انتهاك سافر جديد.. الطيران التركي يواصل عربدته في سماء العراق

حسام السبكي

حسام السبكي

بذرائع ومبررات عدة، تواصل تركيا إقحام نفسها، كلاعب “غير مرغوب به”، في منطقة الشرق الأوسط، في محاولة لفرض هيمنة، وملء فراغ، يوشك أن يصبح واقعًا، عقب انسحاب أمريكي متوقع في السنوات القليلة المقبلة، كان أبرزه في ليبيا، وقبله في سوريا، وحاليًا في العراق، والحجة هذه المرة، هي مكافحة حزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه أنقرة كـ”منظمة إرهابية”، مستبيحة في ذلك، أراضي دول الجوار العربي، ضاربة عُرض الحائط بكل الأعراف والمواثيق الدولية، في احترام سيادة الدول.

آخر الخروقات، كانت اليوم الثلاثاء، حيث تسببت طائرة تركية مسيرة، في قتل ضابطين بقوات حرس الحدود العراقي، في انتهاك سافر جديد، يُتوقع أن يكون له تأثير مباشر على العلاقات العراقية التركية.

انتهاك جديد

أعلن الجيش العراقي، عصر اليوم الثلاثاء، عن مقتل ضابطين بقوات حرس الحدود، بقصف جوي، شنته طائرة تركية مسيرة، “عن طريق الخطأ”، لسيارات تابعة للمؤسسة العسكرية، قرب بلدة سيدكان، شمال شرقي أربيل شنته طائرة مسيرة تركية شمال العراق.

وذكرت خلية الإعلام الأمني في بيان أن الهجوم وقع في منطقة سيدكان في شمال شرق العراق قرب الحدود التركية الإيرانية، ووصفته بأنه “اعتداء تركي سافر” من خلال طائرة مسيرة.

وأضافت أن الهجوم استهدف “عجلة عسكرية لحرس الحدود في منطقة سيدكان، وأسفر عن مقتل آمر اللواء الثاني حرس الحدود المنطقة الأولى وآمر الفوج الثالث اللواء الثاني وسائق العجلة”.

من جانبها، كشفت فضائية “سكاي نيوز عربية”، بأن الطائرة المسيرة التركية استهدفت قادة حرس الحدود العراقي فيما كانوا يعقدون اجتماعا مع مقاتلين في حزب العمال الكردستاني.

من ناحيتها، ذكرت وسائل إعلام كردية أن القصف التركي استهدف اجتماعا بين مسؤولين في حرس الحدود العراقي، من جهة، وآخرين من حزب العمال الكردستاني، من جهة أخرى.

مخلب النسر.. والعلاقات التركية العراقية

في منتصف يونيو الماضي، أطلقت تركيا عملية جوية باسم “المخلب – النسر” زعمت أنها تستهدف من خلالها مواقع حزب العمال الكردستاني داخل أراضي إقليم كردستان العراق، وبعد يومين بدأت حملة برية باسم “المخلب – النمر” في منطقة حفتانين في دهوك، وما زالت العمليات متواصلة حتى الآن.

وتزعم تركيا أن الهدف من تحركها العسكري هو الرد على هجمات شنها أو خطط لها عناصر “حزب العمال الكردستاني”، الذي تحاربه تركيا على مدار أكثر من 3 عقود داخل البلاد وخارجها.

وتوترت العلاقة بين أنقرة وبغداد، من جراء هذه العمليات العسكرية التركية، شمالي العراق، تحت ذريعة التصدي للمسلحين الأكراد.

وسبق أن استدعت بغداد مرتين السفير التركي احتجاجا على غارات لأنقرة على أراضيها.

وأسفرت عمليات القصف التركي المستمرة، عن خسائر كبيرة طال ممتلكات ومنازل المدنيين، كما أدت إلى تهجير أعداد كبيرة من سكان القرى الواقعة ضمن الإقليم العراقي.

لكن ما تسعى إليه تركيا، بحسب متابعين، هو تعزيز النفوذ وتثبيت القوات على الشريط الحدودي بين البلدين، رغم تحذيرات دولية ودعوات إلى ضبط النفس.

