بعد أن جردتهم من أبسط الحقوق.. الصين تواصل طمس هوية الإيغور

أشرف شعبان

رؤية – أشرف شعبان 

هدمت مساجدهم التي يصل عمر بعضها إلى مئات السنين وأغلقت الآلاف منها ومنعتهم من الصلاة أو الصوم أو ارتداء الحجاب، ورغم أن مخزونهم النفطي ضخم جدا إلا أنهم يعيشون في فقر في أكبر معسكر اعتقال عرفته البشرية، فمن هم الإيغور الذين تضطهدهم الحكومة الصينية.

الإيغور، قومية من أسيا الوسطى يبلغ عددهم 11 مليون نسمة، يتحدثون اللغة الإيغورية المنحدرة من اللغة التركية وتكتب بحروف عربية، بينما لا يجيد معظمهم الصينية، جميعهم من المسلمين السنة الذين كانوا يعيشون في دولة مستقلة تدعى تركستان الشرقية، لكن الصين احتلتها عام 1949م، وغيرت اسمها إلى شنغيانغ، ومعناها بالصينية “الحدود الجديدة”.

ومنذ ذلك الحين عملت الصين على نقل أبناء قومية “هان” الصينية إلى إقليمها الجديد، فأصبح الإيغور اليوم شبه أقلية في وطنهم، يشكلون ما نسبته 45% فقط من سكان هذا الإقليم الذي يتمتع بحكم ذاتي.

شرب الخمر وأكل لحم الخنزير

إلى جانب ذلك أجبرتهم الحكومة الصينية على الاحتفال بالأعياد الصينية، كرأس السنة الصينية وممارسة طقوسها التي تتضمن شرب الخمر وأكل لحم الخنزير لإثبات اندماجهم بالثقافة الصينية تجنبًا للعقوبات التي تشمل الإرسال لمعسكرات ضخمة أنشأتها الحكومة الصينية بحجة مكافحة التطرف وسمتها “معسكرات إعادة التثقيف”.

وبحسب الأمم المتحدة بلغ عدد المعتقلين فيها نحو مليون مسلم، بينما يؤخذ أطفال إلى دور الأيتام التي تديرها الدولة، أما بقية العوائل التي لم تعتقل فتخضع لنظام مراقبة بالكاميرات توضع في منازل الإيغور وشوارعهم ومطاعمهم وأماكن عملهم، إلى جانب تقنيات التعرف على الصوت والوجه وبرامج التجسس التي يجبرون على تحميلها في هواتفهم المحمولة وأخذ عينات من الحمض النووي لجميع الإيغور، إضافة إلى شبكات من الجواسيس المحليين الذين جندتهم الحكومة للوشاية بهم، فأصبح هذا الإقليم مسرحا لأشد العمليات الأمنية قمعا في العالم، فمباركة على الإنترنت بمناسبة دينية، كـ “عيد الفطر” قد ترسلك إلى معسكرات الاعتقال.

احتجاز مليون مسلم 

وتظهر وثائق حصل عليها الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين ونشرتها 17 وسيلة إعلامية في أنحاء العالم نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أن النظام المعتمد في مراكز الاحتجاز في شينغيانغ صارم، وأن بكين تتحكم في كل تفاصيل الحياة في المخيمات، حيث يتم احتجاز قرابة مليون من الإيغور وأبناء أقليات أخرى، أغلبيتهم من المسلمين.

وتستمر الصين في تلقي الانتقادات على خلفية عمليات الاحتجاز هذه، وتعترف باحتجاز من سمتهم “المتشددين والانفصاليين”، لإعادة تعليمهم واتهمتهم بإثارة الاضطرابات في المنطقة.

وقالت لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري إنها تشعر بالقلق إزاء تحول منطقة الإيغور إلى معسكر اعتقال هائل وسط صمت عالمي، في الوقت الذي تؤكد فيه الصين أنها ستستمر في “تدريب” مسلمي الإيغور داخل ما تعتبرها “مراكز للتدريب المهني”، في حين ترى منظمات حقوقية أنها “مراكز احتجاز”.

معاقبة مسؤولين صينيين 

ويأتي هذا الإعلان في أعقاب تسريب وثائق حكومية تتضمن تفاصيل مراقبة وسيطرة بكين على الإيغور في شينغيانغ، وبعد تصديق الكونغرس الأمريكي على مشروع قانون يدعو لفرض عقوبات على مسؤولين صينيين بعلاقة مع هذا الملف.

وأمام عاصفة الانتقادات التي تعرضت لها بكين، زعم مسؤول رفيع المستوى أن جميع من أرسلوا إلى ما تسميه الصين بمراكز التعليم المهني في إقليم شينغيانغ في غرب البلاد أكملوا دوراتهم وتخرجوا، وأن هناك أناسا يلتحقون بالمراكز وأناسا يخرجون.

وتأتي تعليقات المسؤول الصيني في أعقاب تمرير مجلس النواب الأمريكي لقرار يهدف إلى مواجهة اعتقال نحو مليون مسلم في مراكز إعادة تأهيل في شينغيانغ، تشبه السجون.

ولا يمكن التحقق من إطلاق سراح أي شخص من تلك المراكز، بحسب ما توحي به تعليقات ذاكر.


بلا رحمة

وكشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية منتصف الشهر الفائت أيضا معلومات تستند إلى أكثر من 400 صفحة من الوثائق الداخلية الصينية تفيد بأن الرئيس الصيني شي جين بينغ أمر المسؤولين بالتحرك “بلا أي رحمة” ضد النزعات الانفصالية والتطرف.

ووصف محتجزون سابقون المنشآت في شينغيانغ بأنها “معسكرات تلقين” في إطار حملة لمحو ثقافة الإيغور وديانتهم.

كما أفادت جماعات حقوق الإنسان ووسائل إعلام أجنبية بأن وثائق رسمية وصور الأقمار الصناعية تظهر أن المنشآت مجهزة وتدار مثل السجون.
 


ربما يعجبك أيضا