بعد 18 عاما على 11 سبتمبر.. رائحة الموت لم تفارق شوارع كابول

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

كانت “11 سبتمبر” لحظة فاصلة في العالم أجمع، حيث تغيَّر وجه العالم كلياً، ودخلت الولايات المتحدة أفغانستان عسكرياً للإطاحة بحركة طالبان الإرهابية وتنظيم القاعدة، لكن بعد قرابة عقدين تتفاوض معها حالياً من أجل الوصول إلى اتفاق سلام وسط أجواء متوترة.

“11 سبتمبر” كانت المحرك الرئيسي لغزو العراق عام 2003، وما تبعه من فوضى اجتاحت المنطقة وصراعات طائفية ومذهبية، فقبل الذكرى الـ18 لأحداث الحادي عشر من سبتمبر الدامي ، ألغى ترامب قمة كانت مقررة سرا مع قادة حركة طالبان الأفغانية، ووقف “مفاوضات السلام” الجارية معهم منذ عام في وقت بدت على وشك التوصل إلى اتفاق تاريخي ينهي النزاع.

حروب لا تنتهي

قبل عام أعطى ترامب الضوء الأخضر لعقد هذه المفاوضات المباشرة غير المسبوقة مع طالبان، وكانت المحادثات على وشك التوصل إلى اتفاق يسمح ببدء سحب القوات الأمريكية البالغ عددها 13 إلى 14 ألف عسكري تدريجيا من أفغانستان، على ان تتبرأ “طالبان” من تنظيم القاعدة وأن تتتعهد بمحاربة “داعش” وعدم تحويل أفغانستان إلى ملاذ آمن للإرهابيين، إضافة إلى دخولهم في مفاوضات سلام مباشرة مع سلطات كابول، وهو ما كان المتمردون يرفضونه حتى الآن.

وأعرب وزير الخارجية الأمريكي “مايك بومبيو” عن أمله في التوصل إلى تفاهم، حتى تبدأ المحادثات بين الأطراف الأفغانيين قبل موعد الانتخابات الرئاسية في أفغانستان في 28 سبتمبر.

وأعلن ترامب بشكل واضح أنه يريد سحب الجنود قبل خوضه انتخابات 2020، معتبرا أن هذا النزاع كبد الولايات المتحدة كلفة طائلة بالأرواح والأموال.

وهذا ما أثار مخاوف لدى قسم من المراقبين ومن الطبقة السياسية الأمريكية من أن يوقع الرئيس “اتفاقا سيئا”، سعيا منه لتسريع الأمور قبل خوض حملته الانتخابية، وذلك رغم الإجماع العام على ضرورة وضع حد للنزاع.

وحذر عدد من السفراء الأمريكيين السابقين في أفغانستان، من انسحاب عسكري تام قبل إحلال السلام فعليا في البلاد.

موقع ضعف

ذكر “ترامب” -في تغريدة له على “تويتر”- “أي نوع من الناس يقتلون هذا العدد من الاشخاص من أجل تعزيز موقعهم التفاوضي؟ لم يحققوا ذلك، بل جعلوا الأمور أسوأ”.

وأضاف: “كانوا في طريقهم إلى الولايات المتحدة هذا المساء”، لكن “ألغيتُ الاجتماع على الفور”.

وأوضح مبررا قراره “وضع حد لمفاوضات السلام” أن طالبان “اعترفوا للأسف باعتداء في كابول أسفر عن مقتل أحد جنودنا العظماء و11 شخصا آخر، سعيا منهم لتكثيف الضغط”.

وختم “إن لم يكن باستطاعتهم قبول وقف إطلاق نار خلال مفاوضات السلام هذه البالغة الأهمية، وهم في المقابل قادرون على قتل 12 شخصا بريئا، فهم على الأرجح لا يملكون الوسائل للتفاوض على اتفاق مجد” متسائلا: “على مدى كم من العقود يريدون الاستمرار في القتال؟”.

ومن ناحية أخرى قالت حركة طالبان: إن قرار الرئيس ترامب إلغاء محادثات السلام مع قادتها سيؤدي إلى إزهاق أرواح مزيد من الأمريكيين وخسارة مزيد من الأصول الأمريكية.

يقول “ذبيح الله مجاهد” المتحدث باسم الحركة في بيان: “سيعاني الأمريكيون أكثر من أي طرف آخر بسبب إلغاء المحادثات”.

وأضاف أن المحادثات كانت تجري بصورة سلسة حتى السبت الماضي، وأن الجانبين اتفقا على عقد محادثات بين الأفغان في 23 سبتمبر.

ومن جهته قال مكتب الرئيس الأفغاني “أشرف غني”: إن السلام الحقيقي لا يمكن أن يتحقق إلا عندما توقف حركة طالبان العنف وتجري محادثات مباشرة مع الحكومة.

انسحاب دون اتفاق

تقول “لوريل ميلر” -المسؤولة سابقا عن شؤون أفغانستان وباكستان في وزارة الخارجية الأمريكية بين 2013 و2017- “إن خطة عقد لقاء قادة طالبان سرا “هي مفاجأة كبرى”، “لماذا يتم إلغاؤه بسبب هجوم دام الخميس في كابول في حين ضاعف طالبان الاعتداءات مؤخرا؟ هذا غير واضح”.

واعتبر “مايكل كوغلمان” من مركز “ويلسون” للدراسات أن المشكلة تكمن في أن “الحكومة الأمريكية كانت على استعداد للتفاوض من موقع ضعف”.

وتساءل على تويتر “ترامب يريد مغادرة أفغانستان، فهل ينسحب حتى بدون اتفاق؟” متوقعا استئناف المفاوضات.

ذكر المحلل الأمريكي “كولين كلارك”، في مقال له بمجلة “فورين بوليسي” الأمريكية أنه بعد مرور 18 عاماً على هجمات سبتمبر الإرهابية، يبدو تنظيم القاعدة في وضع حرج، ومختلفاً جداً عما كان عليه يوم قتل آلاف الأمريكيين على التراب الأمريكي، متوقعاً أن يعمل عناصر من “داعش” و”القاعدة” على مواصلة التخطيط وتوجيه هجمات ضد أهداف فى أوروبا، وبحسب الكاتب، فإنه بعد مقتل مؤسس “القاعدة” أسامة بن لادن، وظهور ما عرف باسم “الربيع العربي”، بدأت “القاعدة” تبني استراتيجية معدلة، ولاحظ باحثون في مجال الإرهاب أن “القاعدة” بدأت السعي لتحقيق أهداف استراتيجية محددة مع التركيز على المحلية والتدرج في العمل، وأطلق على هذا التحول الاستراتيجي وصف “براجماتية منضبطة” و”صبر استراتيجي”، نجح فيها في سوريا ليحظى تنظيم “النصرة” بأكبر دعم شعبي مقارنة بفروع “القاعدة” الأخرى.

ربما يعجبك أيضا