النمو الاقتصادي الخليجي «متفوق» رغم خفض التوقعات.. وتألق إماراتي

لمياء أمين
البنك الدولي

خفض البنك الدولي توقعاته للنمو الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي خلال العام الحالي 2023 إلى 3.2% من 3.7% في أكتوبر.

وستكون هذه النسبة أقل من نصف معدل النمو التقديري لدول المجلس الـ6، العام الماضي، وهو 7.3%، وفق ما جاء في أحدث تقارير البنك الدولي، الذي نشر اليوم الخميس 6 إبريل 2023.

توقعات تتجاهل تأثيرات قرار «أوبك+»

جرى إعداد هذا التقرير قبل تخفيضات إنتاج النفط المفاجئة، التي أعلنها تحالف «أوبك+» يوم الأحد الماضي، وأدت إلى زيادة أسعار النفط وارتفاع سقف توقعات الأسعار. وقال البنك الدولي إن توقعاته الأخيرة لا تضع في الاعتبار أي تأثيرات لهذا القرار.

وكان الانخفاض المتوقع في أسعار النفط، بعد بلوغها مستويات مرتفعة في عام 2022، وراء خفض توقعات النمو. وتشير التوقعات إلى أن معدل النمو في السعودية، أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، سيبلغ 2.9% في 2023، في أكبر تباطؤ بين اقتصادات دول مجلس التعاون، من 8.7% في 2022، وانخفاضًا أيضًا من معدل النمو المتوقع لعام 2023 في أكتوبر، وهو 3.7%.

نمو دول مجلس التعاون سيظل متفوقًا

وصل سعر خام برنت، القياسي الأمريكي،  إلى 139 دولارًا في مارس 2022، حين كان يحوم بالقرب من أعلى مستوى له على الإطلاق. وبلغ سعره، اليوم الخميس 6 إبريل 2023، نحو 84 دولارًا.

وذكر البنك الدولي، في توقعاته، أن نمو دول مجلس التعاون سيظل متفوقًا على أداء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الأوسع، والمتوقع أن يبلغ معدل النمو فيها 3% خلال عام 2023، انخفاضا من 5.8% في عام 2022.

الاقتصاد السعودي يتفاعل مع أسعار النفط

قالت كبيرة خبراء الاقتصاد لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالبنك الدولي، روبرتا جاتي، لوكالة أنباء رويترز، في مقابلة أمس الأربعاء: “النمو الاقتصادي سيتباطأ في 2023، بناء على افتراض بأن المكاسب غير المتوقعة من ارتفاع أسعار النفط ستنتهي”.

وأضافت “الاقتصاد السعودي لا يزال يتفاعل بقدر كبير مع أسعار وسوق النفط، لكن في نفس الوقت يوجد عزم لا يلين على تنويع (الاقتصاد)، ما ينطوي على عناصر متعددة بالغة التميز”.

الإمارات الاقتصاد الأكثر تنوعا في المنطقة

شرعت جميع دول الخليج في خطط تحول اقتصادي لتنويع مصادر الدخل بعيدًا عن المحروقات، لكن بدرجات متفاوتة من النجاح. وتعد الإمارات من بين أكثر الاقتصادات تنوعًا في المنطقة، ويُنظر إلى دبي على أنها مركز إقليمي للسياحة والتجارة.

وتوقع البنك الدولي أن ينمو الاقتصاد الإماراتي، ثاني أكبر اقتصاد في دول مجلس التعاون الخليجي، 3.3% في عام 2023، انخفاضًا من 4.1%، الذي كان متوقعًا في أكتوبر.

سلطنة عمان الأسرع نموًا  بين دول الخليج

قال البنك الدولي إن من المتوقع أن يكون اقتصاد سلطنة عمان الأسرع نموًا بين دول مجلس التعاون الخليجي، خلال عام 2023، مع نمو يبلغ 4.3%.

وعدلت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيفات الائتمانية، الأسبوع الماضي، النظرة المستقبلية لسلطة عمان إلى إيجابية من مستقرة. وقالت إن الحكومة تجري إصلاحات في ميزانيتها، وخفضت نسبة الدين الإجمالي إلى 40% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022، من نحو 60% في عام 2021.

ومن المتوقع أن تسجل دول مجلس التعاون الخليجي فائضا ماليا قدره 3.2% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، انخفاضًا من 4.3% في عام 2022.

