بعد صدمة الدينار.. أزمة البحرين تطفو على السطح وثلاثة أشقاء يتدخلون

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

هوى الدينار البحريني إلى أدنى مستوياته في 17 عامًا عند 0.38261 أمام الدولار الأمريكي في تعاملات أمس، وسط موجة بيعية في السوق الآجلة، حفزتها مخاوف من تنامي الدين العام للمملكة، كما هبطت أسعار السندات الدولية البحرينية بصورة ملحوظة، لكن سرعان ما خرج مركزي البحرين ليؤكد التزامه بربط العملة بالدولار عند سعر 0.37608، في رسالة للأسواق بأن ما يحدث مجرد أمر عارض، ولم تقف البحرين وحيدة أمام هذه الصدمة طويلا، إذ سارعت السعودية والإمارات والكويت إلى التعهد بدعم استقرار الاقتصاد البحريني.

يربط مصرف البحرين المركزي سعر صرف العملة الوطنية بالدولار عند 0.376 للدولار، لذا كان هبوطها أمس إلى أدنى مستوياتها في 17 عاما، مع ارتفاع عقود العملة الأمريكية أمام الدينار لأجل عام إلى 407.6 نقطة – وهو أعلى مستوى منذ سبتمبر  2016- بمثابة صدمة للأسواق، وأقرب لتسونامي إذ أعقبه تراجع السندات الدولارية السيادية للبحرين استحقاق 2023 بواقع 0.9 سنت إلى مستوى قياسي منخفض جديد عند 87.44 سنت، واستحقاق 2044 بمقدار 0.6 سنت، لتقفز تكلفة تأمين ديون المنامة إلى مستوى قياسي جديد.

دعم ثلاثي

هذه الصدمة، استدعت التدخل العاجل من قبل السعودية والإمارات والكويت، والتي أعلنت، مساء الثلاثاء، في بيان مقتضب عن برنامج متكامل لدعم الاصلاحات الاقتصادية واستقرار المالیة العامة في البحرين، وذلك دون الإفصاح عن المزيد من التفاصيل.

صباح اليوم كشف عضو مجلس الشورى البحريني، بسام البنمحمد لـ”العربية”، أن هذا الدعم الثلاثي سيكون عبارة عن برنامج متكامل سيشتمل على تقديم ضمانات للبنك الدولي لمصلحة البحرين، ودعم المشاريع التنموية والاقتصادية في الدولة لمدة 5 سنوات، وأيضا على تمويل للمشاريع الإنمائية ودعم للموازنة العامة، موضحًا أن هذا البرنامج سيركز على تنويع مصادر الدخل، وإعادة توجيه برامج الدعم للمستحقين، واعتماد مصادر تمويلية جديدة، ودعم النمو الاقتصادي المستدام.

وتوقع أن يعطي هذا الدعم الخليجي دفعة قوية للاقتصاد البحريني للسير قدماً ببرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي بدأته المنامة، غير أن نقص الموارد المالية حال دون تنفيذ هذه الإصلاحات.

الدعم الخليجي ساعد الدينار خلال تعاملات اليوم على تعويض جزء من خسائره، إذ ارتفع إلى 0.37850 مقابل الدولار في السوق الفورية، كما تعافت أسعاره في السوق الآجلة، وانخفضت العقود الآجلة للدولار مقابل الدينار لأجل عام إلى 210 نقاط أساس من المستوى المرتفع البالغ 408 نقاط الذي سجلته أمس.

بداية التعافي

هذا التعافي للعملة الوطنية، شجع المستثمرين على إعادة شراء ديون البحرين، لينخفض العائد على السندات الدولية البحرينية المستحقة في أغسطس 2023 إلى 7.58 بالمئة من 8.95 بالمئة بالأمس، وإن كان لا يزال أعلى كثيرا من المستويات المسجلة مطلع هذا العام.

فيما ظلت تكلفة التأمين على ديون المنامة مرتفعة خلال تعاملات اليوم، بما يشير إلى أن الكثير من المستثمرين ما زالوا متشككين في قدرة البلاد على تحقيق الاستقرار لماليتها العامة في الأمد الطويل.

لكن مجموعة باركليز توقعت في تقرير تحليلي، أن تؤدي التعهدات الخليجية بالمساعدة إلى تهدئة مخاوف المستثمرين العالميين بشأن قدرة المملكة على الوفاء بالتزاماتها المستقبلية، إذ تعد السندات وإذون الخزانة أدوات دين يترتب عليها التزامات مالية حيال المستثمرين.

تحذيرات سابقة

خلال الشهر الماضي حذر صندوق النقد الدولي من أن المنامة بحاجة لإصلاح ماليتها العامة سريعا، مع ارتفاع الدين العام إلى 89 % من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2017، ومن المتوقع أن يتجاوز نسبة 100٪ من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2019، كما تتوقع البحرين هذا العام أن تبلغ الإيرادات 2.3 مليار دينار من بينها إيرادات نفطية بنحو 1.8 مليار دينار – يمثل النفط نحو 60% من عائدات الاقتصاد الوطني- بينما يبلغ الإنفاق 3.5 مليار دينار ليكون هناك عجز قدره 1.2 مليار دينار.

يقول المحللون إن أوضاع المالية العامة للبحرين تعد الأضعف بين دول مجلس التعاون الخليجي، لافتقادها الاحتياطيات النفطية والمالية الضخمة الموجودة لدى جيرانها، وخلال الأشهر الأخيرة استقرت الاحتياطات الخارجية لدى المركزي البحريني عند 2.1 مليار دولار، لتغطي ما يقارب 1.8 شهرا من الإيرادات فقط.
 
خلال السنوات الأخيرة الماضية وتحديدا مع الانهيار الذي شهدته أسعار النفط منذ 2014، اعتمدت السلطات البحرينية على الاقتراض الخارجي بكثافة، ما زاد من أعباء الديون الحكومية العامة لتصل إلى أكثر من 90% حاليا، وتقول مؤسسة كابيتال إيكونوميك – في تقرير نشره “مباشر” اليوم- إن المنامة ستضطر إلى الاستمرار في الاستدانة من أسواق الدين المحلية والعالمية لسدّ هذا العجز.

لكن التقرير توقع أن يتحسن هذا الوضع بحصول البحرين على الدعم الخليجي، الذي يتوقع أن يسهم في إنقاذ وضعها الاقتصادي وعودة الثقة للمستثمرين، موضحة أنه بدون هذا الدعم ستبقى أسواق العملة والسندات تحت الضغط.

ربما يعجبك أيضا