بطلها أجسام مجهولة تحلق في الفضاء.. لعبة مخابراتية بين أمريكا والدول العظمى

شروق صبري

كثفت وزارة الدفاع الأمريكية، البنتاجون، ووكالات الاستخبارات، دراستهم حول الغزو غير المبرر، لأجسام مجهولة الهوية للأجواء الأمريكية، ولكن السؤال: هل تعلم أمريكا طبيعة الأجسام وتخفي حقيقتها عن الشعب الأمريكي؟


حاول مسؤولو البنتاجون والمخابرات الأمريكية معرفة هوية ثلاثة أجسام طائرة مجهولة الهوية، أسقطتها المقاتلات الأمريكية بالصواريخ فوق ألاسكا وكندا وميتشيجان.

وقد جرى هذا منذ يوم 10 حتى 12 فبراير 2023. وتوصل البيت الأبيض إلى أن التفسير المرجح بين مسؤولي المخابرات الأمريكية حول الأجسام الثلاثة، هو أنها ليست خطيرة. وهو أقصى ما ذهبت إليه الإدارة في وصف الأجسام التي لم تحدد هويتها بعد.

احتواء التكهنات

حسب شبكة “سي إن إن” الأمريكية، أسقطت الأجهزة الجوية الأمريكية الأجسام الغامضة الثلاثة في مناطق تابعة للحكومة الفيدرالية، خلال الأيام الماضية. ولم تكن الإدارة الأمريكية قادرة على أن تفصح عما كانت تقوم به الأجسام المجهولة، أو من أين أتت، أو حتى المجال الذي كانت تعمل فيه.

وهذه الأحداث فتحت المجال لافتراضات بشأن الأجسام الغامضة. ووفقًا للشبكة الأمريكية، حاول البيت الأبيض احتواء الافتراضات الغريبة، وسعى لتهدئة المخاوف من أن الأجسام خرجت من دولة معادية أو حتى من الفضاء الخارجي. وأشار مسؤول كبير في البيت الأبيض إلى أنها غير مؤذية على الإطلاق.

الصين وأمريكا 1140x570 1
لا علاقة لها بالصين

نقلت “سي إن إن” عن منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي جون كيربي قوله إن: “مجتمع الاستخبارت الأمريكي توصل إلى أن هذه الأجسام مجرد مناطيد مرتبط بعضها ببعض لأغراض تجارية مفيدة”.

واستبعد كيربي احتمال أن تكون الأجسام ملكًا للحكومة الأمريكية، قائلًا إنه “لا يوجد حاليًّا ما يشير إلى أنها مرتبطة ببرنامج منطاد التجسس الصيني، الذي تصدر المشهد، بعد أن أسقطت أمريكا منطاد التجسس الصيني يوم 4 فبراير الحالي”.

لا تهدد الشعب الأمريكي

حسب الـ”سي إن إن”، قال أعضاء مجلس الشيوخ، بعد جلسة سرية حول الأجسام المجهولة، إنهم اطمأنوا بعد أن سمعوا من مسؤولي الإدارة أن هذه الأجسام لا تمثل تهديدًا للشعب الأمريكي.

وقال السيناتور عن ولاية يوتا، ميت رومني: “يوجد الكثير من هذه الأشياء التي تنتشر في الهواء من وقت إلى آخر، بعضها تجاري وبعضها حكومي، وربما يوجد بعض الأشياء التي لا نعرفها”، مضيفًا أنه “لم يعد قلقًا، لأن الأجسام نفسها لا تمثل تهديدًا للشعب الأمريكي”.

أهمية العثور على الحطام

حسب الشبكة الأمريكية، قال كيربي: “لا يوجد في الوقت الحالي أي دليل يؤكد أن الأجسام كانت تجمع معلومات استخباراتية من أي حكومة أخرى”، موضحًا أن “العثور على الحطام سيكون ذا قيمة هائلة من حيث القدرة على تحديد ماهية هذه الأجسام، والغرض منها”.

