بعد أسابيع من ظلام كورونا.. الإيطاليون يخرجون إلى النور

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

بعد أسابيع من الإغلاق للحد من انتشار فيروس كورونا، خرج الإيطاليون إلى الشوارع، وعادت الحياة إلى طبيعتها مرة أخرى تدريجيًا، في “المناطق الحمراء” التي تعد من المناطق الأكثر تضررًا من الجائحة.

ومع بدء إيطاليا عملية تدريجية وبطيئة لرفع إجراءات عزل عام، مستمرة لأطول فترة في القارة الأوروبية، عادت المصانع لبدء تشغيل خطوط إنتاجها، واحتضن الأجداد أحفادهم، وسارع الأطفال الصغار في حماس للمتنزهات.

وبعد ما يقرب من 29 ألف وفاة، منذ ظهر فيها المرض في 21 فبراير، بدأت الحكومة الإيطالية الإثنين الماضي، في رفع بعض القيود بحذر، بينما أبقت الكثير منها قيد التطبيق، بعد أن شكا بعض المواطنين من الإجراءات شديدة الصرامة، بينما يخشى البعض من أن التراخي قد يؤدي لموجة جديدة من العدوى.

وبموجب القواعد الجديدة التي أعلنها رئيس الوزراء  جوزيبي كونتي، سمحت السلطات لنحو 4.5 مليون شخص بالعودة لأعمالهم، وباستئناف العمل في مواقع البناء، وعودة موظفي فيراري ولامبورغيني إلى مصانعهم كما سمحت أخيرا بالتئام شمل الأسر.

كما ستفتح المتاجر في غضون أسبوعين؛ وبالنسبة للمقاهي سمح لهم بتسليم الطلبات ووقف الزبائن يحتسونها على الرصيف، كما ستفتح الحانات ومصففي الشعر في يونيو، يمكن للإيطاليين ممارسة الرياضة بحرية والتنزه خلال أشعة الشمس في أواخر الربيع وزيارة الأقارب.

لكن لا تزال أغلب المتاجر مغلقة حتى 18 مايو، وستبقى المدارس ودور السينما والمسرح مغلقة حتى إشعار آخر.

ويشعر الإيطاليون بسعادة غامرة لاستعادة بعض مجريات حياتهم السابقة، تقول ماريا أنتونيتا غالوتسو، وهي جدة تصطحب حفيدها البالغ من العمر 3 سنوات للتنزه بعد أول مرة تراه منذ الإغلاق: “استيقظت في الخامسة والنصف صباحًا.. كنت متحمسة جدا”، بحسب صحيفة “الجارديان”.

وبالرغم من عودة بعض أشكال الحياة لطبيعتها، إلا أن الكثير من القيود رهن التطبيق، لمحاولة منع عودة المرض للانتشار بقوة في بلد هو الثاني في عدد الوفيات بعد الولايات المتحدة، كما يتعين على الإيطاليين الحفاظ على مسافات فيما بينهم.

وأكدت الحكومة الإيطالية، التي تواجه أسوأ كساد منذ الحرب العالمية الثانية، إنها لا يمكن أن ترفع القيود إلا بطريقة تدريجية، في ظل تسجيل أكثر من ألف حالة إصابة جديدة يوميًا.

وفي حديث لصحيفة “كورييرا ديلا سيرا” الإيطالية، قال رئيس الوزراء جوزيبي كونتي: “إذا أردنا أن نتجنب التراجع لخطوات مؤلمة للخلف، نحتاج الآن أكثر من أي وقت مضى للتعاون وحس المسؤولية واحترام القواعد من الجميع”.

وفتحت معاناة إيطاليا مع الفيروس التاجي، أعين القارة العجوز وحفزت صور وحدات العناية المركزة الكثيفة وتقارير وفاة العاملين في القطاع الطبي جميع أنحاء أوروبا، حيث تم وضع قيود على السكان.

 وفي يوم الأحد، أبلغت إيطاليا عن عدد قتلى يومي بلغ 174، وهو أدنى رقم منذ 10 مارس، مؤكدة أن الأسوأ قد انتهى.

يبرر هذا الاتجاه تخفيف القيود، ولكن مع دخول أوروبا مرحلة ما بعد إغلاق أزمة الفيروس التاجي، سيكون لدى إيطاليا المزيد من القصص التحذيرية لتقديمها.

 أثار التدرج في نهج ما بعد الإغلاق الذي اتبعه كونتي الغضب والقلق بالإضافة إلى الارتياح، وأظهر أحد الاستطلاعات أن 62 ٪ من الإيطاليين يعتقدون أنهم سيحتاجون إلى دعم نفسي في الفترة المقبلة، حيث تحاول الحكومة معالجة أزمة الصحة العامة والانهيار الاقتصادي في نفس الوقت.

ويقع على عاتق رئيس الوزراء الإيطالي الكثير من الضغوط الهائلة، ففي الربع الأول من العام، انكمش الاقتصاد الإيطالي بما يقرب من 5 ٪  وهو أكبر انكماش سجله مكتب الإحصاءات الوطنية على الإطلاق، كما انخفضت السياحة، وهي مصدر حيوي للإيرادات بنسبة 95٪.

في فلورنسا ومدن أخرى، قام مالكو الحانات الغاضبون، وأصحاب المطاعم وأصحاب الأعمال الصغيرة الأخرى بتسليم مفاتيح المتجر إلى رؤساء البلديات المحليين، بعد أن علموا أنهم لن يكونوا جزءًا من الموجة الأولى بعد الإغلاق.

قام نواب المعارضة، بقيادة ماتيو سالفيني، باحتلال البرلمان في 1 مايو، داعين إلى خروج أسرع من قيود الإغلاق، كما يوافق بعض أعضاء تحالف كونتي نفسه على أن السرعة يجب أن ترتفع.

في أزمة متعددة الأوجه، لن تكون هناك نهايات أنيقة أو قصص مرضية، ففي شهر مارس، كان هناك إعجاب بالتحدي الإيطالي الجماعي تحت الإغلاق، حيث وجد الناس طرقًا للتعبير عن الأمل والتضامن، عن طريق لافتات كتب عليها “كل شيء سيكون على ما يرام” بالإضافة إلى الغناء في الشرفات.

الآن وبعد أسابيع من الظلام خرج الإيطاليون إلى النور، ولكن أصبحوا يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة والاضطراب الاقتصادي الشديد، ويجب على رئيس الوزراء أن يجد طريقة لاتخاذ التدابير اللازمة لدعم الناس وإنقاذ الأعمال التجارية وسبل العيش، مع حماية بلاده من موجة ثانية من الإصابات والوفيات.

ربما يعجبك أيضا