الوطن للجميع.. مصر تغرس “شجرة محبة” من مسجد وكاتدرائية العاصمة الجديدة

إبراهيم جابر

رؤية – إبراهيم جابر:

القاهرة – في مشهد واحد وسط قلوب متآلفة، افتتح الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مسجد الفتاح العليم وكاتدرائية ميلاد المسيح، اليوم الأحد، بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبومازن، وشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، وبطريرك الكرازة المرقسية قداسة البابا تواضروس الثاني، ليعلنوا للعالم أجمع أن روابط التواصل بين مسلمي ومسيحيي مصر “مقدسة”، وغير قابلة للمساس.

افتتاح مسجد وكاتدرائية العاصمة الإدارية الجديدة، جاء بعد أقل من 24 ساعة من الحادث الإرهابي الذي استهدف كنيسة العذراء في منطقة عزبة الهجانة، شرق العاصمة المصرية، من أعلى مسجد مواجه للكنيسة، ليكون ردا على المحاولات الإرهابية التي تستهدف زرع الفتنة بين أبناء الوطن الواحد.

“شجرة محبة”

ووجه الرئيس المصري خلال الاحتفال بافتتاح كاتدرائية ميلاد المسيح التحية لكل من ضحى من أجل مصر، مشددا على أنه يقدم التحية والتقدير لكل من ضحى من أجل مصر دون تفرقة بين مسلم ومسيحى، قائلا: “لا أتحدث عن الجيش والشرطة والمدنيين وأشقائنا المسيحيين بل المصريين جميعاً”.

ورحب السيسي، بالرئيس الفلسطينى والأشقاء الحضور من الدول العربية، مؤكدا أن لحظة افتتاح كاتدرائية ميلاد المسيح لحظة مهمة في تاريخ مصر مسترجعًا ما حدث قبل عامين فقط حينما وقف في كاتدرائية العباسية، ووعد أن يكون الاحتفال بعيد الميلاد المجيد العام القادم بالعاصمة الإدارية، وبالفعل تحقق حينما قام بالاحتفال جزئيًا العام الماضي، والاحتفال بشكل كامل بإنهاء البناء اليوم وافتتاح ايضًا مسجد الفتاح العليم.

وشدد السيسي على رفضه لتعبير “الفتنة الطائفية”، لأنه تعبير غير صحيح وغير موجود بيننا، مردفا: “نحن المصريين نُسجل في هذه اللحظات (شجرة المحبة) وقمنا بالفعل بغرسها تِلك الشجرة التي تحتوي على المحبة لبعضنا البعض، ولابُد أن نُحافظ على هذه الشجرة لكي تكبر ونجني ثمارها داخل مصر ونصدرها للعالم، نُصدر لهم رسالة تسامح تآخي”، مؤكدًا أن الفتن التي تُحيط بنا لن تنتهي، ولكن بفضل الوعي واليقظة.

“محبة متبادلة”

حفل الافتتاح الضخم الذي أقيم، اليوم، شهد لمسة “محبة متبادلة” بين شيخ الأزهر والبابا تواضروس الثاني، حيث ألقى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية خطبة قصيرة خلال افتتاح المسجد، تلتها خطبة لشيخ الأزهر خلال افتتاح الكاتدرائية.

وقال البابا -خلال كلمته داخل المسجد- “اليوم يوم فرح ويوم ابتهاج نفرح فيه ونحن نرى مصرنا العزيزة تسجل صفحة جديدة فى كتاب الحضارة المصرية العريقة، فمصر التى علمت العالم فن الأعمدة فكانت المسلة في العصور الفرعونية والمنارة في العصور المسيحية، وكانت المئذنة في العصور الإسلامية”.

وتابع: “إننا نشهد اليوم  مناسبة غير مسبوقة في التاريخ، نحتفل فيها حيث نرى ونشاهد ونعاين وسط هذا الحضور الكريم، مآذن هذا المسجد الكريم، تتعانق مع منارات كاتدرائية ميلاد السيد المسيح، مضيفا: “مصر ترى وتهتم بالقوة الناعمة فيها، إنني كمواطن مصري أقف في هذا المسجد الكريم وأفرح مع كل إخوتي الأحباء بهذه المناسبة السعيدة التي تسجل في تاريخ مصر”.