وأوضح كيربي أن: “الظروف الجوية القاسية جدًّا، فضلًا عن الجغرافيا أعاقت عملية استعادة حطام الأجسام المجهولة، لذلك اعتمدت الحكومة على المعلومات والخبرات من إدارة الطيران الفيدرالية ومجتمع الاستخبارات في جمع معلومات حول الأجسام الغامضة”.

2023 2 12 22 10 17 152
حسم التكهنات

من جانبه أوضح البيت الأبيض أنه لا يمكن الجزم بأن الأجسام الثلاثة التي أسقطت كانت تتمتع بقدرات مراقبة أم لا، وأكد عدم وجود كائنات فضائية أو نشاط خارج كوكب الأرض، تسبب في ظهور هذه الأجسام.

وفقًا لـ”سي إن إن”، فإن هذه التصريحات خرجت لحسم التكهنات المستمرة حول أصل الأجسام، التي لم يعثر عليها المحققون، بسبب الظروف الصعبة التي هبطت فيها، بالإضافة إلى أن مسؤولي الإدارة أكدوا عدم قدرتهم على استعادة الحطام بالكامل.

الأجسام معروفة

من جانبها قالت صحيفة “نيويوك تايمز” الأمريكية إنه “إذا كانت الحقيقة معروفة بالنسبة للأجسام المجهولة، فمن المؤكد أنها لم تعلن بعد”. وتؤكد الصحيفة أنه بعد إسقاط منطاد التجسس الصيني، طورت قيادة الدفاع الجوي في أمريكا الشمالية، نظام الرادار لجعله أكثر حساسية.

ووفقًا للصحيفة الأمريكية، فإن الأجسام لم تظهر فجأة، بل ظهرت في أعقاب منطاد التجسس الصيني، وهو ما يؤكد أن الجيش الأمريكي بات شديد اليقظة في تحديد بعض الأجسام التي تدخل المجال الجوي الأمريكي، التي كان من الممكن السماح لها في السابق بالمرور دون إسقاطها.

تكهنات متداولة

حسب “نيويورك تايمز”، فإنه لم يستبعد المسؤولون الأمريكيون النظريات القائلة بإمكانية وجود المزيد من الأجسام، حاليًّا، في حين يعتقد مسؤولون آخرون أن الأجسام يمكن أن تكون من الصين، أو قوة أجنبية أخرى، وقد تهدف إلى اختبار قدرات الكشف بعد مناطيد التجسس.

ونقلت الصحيفة عن أحد المسؤولين قوله إنه لم يتوقع أحد أن تكون هذه الأجسام صنعت في أمريكا، وإن إدارة بايدن تحاول إيجاد طريقة لموازنة ما يجري في المجال الجوي الأمريكي.

تقارير صادمة

حسب نيويورك تايمز، قالت أجهزة المخابرات الأمريكية الشهر الماضي، إنه من بين 366 جسمًا مجهولًا، حددت 163 في ما بعد على أنها مناطيد، وقالت وثيقة سرية حصلت عليها الصحيفة، إن حادثتين على الأقل كانتا في قواعد عسكرية أمريكية، يمكن أن تكونا أمثلة على التكنولوجيا الجوية المتقدمة، التي ربما طورتها الصين.

وحسب الصحيفة الأمريكية، فإن النظرية الأكثر إثارة للقلق التي يدرسها المسؤولون الأمريكيون، هي أن الأجسام التي ترسلها الصين أو روسيا أو أي قوة أخرى، تأتي في محاولة لمعرفة المزيد عن الرادار الأمريكي أو أنظمة الإنذار المبكرة، أو لاختبار قدرات جمع المعلومات الاستخباراتية الأمريكية.

الأجسام ليست تابعة للصين

حسب “نيويورك تايمز”، أدى الكشف عن منطاد التجسس الصيني، إلى أزمة دبلوماسية بين الصين والولايات المتحدة، فقالت بكين إنه من حقها الرد بدرجة أكبر.

