بعد “الموصل”.. هل يبقى “داعش” أم يبدأ “الهروب الكبير”؟

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

بات تنظيم الدولة في الموصل على وشك الهزيمة، لكن الحرب ضد داعش في العراق وسوريا والتى تصب في مصلحة قوات التحالف لا تعني انتهاء جذور الإرهاب من العالم فالصراعات الموجودة ساعدت على تغيير خارطة المنطقة ولكن يأتي السؤال هنا هل ستختفي داعش فجأة كما ظهرت وإلى أين ستذهب؟

انهيار الصفوف  

أعلنت وزارة الدفاع العراقية، نهاية تنظيم داعش الإرهابي في مدينة الموصل، شمالي البلاد، لتنتهي بذلك ثلاثة أعوام من سيطرة المتشددين على المدينة، وأوضحت الوزارة، أن وجود داعش في العراق انتهى إلى الأبد، قائلة إنه لم يعد ثمة خيار أمام متطرفي التنظيم سوى الاستسلام، بعد أن حدث انهيار كامل في صفوف داعش.

وانطلقت معركة الموصل في أكتوبر 2016، بدعم من التحالف الدولي لمحاربة داعش، لكن الكثافة السكانية للمدينة واتخاذ داعش للمدنيين دروعًا بشرية، أعاق تقدم القوات العراقية، وتشيرُ التقديرات إلى أن قرابة 350 ألف شخص نزحوا من الموصل، بسبب المعارك الضارية، ويعيشون أوضاعًا صعبة بعيدة عن بيوتهم.

أين المفر؟

أظهرت أحدث خريطة للموصل نشرتها خلية الإعلام الحربي العراقية أن وجود داعش بات منحصرًا في نقطة صغيرة جدًا بعد أن أعلنت بغداد  نهاية “دويلة الباطل الداعشية”.

وكتبت خلية الإعلام  على مواقع التواصل الاجتماعي: “أنه بتحرير حي الشفاء بالكامل أصبحت المقولة الشهيرة “نحن أمامكم والنهر خلفكم فأين المفر” تنطبق على داعش، لم يبق لداعش خيار سوى الموت أو الاستسلام”.

وكانت القوات العراقية قد استعادت جامع النوري الكبير حيث كان الظهور العلني الوحيد لزعيم التنظيم أبو بكر البغدادي.

الأجانب يفرون

دفعت الهزائم المتتالية التى نالت داعش في الأشهر الأخيرة بالعراق وسوريا ، عددا من مسلحيه الأجانب إلى الفرار نحو الحدود التركية.

وقالت صحيفة “الجارديان” البريطانية، إن “عددا كبيرا من المسلحين الأجانب” تخلوا عن القتال في صفوف داعش بسوريا، وحاولوا الوصول إلى الأراضي التركية ، ورصدت إقدام شخصين يحملان الجنسية البريطانية وثالث أمريكي، على الفرار من صفوف “داعش سوريا”، الذي خسر مناطق واسعة كانت تحت سيطرته، وباتت عاصمته الرقة تحت حصار من قوات مدعومة من الولايات المتحدة التي تقود تحالفا دوليا ضد التنظيم المتشدد.

ونقلت الصحيفة عن مصادر قولها، إن ستيفان أريستيدو، الذي يتحدر من شمال لندن، وزوجته البريطانية والأمريكي كاري كليمان من فلوريدا، استسلموا لقوات حرس الحدود التركية، وذلك بعد نحو عامين على الانضمام لداعش في سوريا.

ووفق التقرير الذي استند إلى معلومات استخباراتية وأمنية، فإن العشرات أيضا من المقاتلين الأجانب هربوا من القتال تحت راية داعش، محاولين العبور إلى الأراضي التركية، حيث تم توقيف بعضهم من قبل حرس الحدود في حين نجح آخرون في التسلل إلى تركيا.

حرب بلا جثث

لا توجد  جثث لمقاتلي داعش، ولا صور لأسرى أو حتى مقاتلون أحياء يهرولون أو يقاتلون خلف السواتر الرميلة، حرب غير مسبوقة واستثنائية، الصور الموجودة  ماهي إلا لصور قتلى مدنيين وكأن الحرب من طرف واحد فقط .

جميع الأقمار الصناعية وشبكات التجسس والتطبيقات على الهواتف الذكية والكاميرات العالية الوضوح والجودة فشلت فى الإمساك، ولو بمقاتل واحد بعد الانتهاء من معارك مدينة الموصل في العراق والرقة في سوريا وفي غيرها من المدن المنكوبة في البلدين.