وأكد شيخ الأزهر، أن الدولة الإسلامية ضامنة شرعا لكنائس المسيحيين ومعابد اليهود، والشرع يكلف المسلمين بحماية المساجد والكنائس بالقدر نفسه، والمسلمون يتقدمون في حماية الكنائس على إخوتهم المسيحيين بناء على آية صريحة في القرآن الكريم تكلف بالقتال للدفاع عن دور العبادة.

وأكمل في كلمته: “يحق لمصر أن تفخر بها على سائر الأمصار، موجها الشكر للرئيس السيسي على هذا الإنجاز، ولقداسة البابا وإخوتنا المسيحيين بأجمل التهاني بمناسبة هذه الكاتدرائية الجديدة التي ستقف دون شك إلى جوار المسجد في صمود يتصديان لكل محاولات العبث باستقرار الوطن أو الفتنة الطائفية”، متابعا: “أعتبر أن هذا الحدث استثنائي ربما لم يحدث من قبل على مدى تاريخ المسيحية والإسلام”.

“حفاوة عالمية”

حفل الافتتاح، شهد حفاوة عالمية، حيث قال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب في تدوينة عبر حسابه بموقع تويتر، إنه سعيد بأن يرى الأصدقاء في مصر يفتتحون أكبر كاتدرائية في الشرق الأوسط، مشددا على أن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي يقود بلاده نحو مستقبل أكثر شمولية.

فى رسالة مسجلة، هنأ البابا فرانسيس بابا الفاتيكان، مصر بافتتاح كاتدرائية العاصمة الإدارية، موجهًا الشكر للرئيس المصري والحكومة المصرية على إنجاز العمل التاريخي، مضيفا: “أتقدم بتحية خاصة لأخي العزيز للغاية صاحب القداسة البابا تواضروس الثاني، وإلى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية التي عرفت كيف تعطى شهادة حقيقية للإيمان والمحبة في الأوقات العصيبة”.

وتابع بابا الفاتيكان، أيها الإخوة والأخوات الأعزاء: لديكم شهداء يعطون القوة لإيمانكم، شكرا على مثالكم”.

“الفتاح العليم”

ويعد مسجد الفتاح العليم الذي افتتحه الرئيس المصري، ثالث أكبر مسجد في منطقة الشرق الأوسط بعد الحرمين الشريفين، حيث تبلغ مساحته حوالي 104 أفدنة، ويحوي 4 مآذن و5 مداخل و3 مهابط للطائرات، وممر جنائزي وجراج.

وتبلغ المساحة الإجمالية للمسجد وملحقاته 104 أفدنة بينها 8600 متر هي مساحة المسجد و9300 متر مساحة البدروم والساحة الخارجية بينما يسع المسجد بالكامل لأكثر من 12 ألف مصل، ويضم المسجد ٤ مآذن كل منها بارتفاع 94.5 متر، بجانب قبة رئيسية بقطر 33 مترا وارتفاع 50 مترا و4 قباب ثانوية.

“ميلاد المسيح”

وعلى بعد نحو 12 كيلومترا من المسجد أقيمت كاتدرائية ميلاد المسيح والتي تعد الأكبر في الشرق الأوسط، على مساحة  ٦٣ ألف متر مربع ما يعادل ١٥ فدانا، وتتكون من أكثر من مرحلة، المرحلة الأولى عبارة عن الكاتدرائية على مساحة 7500 مترمربع، وتتضمن مقرا للصلاة يسع لنحو 12 ألف مواطن، وتبلغ مساحتها 4 أضعاف الكاتدرائية المرقسية بالعباسية.

وتضم الكاتدرائية، أيضا، كنيستين “الأولى كبرى علوية تتسع لـ٧٥٠٠ مصل، وكنيسة صغرى سفلية تتسع لـ١٢٠٠ مصل، وكنيسة أخرى تسمى كنيسة الشعب وتسع لـ١٠٠٠ مصل، ما زالت تحت التصميم.

ربما يعجبك أيضا