تضخم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يؤثر في النمو

قال البنك الدولي، في تقرير بشأن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إن تضخمًا في خانة العشرات في أسعار الغذاء بالمنطقة هذا العام سيؤدي إلى تباطؤ النمو إلى 3%، مقابل 5.8% العام الماضي. وخفض بذلك توقعاته لنمو المنطقة في 2023، بعد تقديرات سابقة نشرها في أكتوبر بنمو عند 3.5%.

وذكر البنك الدولي أن متوسط التضخم في أسعار الغذاء على أساس سنوي في 16 اقتصادًا بالمنطقة بلغ 29% في الفترة بين مارس وديسمبر 2022، وهو أعلى من معدل التضخم الرئيس البالغ 19.4% على أساس سنوي لتلك الفترة.

تباين اقتصادات منطقة الشرق الأوسط

تتباين اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تباينًا كبيرًا في ما بينها، ومنها دول مجلس التعاون الخليجي الـ6 المصدرة للنفط مرتفعة الدخل، ومنها دول تشهد صراعات، مثل اليمن، ودول نامية تستورد النفط مثل الأردن، وأخرى نامية تصدر النفط مثل العراق.

وتشير التوقعات إلى أن الدول النامية المصدرة للنفط، بما في ذلك الجزائر والعراق، ستشهد نموًا 2.2% خلال 2023، انخفاضًا من 3.9 %في 2022. وباستثناء مصر، تشير التقديرات إلى أن الدول النامية المستوردة للنفط، مثل لبنان وتونس، ستحقق نموًا 2.8% في 2023 و3.1% في 2024. أما مصر فمن المتوقع أن تسجل نموًا مرتفعًا نسبيًّا بـ4% لعامي 2023 و2024.

تداعيات الوضع الغذائي لها تداعيات طويلة الأمد

حذر التقرير من أن تدهور الوضع الغذائي الناتج عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية، سيكون له تداعياته الطويلة الأمد على نمو الأطفال والآفاق المستقبلية، في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وقال نائب رئيس البنك لمنطقة الشرق الأوسط، فريد بلحاج: “يوجد حاجة إلى سياسات جريئة في منطقة يشكل فيها الشباب أكثر من نصف السكان”. وتوقع البنك الدولي تباطؤ نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وهو مؤشر لتحديد مستويات المعيشة، إلى 1.6% في 2023، مقابل 4.4% في 2022.

انخفاض توقعات النمو العالمي

قالت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغيفا، إن الصندوق يتوقع أن ينخفض النمو الاقتصادي العالمي لأقل من 3% في 2023، وأن يظل عند نحو 3%خلال السنوات الـ5 المقبلة، في إشارة إلى زيادة مخاطر حدوث تراجع. وهذا هو أدنى معدل نمو متوسط الأجل يتوقعه الصندوق منذ 1990، وأقل بكثير من متوسط النمو البالغ 3.8% خلال العقدين الماضيين.

وأضافت إن إجراءات السياسة النقدية والمالية القوية بعد جائحة كوفيد-19 والحرب الروسية الأوكرانية حالت دون حدوث نتائج أسوأ بكثير في السنوات القليلة الماضية، لكن توقعات النمو تظل ضعيفة نظرًا للتضخم الذي يرتفع باستمرار. وأضافت أن انهيار بنوك في سويسرا والولايات المتحدة كشف عن نقاط ضعف مالية، زادت مخاطر التراجع للاقتصاد العالمي.

غورغيفا: النمو لا يزال ضعيفًا بنحو غير مسبوق

قالت غورغيفا، في خطاب قبل اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين، التي تنعقد الأسبوع المقبل إنه “على الرغم من مرونة أسواق العمل بنحو مدهش، والطلب القوي من المستهلكين، وعلى الرغم من الانتعاش في الصين، نتوقع أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة أقل من 3% هذا العام.. لا يزال النمو ضعيفًا بنحو غير مسبوق بالنسبة للوقت الحالي، وعلى المدى المتوسط”.

وأضافت “مع تصاعد التوتر السياسي، واستمرار ارتفاع معدلات التضخم، لا يزال تحقيق انتعاش قوي أمرًا صعب التحقيق، وهذا يلحق الضرر بالتوقعات للجميع، خاصة بالنسبة للأفراد والدول الأكثر ضعفًا”.

وانخفض النمو العالمي بمقدار النصف تقريبًا إلى 3.4% في 2022، في أعقاب صدمة الحرب الروسية الأوكرانية نزولًا من 6.1% في 2021.

ربما يعجبك أيضا