استنكار واسع.. وتحركات عاجلة

في أول ردود الأفعال، على الهجوم التركي السافر، دانت رئاسة الجمهورية العراقية، الثلاثاء، استهداف الطائرات التركية منطقة سيد كان، في إقليم كردستان.

وذكرت رئاسة الجمهورية العراقية، في بيان أن “الخروقات العسكرية التركية المتكررة للأراضي العراقية تعد انتهاكاً خطيراً لسيادة العراق ومخالفة صريحة للقوانين والمواثيق الدولية وعلاقات حسن الجوار، ونحن نشجب هذه الأعمال العدوانية التي أسفرت عن استشهاد عدد من المواطنين الأبرياء إضافة إلى ضباط من حرس الحدود الأبطال”.

ودعت رئاسة الجمهورية إلى “الإيقاف الفوري لهذه الاعتداءات، والجلوس إلى طاولة الحوار والتفاهم لحلّ المشاكل الحدودية بين البلدين الجارين وبالطرق والوسائل السلمية وبما يحفظ أمن واستقرار المنطقة”.

وختمت الرئاسة بيانها: “الرحمة للشهداء والصبر لذويهم والشفاء العاجل والتام للمصابين”.

من جانبه، أكد النائب الأول لرئيس مجلس النواب حسن كريم الكعبي، أن “الاعتداءات” التركية على سيادة العراق تلحق الضرر بالعلاقات التاريخية بين العراق وتركيا بشكل كامل، داعياً مجلس الأمن الدولي إلى التدخل “العاجل” لوقف “الانتهاكات” التركية.

وكان مجلس وكلاء الأمن الوطني العراقي، المكون من وزارات الخارجية والعدل والداخلية والاستخبارات وهيئات أخرى، قد ناقش في جلسته الرابعة، اليوم الثلاثاء، “التجاوزات التركية” على الأراضي العراقية، وتواجد القوات الأجنبية في العراق.

وأكد المكتب الإعلامي لمستشار الأمن الوطني، قاسم الأعرجي، الذي ترأس الجلسة، في بيان اليوم “ناقش المجلس التجاوزات التركية على  الأراضي العراقية”.

وأضاف “الأعرجي أوضح رؤية الحكومة في كثير من القضايا المطروحة للنقاش، ومنها تواجد القوات الأجنبية في العراق”.

هجمات سابقة

رغم التنسيق المستمر، والعلاقات الإيجابية التي تجمع تركيا بالتحالف الدولي، إلا أن الأخير لم يسلم من بطش الأتراك.


ففي وقت سابق قالت مصادر أمنية، إن انفجارين على الأقل أصابا مركبات تحمل إمدادات لقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة في العراق خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، وقع الأول، مساء أمس الإثنين، قرب الحدود الجنوبية مع الكويت والثاني، اليوم الثلاثاء، شمالي بغداد.

ولم يسفر الانفجاران عن خسائر في الأرواح لكن تسببا في وقوع أضرار مادية، ويجيئان إثر سلسلة وقائع مشابهة في الأسابيع الأخيرة.

وقال الجيش إن هجوما في جنوب العراق يوم الأحد أصاب قافلة تحمل إمدادات لقوات التحالف.
 
يُشار إلى أن آلاف من أفراد القوات الأمريكية يتمركزون في العراق ويقودون التحالف الذي تتمثل مهمته في محاربة مقاتلي تنظيم داعش.


واستنكر الكعبي بشدة، في بيان، “تمادي القوات التركية بعدوانها”، وكان آخرها ما حدث اليوم من قصف لعجلة عسكرية تابعة لحرس الحدود العراقي بمنطقة سيدكان بمحافظة أربيل والذي تسبب بمقتل آمر اللواء الثاني حرس حدود المنطقة الاولى، وآمر الفوج الثالث / اللواء الثاني ومرافقهم.
 
الكعبي، طالب الحكومة باستدعاء السفير التركي وتسليمه رسالة احتاج شديد اللهجة، مشدداً على أن “تكرار التجاوزات التركية تعد انتهاكاً صارخاً” لجميع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقوانين الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، داعياً مجلس الامن الدولي بالتدخل “العاجل” لوقف الانتهاكات المتكررة والتأكيد على احترام مبادئ حسن الجوار.

ربما يعجبك أيضا