انتهاكات الإيغور وهونج كونج في مرمى العقوبات البريطانية

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

مشاحنات وتوترات في العلاقات البريطانية الصينية، على خلفية القانون المثير للجدل في هونج كونج وانتهاكات الصين بحق أقلية الإيغورالمسلمة، انتهاكات دفعت بريطانيا لإدانتها والسعي لفرض عقوبات على بكين، لترد الأخيرة بالرفض والاستهجان من الموقف البريطاني وتدخله في الشؤون الداخلية للصين، وسط تصعيد بلغ حد فرض عقوبات على بكين التي هددت بالرد الحاسم عليها.. فهل تتمكن بريطانيا من اتخاذ إجراءات أحادية ضد الصين مثلما فعلت الولايات المتحدة؟ أم سيكون للمصالح الاقتصادية والتجارية رأي آخر!
قانون هونج كونج

بعد إعلان الصين تطبيق قانون جديد يتعلق بالأمن القومي الشهر الماضي، انتقدت بريطانيا ودول أخرى القانون، ويفترض أن يعلن وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب مجموعة تدابير مشابهة لتلك التي أعلنتها الولايات المتحدة وكندا وأستراليا.

ويفترض أن تشمل التدابير تعليق معاهدة لتسليم مطلوبين، بعدما زادت حدة التوتر بين هونج كونج والصين مؤخرًا بسبب مواضيع عديدة.

وفي حال تعليق المملكة المتحدة لمعاهدة تسليم المجرمين مع الصين، فهذا يعني أنها اختارت أن تصبح ملاذا آمنا للمتظاهرين المؤيدين للديمقراطية في هونج كونج.

وكانت الحكومة البريطانية قد أعلنت أن المملكة المتحدة ستوسع حقوق الهجرة لتسهيل منح الجنسية البريطانية لسكان هونج كونج، معتبرة أن قانون الأمن القومي الجديد الذي فرضته الصين فيها يعد “انتهاكًا واضحًا” لاستقلالية المستعمرة البريطانية السابقة.

انتهاكات الإيغور

من جهة أخرى، اتهم وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب الصين بارتكاب انتهاكات “جسيمة وفادحة” للحقوق الإنسانية لسكانها من الإيغور المسلمين، لافتَا إلى أنه لا يمكن استبعاد فرض عقوبات على المسؤولين الصينيين.

وقال راب إن التقارير حول العقم القسري واضطهاد الأقلية المسلمة “تذكرنا بشيء لم نره منذ فترة طويلة”، مؤكدًا أن بريطانيا ستعمل مع حلفائها لاتخاذ الإجراءات المناسبة.

وتقول واشنطن ومنظمات دولية لحقوق الإنسان إن هناك أكثر من مليون مسلم أكثرهم من الأيغور، محتجزون في مخيمات في شينجيانغ، تقول عنها السلطات الصينية إنها “معسكرات لإعادة التعليم”.

فيما دعا العديد من الإيغور المنفيين المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي للتحقيق في قيام الصين بجرائم ضد الإنسانية، وقدموا ملفًا كبيرًا اتهموا فيه بكين بانتهاك الحقوق بما في ذلك العقم القسري بهدف عدم الإنجاب.

وفي وقت سابق، نفت الصين وجود تلك المعسكرات، قبل أن تدافع عنها واصفة إياها بأنها إجراء ضروري ضد الإرهاب، بعد “العنف الانفصالي” في منطقة شينجينانغ.

بريطانيا والعقوبات

وعلى إثر تلك الانتهاكات، هناك دعوات متزايدة من بريطانيا لفرض عقوبات، مثل تجميد الأصول وحظر السفر، على المسؤولين الصينيين المرتبطين باضطهاد الإيغور.

ولدعم هذه الخطوة، جُمعت عريضة تضم أكثر من 100 ألف توقيع، ما يعني أنه سيجري النظر في مناقشتها في مجلس العموم البريطاني.
ومؤخرًا، كانت بريطانيا قد اتخذت إجراءات ضد كبار الجنرالات في ميانمار (بورما)، الذين نظموا حملة العنف ضد مسلمي الروهنجيا، وضد الهيئات الكورية الشمالية المسؤولة عن معسكرات العمل القسري.

وقال راب إن ذلك أظهر أن بريطانيا مستعدة لاتخاذ إجراء من جانب واحد، وكذلك من خلال هيئات الأمم المتحدة، ولكن “ليس الأمر بسيطًا كأن تقرر اتخاذ إجراء صارم بشكل عشوائي ضد هذا أو ذاك”.

وأشار إلى أنه “عليك، مثلما فعلنا مع الروهنجيا وكوريا الشمالية، بناء قاعدة أدلة وهذا يستغرق وقتًا طويلًا لأنه يجب أن تحدد الضالعين بدقة ومسؤولية”.

ويضغط أعضاء في مجلس العموم عن حزب المحافظين الحاكم من أجل اتخاذ إجراءات ضد كبار المسؤولين في حكومة هونج كونج بعد فرض قانون أمني جديد، تقول بريطانيا إنه ينتهك الاتفاقيات الدولية التي تحمي الحريات.

ومن المقرر أن يطلع راب البرلمان على رد بريطانيا، وسط تكهنات بأنها ستلغي معاهدة تسليم المجرمين الحالية بينها وبين مستعمرتها السابقة.

كما خضعت بريطانيا مؤخرًا للضغوط الأمريكية وقررت إقصاء شركة هواوي الصينية العملاقة من المشاركة في تجهيز شبكة اتصالات الجيل الخامس في البلاد رغم تحذيرات بكين بالرد.

الصين تهدد

من جهته، حذرالسفير الصيني في بريطانيا ليو شياو مينغ، بالقول إنه إذا استهدفت بريطانيا – التي عرضت أيضًا حقوق الإقامة لثلاثة ملايين من سكان هونج كونج مؤهلين للحصول على جوازات سفر بريطانية – مسؤوليها، فإن بلاده سوف ترد عليها بشكل حازم.

ورفض مزاعم “التطهير العرقي” ضد الإيغور ووصفها بأنها بلا أساس، قائلا إنهم “يتمتعون بالتعايش السلمي والتناغم مع المجموعات العرقية الأخرى من الناس”.

وأضاف “لا يوجد ما يسمى بالعقم القسري الواسع الانتشار بين شعب الإيغور في الصين.. إن سياسة الحكومة تعارض بشدة هذا النوع من الممارسات”، وأصر على “أننا نتعامل مع كل مجموعة عرقية على قدم المساواة”.

وأضاف الدبلوماسي الكبير أن الولايات المتحدة فرضت عقوبات على مسؤولين صينيين، وفي المقابل فرضت الصين عقوبات على أعضاء بمجلس الشيوخ ومسؤولين أمريكان.

واستطرد ليو “لا أريد أن أرى هذا الانتقام الذي حدث بين الصين والولايات المتحدة، يحدث بين الصين وبريطانيا. أعتقد أنه يتعين على بريطانيا أن تكون لديها سياستها الخارجية المستقلة، بدلا من أن ترقص على الإيقاع الأمريكي، مثل ما حدث مع شركة هواوي”.

ربما يعجبك أيضا