حرب جيوش وميليشيات ضد مقاتلين ينتمون غالبًا لـ”داعش”، لكنها بدون مقاتلين، فقط عدد قليل من الجنود أو الميليشيات يتحدثون إلى محطات التلفزة وإلى وسائل الإعلام أو عبر صفحات شبكات التواصل الاجتماعي.

حتى الصور التى تنشر على الإنترنت لم تؤكد أي مصادر صحتها، بل على العكس جرى التشكيك في صحة الكثير منها، ومن بينها صورة مقتل زعيم التنظيم أبوبكر البغدادي، وبالتحقق من صورة الجثة التي نشرتها مواقع إيرانية، تبين أنها صورة قديمة منذ سنوات لعنصر مجهول الهوية.

فرضيات تتحقق

العام الماضي نشر مركز “ستراتفور” الأمريكي للدراسات الاستراتيجية والأمنية تقرير أكد فيه داعش يعاني من أزمة تهدد وجوده، وذلك بعد سلسلة الهزائم التي مني بها التنظيم المتشدد في مناطق نفوذه، ولا سيما في معاقله بسوريا.

ورغم أن التقرير، الذي نشره المركز الأمريكي على موقعه الإلكتروني، أكد أن قدرات التنظيم باتت محدودة، فإنه حذر من أن يلجأ المتشددون للرد على هزائمهم بتكتيكات جديدة أشد إرهابًا.

كما اعتبر أن استمرار معاناة معظم السنة في سوريا من ما اعتبره “حرمان” سيساعد داعش وغيرها من التنظيمات المتشددة على إيجاد “موطئ قدم” في هذا البلد، الذي يشهد نزاعًا مسلحًا منذ 2011.

ومركز “ستراتفور” للدراسات الاستراتيجية والأمنية حرص على التحذير من أن خسارة داعش لمناطق واسعة ومصادر التمويل وأبرزها تهريب النفط، لا يعني قرب نهايته، لاسيما مع استمرار النزاع في سوريا.

واعتبر “ستراتفور” أن  هجمات قوات سوريا الديمقراطية وهي تحالف يضم مقاتلين سوريين عرب وأكراد، في منبج قرب الحدود التركية سيقطع آخر طريق رئيسي يربط داعش بالعالم الخارجي.

لكن التقرير أغفل الدور الذي عادة ما تقوم به أجهزة مخابرات مختلفة في إدارة “عمليات التنظيمات المتشددة” عبر اختراقها، وذلك لتنفيذ أجندة حكوماتها وأنظمتها التوسعية، في المنطقة العربية.

وبناء عليه، فإن نهاية داعش ليست مرهونة حصرا بحل النزاع السوري وأزمات المنطقة، بل ترتبط حتما بقرار من الدول الغربية والإقليمية غير العربية، بإحالته على التقاعد بعد أن يؤدي المهمة المرسومة له.

الدولة الداعشية

“أم تحسبين أمريكا أن الهزيمة فقدان مدينة أو خسارة أرض وهل انهزمنا عندما خسرنا المدن في العراق وبتنا في الصحراء بلا مدينة أو أرض وهل سنهزم وتنتصرين إذا أخذت الموصل أو سرت أو الرقة أو جميع المدن وعدنا كما كنا أول حال كلا إن الهزيمة فقدان الإرادة والرغبة في القتال وستنتصرين أمريكا ويهزم المجاهدون في حالة واحدة إذا ما استطعتِ انتزاع القرآن من صدور المسلمين”.

هكذا صاح “أبو محمد العدناني”، المتحدث باسم “الدولة الداعشية” عبر رسالة صوتية قبل مقتله قبل أشهر وكان الهدف من هذه الرسالة كما قال بعض المحللين، رفع معنويات مسلّحيه، بعد إلقاء التحالف الدولي منشورات على معقل التنظيم في الرقة السورية، لمطالبة سكان المدينة بمغادرتها.

بهذا الكلمات بكل ما تحمله من حماس وضخ جرعة لا بأس بها من القوة في نفوس المقاتلين، إلا أن الدواعش لا يعلمون جيدا أنهم لن يستقروا في المدن كما هو ظاهر فالصحراء هي البيت الآمن والذي إذا صح القول ستكون المنزل الأساسي إلى أن يحين موعد العودة مرة أخرى سواء أكان تحت مسمى “داعش ” أو أي مسمى آخر المهم في النهاية يقوم بدوره هو “الإرهاب”  .

ربما يعجبك أيضا