها بإزالة الصليب أو إضافة رمز آخر إليه”.

وزاد: “لن يتمكن الفلسطينيون من تعريف إسرائيل كدولة قومية، خاصة أن قانون الجنسية هو شهادة التأمين التي نتركها للجيل المقبل”.

وفي المقابل انتقد عضو الكنيست “بني بيجن” بشكل حاد الصياغة التي طُرحت للتصويت، قائلًا :”إن هذا الاقتراح خاطئ”، وانتقد الشرط الذي يسمح بـ”تأسيس مستوطنات لأفراد من دين واحد أو جنسية واحدة”، مشيرًا إلى أنه قبل سبع سنوات، وبدعم من حزب “ليكود”، أقر الكنيست قانونًا يمنع لجان القبول من رفض قبول مرشح لأسباب وطنية، إضافة إلى سلسلة قيود إضافية.

ووفقًا للتفاهمات والاتفاق بين الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي، فإن الصياغة التي تمت الموافقة عليها، ستوضع جانبًا، ولن يتم ترشيحها على الأرجح لقراءات ثانية وثالثة في الكنيست، بسبب معارضة كتلة “كولانو” التي يرأسها وزير المال “موشيه كحلون”، وكتلة “إسرائيل بيتنا” التي يرأسها وزير الدفاع “ليبرمان”، والأحزاب الحريدية.

ربما يعجبك أيضا