وفي إثر ذلك، ذكرت صحيفة صينية أن السلطات البحرية المحلية في مقاطعة شاندونج على الساحل الشرقي، رصدت “جسمًا طائرًا غير معروف” في المياه قرب مدينة ريتشاو، وكانت تستعد لإسقاطه لكنها لم تفعل ذلك.

وتشير “نيويورك تايمز” إلى أن المسؤولين في بكين يريدون الحد من التوترات بشأن منطاد التجسس، ما دفع بعض المسؤولين الأمريكيين للقول بأن الأجسام المجهولة ليست استفزازات أو اختبارات صينية متعمدة.

لماذا تخفف أمريكا من خطورة الأجسام؟

توقع خبير العلاقات الدولية، الدكتور أيمن سمير، في تصريحاته لشبكة رؤية الإخبارية، أن تكون هذه الأجسام تابعة لأجهزة مخابرات، سواء واشنطن أو الصين أو روسيا أو الهند، موضحًا أن أمريكا تحاول أن تخفف من تأثير خطورة الأجسام المجهولة لأسباب داخلية، تتعلق بالصراع بين الجمهوريين والديمقراطيين.

وأوضح سمير أن الجمهوريين انتقدوا الرئيس الأمريكي جو بايدن والإدارة الديمقراطية، لأنهم تعاملوا مع الاجسام المجهولة بتراخٍ، وسط مؤشرات تؤكد أن هذه الأجسام تلحق ضررًا كبيرًا بالأمن القومي الأمريكي، فمنطاد التجسس الصيني حلق فوق ولايات معروف أن بها مخزونًا من الرؤوس النووية، ومخزونًا للطائرات الاستراتيجية “بي-52”.

لعبة مخابراتية

قال خبير العلاقات الدولية، الدكتور أيمن سمير، في تصريحاته لـ”رؤية”، إن أمريكا تحاول أن تخفف من خطورة الأجسام المجهولة لسببين:
الأول: عدم إعطاء الجمهوريين ورقة انتخابية بأن الحكومة تتعامل بضعف، سواءً مع الصين أو أي جهة أرسلت الأجسام المجهولة لأمريكا.

والسبب الثاني: قد تكون هذه لعبة مخابراتية بين المخابرات الأمريكية ومخابرات الدول أخرى، فكما أن واشنطن ترسل أجسامًا غريبة لهذه الدول ترسل أيضًا هذه الدول أجسامًا لأمريكا، وما يدلل على ذلك أن الصين نفسها أعلنت أن منطاد التجسس تابع لها، كما أن الولايات المتحدة أرسلت فى عام  2022، ثلاثة مناطيد للتجسس على الصين نفسها.

الأجسام ليست خطيرة

استبعد خبير العلاقات الدولية، أن تكون الأجسام المجهولة قادمة من مجرات أخرى، ولكنه أكد أن هذه الأجسام قدرتها على جمع المعلومات أو اعتراض إشارات الاتصالات داخل أجهزة الأمن القومي الأمريكي ضعيفة للغاية، لأن الأطراف الأخرى مثل الصين وروسيا لديهما أجهزة أكثر تقدمًا للتجسس على أمريكا مثل الأقمار الصناعية.

image 13
وأوضح أنه يوجد عامل آخر، تعتمد عليه أمريكا للحد من هلع الأمريكيين، وهو أن هذه الأجسام ليس لها أي مخاطر ملموسة، فلم تسقط على مناطق مأهولة، ولم يثبت أي طرف أنه استفاد منها أو أضر بها الآخرين، ولذلك تحاول الإدارة الأمريكية الاستفادة من هذه العوامل للتخفيف من هلع الناس.

وتابع خبير العلاقات الدولية، بأن أمريكا تسعى لأن تستعين بها الدول الأخرى لإسقاط الأجسام المجهولة لديها، وهو ما حدث عندما استعانت بها كندا لإسقاط الجسم الطائر لديها، موضحًا أنه لو كانت هذه الاجسام خطيرة ما ذهب رئيس الوزراء الكندي بنفسه إلى مكان إسقاط الجسم المجهول.

ربما يعجبك أيضا